أعمال عنف أوقعت 21 قتيلا وأوقف خلالها المئات. في المقابل، شهدت مدن إيرانية عدة اليوم تظاهرات شارك فيها عشرات الآلاف عبروا عن دعمهم للنظام، ودانوا "الاضطرابات". وكانت طهران شهدت ليلة هادئة. وأظهرت أشرطة مصورة لا يمكن التحقق من صحتها تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي حصول تجمعات صغيرة ومتفرقة في بعض المناطق في المحافظات. وأجمعت الطبقة السياسية، من محافظين وإصلاحيين، على رفض الاضطرابات التي انطلقت من مشهد، ثاني أكبر مدن البلاد، في 28 ديسمبر، من حركة احتجاج على الوضع الاقتصادي وسياسات الحكومة. واتهمت الحكومة "معادين للثورة" مقيمين في الخارج بالوقوف وراءها. ورفع المتظاهرون المؤيدون للحكومة الاربعاء لافتات تدين "مثيري الشغب"، ورددوا هتافات مؤيدة لمرشد الجمهورية علي خامنئي، وأخرى من بينها "الموت لاميركا" و"الموت لاسرائيل" و"الموت للمنافقين"، في إشارة الى حركة مجاهدي خلق التي تتهمها السلطات الايرانية بتأجيج أعمال العنف. وبث التلفزيون الحكومي لقطات مباشرة لمسيرات خصوصا في الاحواز (جنوب غرب) واراك (وسط) وايلام (غرب) وكرمنشاه (غرب) وغرغان (غرب). وهتف بعض المتظاهرين "بالدم، بالروح، نفديك مرشدنا"، ورفع كثيرون الاعلام الايرانية. وأكد قائد الحرس الثوري الايراني الجنرال محمد علي جعفري أنه يستطيع إعلان "انتهاء الفتنة". وقال في تصريحات نشرها الموقع الالكتروني للحرس الثوري "في الفتنة هذه، لم يتجاوز عدد الذين تجمعوا في مكان واحد 1500 شخص، ولم يتجاوز عدد مثيري الاضطرابات 15 الف شخص في كل أنحاء البلاد". واضاف ان "عددا كبيرا من مثيري الاضطرابات في وسط الفتنة، ممن تلقوا تدريبا من أعداء للثورة ... تم اعتقالهم وستتخذ بحقهم تدابير صارمة"، مشيرا الى أن "أعداء الثورة تدخلوا بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي". وقال ان آلافا من هؤلاء يقيمون في الخارج وتدربوا على أيدي الولايات المتحدة، فيما "انصار عودة حكم الشاه" في الداخل ومؤيدو منظمة مجاهدي خلق المعارضة متورطون ايضا. وأعلنت السلطات توقيف عدد من "مثيري" الاضطرابات في مناطق مختلفة. وتفيد أرقام نشرتها السلطات ان 450 شخصا أوقفوا في طهران منذ مساء السبت ومئات آخرين في المحافظات الاخرى. وكان الرئيس الايراني حسن روحاني اتهم "أقلية صغيرة" بإثارة الاضطرابات. وذكر التلفزيون الايراني أن روحاني طلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتخاذ اجراءات ضد أنشطة "مجموعة إرهابية" إيرانية موجودة في فرنسا، وضالعة في رأيه في التظاهرات الاخيرة، في إشارة واضحة الى مجموعة "مجاهدي خلق". وأعرب الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش الاربعاء عن الاسف لخسارة ارواح في ايران، ودعا في بيان الى "تجنب المزيد من اعمال العنف". ونقلت الرئاسة التركية عن روحاني قوله خلال اتصال هاتفي مع نظيره التركي رجب طيب اردوغان إنه يأمل بان تنتهي التظاهرات التي تهز ايران منذ الاسبوع الماضي "خلال ايام". وقال بيان الرئاسة التركية إن اردوغان أكد من جهته ضرورة حماية "السلم والاستقرار" في المجتمع الايراني، مشيرا الى أنه يشاطر نظيره الايراني رأيه بان الحق في التظاهر يجب الا يؤدي الى "انتهاكات لقانون". ومنذ انطلاق الاحتجاجات، لم يتوقف الرئيس الاميركي دونالد ترامب عن إعلان تأييده للمتظاهرين، وانتقاد السلطات، وصولا الى وصف النظام ب"الوحشي والفاسد". وتعمل واشنطن على استغلال التطورات لزيادة الضغط على الجمهورية الاسلامية. وطلبت السفيرة الاميركية في الامم المتحدة نيكي هايلي الثلاثاء عقد "اجتماعات طارئة لمجلس الامن في نيويورك ومجلس حقوق الانسان في جنيف" لبحث التطورات في ايران و"الحرية" التي يطالب بها الشعب الايراني. وقالت هايلي "علينا الا نبقى صامتين. الشعب الايراني يطالب بحريته"، من دون ان تحدد مواعيد لهذه الاجتماعات. وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض سارة ساندرز الثلاثاء ان النظام الايراني "يصرف ثروات بلاده على الانشطة والارهاب في الخارج، بدلا من تأمين الرخاء في الداخل". واضافت ان "اسعار السلع الاساسية والنفط ترتفع، فيما الحرس الثوري يصرف ثروات البلاد على المجموعات المقاتلة الاجنبية ويجمع ثروة على الطريق". في شوارع طهران، عبر عدد من المواطنين عن تفهمهم للاسباب الاقتصادية والاجتماعية الكامنة وراء الاحتجاجات غير المسبوقة منذ 2009، في وقت ترتفع نسبة البطالة بين الشباب الى 40 في المئة، لكنهم شجبوا بقوة اعمال العنف. وقالت سكينة عيدي وهي صيدلانية في السابعة والثلاثين ان "الشريحة الاكثر فقرا تعاني من ضغط كبير، لكنني لا اعتقد ان هذه الاحداث ستتواصل". واضافت "حتى الذين نهبوا وأحرقوا ممتلكات عامة يعرفون ان انعدام الأمن في البلاد لا يصبّ في مصلحة أحد". وقالت ثريّا سعدات (54 عاما) إنها لا توافق على مقولة إن هناك جهات أجنبية وراء الاضطرابات، مضيفة "الناس وصلوا الى نقطة لم يعودوا قادرين فيها على تحمّل ضغط السلطات، فخرجوا الى الشارع". وأعلن وزير الاتصالات الايراني الاربعاء أن بلاده لن ترفع الحجب الذي فرضته على تطبيق "تلغرام" للرسائل النصية إثر الاحتجاجات، إلا إذا تمت إزالة المحتوى "الإرهابي" منه. وقال محمد جواد آذري جهرمي للتلفزيون الرسمي الايراني إن "أجهزة السلطة ترحب بالنقد عبر وسائل التواصل الاجتماعي لكن في المناخ الحالي وتحديدا على (تلغرام) هناك دعاية من أجل العنف والأعمال الإرهابية". وبات التطبيق بالنسبة لكثيرين مصدرا رئيسيا للأخبار ووسيلة للالتفاف على البيئة الإعلامية المقيدة بشكل كبير في ايران.
مشاركة :