في اليوم السادس للاحتجاجات في إيران، انتقدت بعض الصحف الألمانية النظام الإيراني ودخول ترامب على الخط، في حين وجه بعضها الآخر سهام النقد للسياسة الأوروبية. صحف أخرى رأت أن التكهنات حول انهيار النظام سابقة لأوانها. في هذا الصدد ذهبت صحيفة "دي فيلت" الألمانية بعيداً لتطالب بجعل الإطاحة بالنظام الإيراني هدفاً للسياسة الغربية تجاه طهران: "لا يمكن معرفة ما إن كانت الحركة الاحتجاجية في إيران قد تشكل تهديداً فعلياً لنظام الملالي، أو ما إذا كان سوف يتم قمعها بنفس الطريق الإجرامية كما حصل في انتفاضة عام 2009 (الثورة الخضراء). ولكن من الآن يمكن القول أن هذه الاحتجاجات قد دحضت كل محاولات أولئك الذين قللوا من قيمة تطلع الشعب المستعبد إلى الديموقراطية وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط إلى مجرد عامل سياسي. من فُضح هم الساسة من منتهجي "الواقعية السياسية" الذين راهنوا منذ 30 عاماً على دعم "جناح الإصلاح" الزائف في النظام الإيراني وعلى "لبرلة" تدريجية لنظام الحكم الإرهابي للجمهورية الإسلامية. وفي سبيل ذلك لم يخجلوا من ممارسة القوادة وتبيض صفحة النظام. وبالكاد لاح في الأفق في عام 2015 في سياق الاتفاق النووي تخفيف العقوبات المفروضة على النظام، سارع وزير الاقتصاد الألماني آنذاك زيغمار غابرييل إلى السفر إلى إيران لتأمين عقود مربحة للاقتصاد الألماني. واليوم، يعلن غابرييل كوزير للخارجية، التزامه بالاتفاق النووي كمصلحة جوهرية للسياسة الخارجية الألمانية (...). على غرار نظام الأسد الذي شوه سمعة حركة الاحتجاجات السلمية، في بدايتها، على أنها حركة جهادية، يحاول الحكام الإيرانيون الآن ربط حركة الاحتجاجات في بلادهم بتنظيم الدولة الإسلامية. ولا ينبغي لدعاية من هذا القبيل أن تعمي بصيرة الغرب مرة أخرى. إن ديناميكية حركة الاحتجاجات الإيرانية توضح وبشكل جلي أن النظام الديني الشمولي في الجمهورية الإسلامية نظام غير قابل للإصلاح. ولا يمكن أن يكون للسياسة الغربية هدف آخر سوى إسقاط هذا النظام". وعلقت صحيفة "تاغس شبيغل " الصادرة من برلين في نفس الاتجاه، مثنية على سياسة الرئيس الأمريكي تجاه طهران: "يبدو أن دونالد ترامب يشعر أن الاحتجاجات الحالية في إيران قد تتصاعد. منذ أيام يشجع ترامب المتظاهرين. تحليل الرئيس الأمريكي لمجرى الأمور ليس خاطئاً؛ إذ أن الشعب الإيراني جائع للطعام وللحرية. وإلى جانب انتهاك حقوق الإنسان، تُسرق ثروات البلد ورفاهه. وقد حان الوقت للتغيير. إنها كلمات واضحة. كلمات يتمنى المرء سماعها أيضاً من أوروبا. عندما طلبت "الحركة الخضراء" الدعم في عام 2009، تم التخلي عن الإيرانيين. ضيّع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فرصة ثمينة في فترة حكم الرئيس الأمريكي باراك أوباما. الإبرام المأمول به للاتفاق النووي كان يحتل سلم الأولويات. واليوم يُرجى عدم تكرار هذا الخطأ". في المقابل انتقدت صحيفة "راين تسايتونغ" الصادرة من مدينة كوبلنتس -وبشدة- تأثير ترامب: "المجتمع الإيراني متمزق بين الأمل والخوف: الشباب الحاصل على تعليم عال والمؤهل مهنياً، بالمقارنة مع نظرائه على المستوى الدولي، لا يجد عملاً. السبب الرئيسي هو العقوبات، المستمرة حتى بعد إبرام الاتفاق النووي، والتي جعلت الحياة صعبة للغاية. إلى جانب ذلك يزيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الآن الطين بلة". ومن جانبها، تعتبر صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" التكهنات حول انهيار النظام في إيران بأنها سابقة لأوانها: "أحد الخاسرين في الاحتجاجات هو الرئيس المعتدل حسن روحاني، الذي يواجه غضب العديد من الإيرانيين؛ إذ أن البركات الاقتصادية المأمولة من الاتفاق النووي لم تتحقق. كما أن ضغط المحافظين على روحاني يتزايد أيضاً (...) والتوترات في الشرق الأوسط بين إيران والمملكة العربية السعودية تضعف روحاني، لأن الحرس الثوري هو الذي بيده السلاح في إيران، وبالتالي هو من له الكلمة الفصل. الحرس الثوري هو رأس حربة التوسع الإيراني في العالم العربي؛ فهو من قام بفتح وتأمين الممر الإيراني الجديد للبحر الأبيض المتوسط عبر العراق وسوريا ولبنان. وجرى تداول أخبار عن أن أحد صواريخ الحرس الثوري قد أطلقها الحوثيون على العاصمة السعودية الرياض في كانون الأول / ديسمبر الماضي. باختصار: كل التكهنات التي تذهب إلى أن الاحتجاجات ستؤدي لانهيار النظام في طهران هي تكهنات سابقة لأوانها". ر.ز/ إ.م
مشاركة :