النساء المصابات بمرض السرطان في الجزائر يتعرضن للنبذ والإهمال في الوقت الذي يواجهن فيه صدمة العملية والعلاج المتعب.العرب [نُشر في 2018/01/03، العدد: 10858، ص(21)]الإهمال أسوأ بكثير من السرطان الجزائر - وجدت ليندا (50 سنة) نفسها مطلقة بعد زواج دام 18 عاما لا لشيء إلا لأنها اضطرّت إلى استئصال ثديها بعد إصابتها بالسرطان.. وتعاني الكثيرات مثلها في الجزائر من الإهمال بسبب هذا المرض الخبيث. تؤكد هذه الممرضة التي ساندها أولادها الثلاثة في محنتها أن “الإهمال أسوأ بكثير من السرطان في حد ذاته". فبعد العملية أصبح زوجها يصفها بأنها “نصف امرأة” أو بـ”المقطعة” كما راحت تروي بصوت متشنج رغم مرور سنوات على ذلك. خضعت زهرة لعملية استئصال الثدي في العام 2015، فوجدت نفسها مطلقة بعد 25 سنة من الزواج، وبلا أي مدخول. وتقول ربة المنزل هذه والبالغة من العمر 53 سنة “زوجي السابق كان مقيتا”. لا يقتصر هذا الوضع على ليندا وزهرة، “فالمئات من الجزائريات يتعرضن للإهمال من طرف أزواجهن بعد إصابتهن بسرطان الثدي” على ما تؤكد سامية قاسمي رئيسة جمعية “نور الضحى” لمساعدة مرضى السرطان. وتوضح أن هؤلاء النسوة يتعرضن للنبذ والإهمال في الوقت الذي يواجهن فيه صدمة العملية والعلاج المتعب “وتحدث إصابة بعضهن بانهيار عصبي” بينما “تنتهي أخريات في مراكز إيواء، لأنهن لا يجدن أي مكان يلجأن إليه بعد إهمال أزواجهن”.الحديث عن سرطان الثدي في الجزائر لا يزال صعبا إذ كل ما يتعلق بخصوصية المرأة يعد من المحرمات، والنساء يخجلن من مرضهن والحديث عن سرطان الثدي في الجزائر لا يزال صعبا إذ كل ما يتعلق بخصوصية المرأة يعد من المحرمات. والنساء اللواتي قبلن الحديث طلبن عدم نشر أسمائهن ورفضن الكشف عن وجوههن أمام أجهزة التصوير. وتوضح رئيسة جمعية “نور الضحى” إنهن “يخجلن من مرضهن حتى أن مريضة رفضت أن تحكي ما أصابها لأختها، وأخرى ارتدت الحجاب قبل أن تبدأ العلاج الكيميائي، حتى لا تنتبه عائلة زوجها لتساقط شعرها، بينما فضلت امرأة أن تموت بثدييها على قبول استئصالهما”. وتقول يمينة رحو الباحثة في مركز الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية في وهران (غرب)، إن هذا الشعور بالخجل “نابع من الألم بفقدان جزء من الجسد يرمز إلى الأنوثة". ويرفض كمال شكات عضو جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أي ربط بين الإسلام وهذه التصرفات. ويقول “هذه ليست مشكلة دينية بل مشكلة تربية” مضيفا “الإسلام يحث الزوجين على التعاون في ما بينهما”. واختبرت الطالبة البالغة من العمر 30 عاما حياة هذا التحقير عندما فسخ خطيبها الخطوبة بمجرد إخباره بمرضها وباستئصال ثديها. وتروي هذه بحرقة كيف واجهها بالقول “أريد امرأة كاملة وليس ثلاثة أرباع امرأة”. أما زوج سعيدة فلم ينتظر خروجها من المستشفى لتطليقها وطلب حضانة ابنهما، وعمد إلى إفراغ حسابها في البنك. وبعدما طُردت من مسكنها، اضطرت هذه الطبيبة البالغة اليوم 55 سنة، إلى السكن في فندق، وتروي قائلة “كنت مرهقة جدا.. لم يكن باستطاعتي مواجهة كل هذه الصعوبات؛ الطلاق والمرض.. في الوقت نفسه”. وتمكنت سعيدة من استعادة حضانة ابنها إلا أنها تؤكد بعد 15 سنة، على أن تصرف زوجها السابق “دمرها”. وتروي متحسرة “تعارفنا في الجامعة وتزوجنا عن حب. كان من المدافعين عن حقوق المرأة ويشارك في التظاهرات لأجل ذلك، لكنه لم يتردد لحظة في رميي مثل الفضلات”. وتواجه النساء اللواتي خضعن لعملية استئصال الثدي صعوبة في الحصول على ترميم الثدي. فالمؤسسات الحكومية التي توفر هذه الخدمة مجانا، قليلة ومكتظة بالمرضى، أما في القطاع الخاص فالتكاليف باهظة.
مشاركة :