على ذمة الغامدي .. سنموت عطشا !

  • 10/6/2014
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

على قدر حجم الرسالة التي بعثها الدكتور الباحث محمد بن حامد الغامدي في لقائه المثير على إحدى المحطات التلفزيونية، وبرفقة محاور متميز كعبدالله المديفر، يجب أن يكون موقفنا (الفردي) و(الشعبي) و(الحكومي) من مادة لا يعادل قيمتها لا النفط بجلال قدره، ولا أي سائل كان يكتنزه جوف الكرة الأرضية. إنه الماء، الماء الذي دفع هذا الرجل، لأن يفني أكثر من نصف قرن من الزمان يلّوح بجرس إنذار الخطر القادم، مطالبا الجميع بالاستيقاظ من غفلة إهدارهم الماء، وتقصيرهم في ترشيده، وفوضاهم في استنزافه !! الحقيقة أن الصدق والحرارة والتضحية والبحة المخنوقة التي سمعناها تنبض في صوت الدكتور محمد حامد الغامدي في هذا اللقاء خاصة، وعبر سنوات بحثه عامة، تضعنا في مواجهة مباشرة ومصيرية مع الماء، حتى بات ذلك (البعبع) المخيف لمستقبلنا في الجزيرة العربية، فبتنا نحسب أن الغوارَ بنفطه، والنخيل بتمرها، والزيتون وزيته، والقمح وسنابله، والبحر وخيراته لن تعوّض كأسا منه إذا ما جفّ باطن أرضنا. وإذا أصبح العطش مصيرا محتوما لبقعة أهدرت الماء وأمعنت في القضاء على مقدراته، الأمر الذي يضاعف قيمة الرسالة التي بعثها الغامدي، وهو يعتصر سنينه وبحوثه وكتاباته في صرخة مدوية: "سنموت عطشا لامحالة". أعلم أن ثمة مواقف مضادة لموقف الدكتور الغامدي، وأدرك أن ثمة معترضين على نظريته ورؤيته الحالية والمستقبلية للماء في الجزيرة العربية. كما أدرك أن هذا الأمر وارد وطبيعي أن يكون الخلاف والتباين حاضرا حيالَ قضيةٍ ما، لكني في الوقت نفسه أدرك أهمية الأشخاص الذين يؤمنون بقضاياهم، ويحاربون من أجلها، لا عن عاطفة ومواقف متسرعة، بل عن علم وإدراك ومعرفة وبحث. فكم أحسست - كما أحسّ غيري من المتابعين - بأننا أمام رجل لا يعنيه المنصب ولا الدعاية ولا التفاخر ولا ما يبحث عنه الكثيرون من التباهي ولفت الأنظار، بل تعنيه القضية التي يناضل من أجلها، وأيّ قضية؟ إنها تخص ذلك السائل الذي نتعاطى معه في حياتنا اليومية ببدهية وبساطة ولا مبالاة في كثير من الأحيان. من هنا تأتي أهمية وقوة الرسالة التي وجهها الغامدي وناضل من أجلها، وأفنى كل هذا العمر فيها دون غيرها، فحتى وإن لم يقتنع البعض ببعض مقولات نظريته حول الماء هو في كل الأحوال من الرجال الذين حمّلوا أنفسهم رسالة العلم الشريفة، وأمانة الباحث الصادقة، وضمير العَالِم اليقظ. كما رسم صورةً نقيةً لأعلى درجات المواطنة، واستحق على هذا كله أن نرفع لمثله القبعة وننحني احتراما وتقديرا. بكل تجرد أقول : من الجميل لو اعتبرنا هذا اللقاء الاستثنائي، وتلك التصريحات الخطيرة ناقوس خطرٍ يحملنا جميعا مسؤولية مليارات المكعبات التي نستنزفها نحن وأبناؤنا من الماء، بحيث نبدأ بأنفسنا، لأننا - على حدِّ نظرية ( سنموت عطشا لامحالة) - نتحمل وزر ما نفعله في بيوتنا وممتلكاتنا الخاصة من هدر كبير دون وعي أو مسؤولية. فإن كان الغامدي رمى الكرة في ملعب المسؤولين والإدارات الحكومية، فعلينا كمواطنين أن نستشعر دورنا المتأمل منا في هذا الجانب، وأن نشارك الغامدي حملته من أجل قطرة ماء لأجيالنا القادمة، حتى لا تخرج الدِلاء جافة فارغة من آبارها في المستقبل القريب.

مشاركة :