تسهم السياحة الوافدة في زيادة الحراك التجاري والاقتصادي في المملكة، ويتوقع المتابعون لنشاط هذا القطاع أن يصل حجم الاستثمارات في سوق السياحة والسفر السعودية خلال العام الحالي إلى 150 مليار ريال سعودي، بواقع نحو 50 مليار ريال للسياحة الداخلية و100 مليار ريال للسياحة الوافدة. وشهدت السياحة الداخلية في المملكة تطورًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، حيث ارتفع حجم الانفاق في هذا المجال من 59 مليار ريال خلال العام 2010، إلى 103 مليارات ريال في العام 2014، مما أسهم بتعزيز دوره كمحفز للنمو الاقتصادي، يمكن إدراجه ضمن قائمة أبرز الفرص الاستثمارية المستدامة. وتشير التوقعات إلى إمكانية نمو حجم الاستثمارات السياحية في قطاع الفنادق والشقق الفندقية إلى ما يزيد على 95 مليار ريال خلال السنوات العشر القادمة. هذا وتشكِّل السياحة وبالذات لغرض الحج والعمرة، أحد أهم مصادر الدخل في المملكة، وأحد أكبر دعائم الاقتصاد نظراً لما تتميز به المملكة من خصوصية دينية تميزها عن سائر بلدان العالم بوجود الحرمين الشريفين، والمشاعر المقدسة التي يقصدها ملايين المسلمين من كل حدب وصوب لأداء فريضة الحج ومناسك العمرة على مدار العام، حيث بلغ عدد المعتمرين منذ بدء موسم العمرة لهذا العام اكثر من 7 ملايين معتمر حتى شهر رمضان 1435ه. وقد عزز توفر البنية التحتية اللازمة لإقامة أضخم الاستثمارات فرص النمو في قطاع الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين، إضافة إلى تأمين المرافق الأخرى التي تخدم تطور هذا القطاع. ومن المتوقع أن تستمر أعداد الحجاج في الزيادة، بحيث تصل إلى 5.2 ملايين بحلول عام 2025 بعد أن وصل عددها إلى مليونين عام 2013. ويعتمد تزايد أعداد الحجاج جزئيا على تزايد أعمال البنية التحتية مثل توسيع مطار جدة، والذي من المتوقع أن يتسع ليشمل 80 مليون شخص بحلول عام 2035. وسوف تؤدي الخطط الراهنة التي تهدف لتوسيع المسجد الحرام باتجاه الشمال الغربي والشمال الشرقي إلى ازدياد سعته لتضم أكثر من 2.5 مليون شخص، كما سيجري توسيع المسجد النبوي الشريف من الداخل والخارج، بحيث يضم ما بين 600 الف و1.6 مليون شخص عند الانتهاء من توسعته بحلول 2040. وفي هذا الإطار ذكر أنيس أحمد مؤمنة الرئيس التنفيذي لمجموعة سدكو القابضة: "مما لا شك فيه أنّ قيمة الاستثمارات المتوقعة في الفترة القادمة، ستحقق ارتفاعاً ملموساً مدفوعة بمشاريع بناء 100 برج فندقي بقيمة 18 مليار ريال سعودي بالقرب من المسجد الحرام في مكة المكرمة، والتي ستسهم في إضافة 24,480 غرفة فندقية في مكة وحدها، ويؤكد هذا التوجه التنموي أن قطاع السياحة بات يعتبر أحد أبرز مصادر الدخل في المملكة، ما يبرز عبر توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله بفتح باب العمرة طوال أيام العام، والتوسعات المستمرة للحرمين الشريفين، وذلك لاستيعاب عدد أكبر من الحجاج، وفي ظل تزايد أعداد المعتمرين، سيوفر هذا القطاع المزيد من آفاق النمو في مجالي الضيافة والفنادق اللذين سيشهدان تطوراً ملموساً خلال السنوات القليلة المقبلة"، وتهيمن الفنادق على ما نسبته 96% مما يقدم من خدمات في قطاع الضيافة في مكة. من جانبه قال زياد بن محفوظ الرئيس التنفيذي لمجموعة إيلاف، إحدى شركات مجموعة سدكو القابضة: "إن ما يساهم في جعل المملكة وجهة سياحية رائدة هو امتلاكها لجميع المقومات اللازمة للنجاح، والتي تشمل البنية التحتية المتطورة والمشاريع الرائدة، التي يعد من ابرزها مشروع مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، وهو المنفذ الرئيسي لمكة المكرمة، وتشمل قائمة المشاريع المتميزة استثمار 62 مليار ريال في تنفيذ مشروع "قطار الحرمين"، والذي يربط ما بين جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة، وذلك لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الزوار القادمين لزيارة الحرمين الشريفين". ويُعتبر قطاع الضيافة في المملكة من أبرز القطاعات الحيوية وأكثرها جذباً للاستثمارات، وستقدّم المملكة بحلول العام 2015 ما يقدر بنحو 381,000 غرفة فندقية جديدة تمثل زيادة قدرها 63% في إجمالي عدد الغرف المتاحة مقارنة بالعام 2010، نمو 127% مقارنة بالعام 2004، ما على الذي فرصاً متميزة لمحليين والدوليين ، مما يعزز بالتالي من مكانة المملكة كإحدى أبرز الأسواق الناشئة وأكثرها استقطاباً للاستثمارات الخارجية المباشرة في قطاعات الأغذية والفنادق والضيافة، نظرا للاهتمام الكبير الذي يحظى به هذا القطاع والجهد المتواصل والالتزام والدعم المتميزين من قبل الحكومة والقطاع الخاص، بهدف تعزيز وتطوير مقومات السياحة داخل المملكة. وحسب البيانات الصادرة عن سوق الضيافة السعودي، فإن المملكة بحاجة إلى ما يزيد على 100 ألف وحدة فندقية خلال العامين القادمين، وهناك خطط ومشاريع جار تنفيذها، بأكثر من 6 مليارات ريال لتوسيع القدرات الاستيعابية لقطاع الشقق الفندقية في المملكة، وذلك انسجامًا مع الخطط الحكومية الهادفة إلى تشجيع الاستثمار السياحي، الأمر الذي سيكون له انعكاسات كبيرة على مستوى جذب الاستثمارات والمستثمرين نحو هذا القطاع الواعد. ويعزى التطور المشهود في القطاع السياحي بالمملكة إلى العديد من المقومات التي تشمل تمتعها بالتراث العربي الإسلامي العريق الذي يبرز من خلال مواقعها الأثرية العديدة، فضلاً عما تحويه من مواقع ساحلية وجبلية وصحراوية خلابة، وآثار تاريخية تعود إلى ما قبل الإسلام مثل مدائن صالح.
مشاركة :