تلويح ترامب بقطع المساعدات يعمق أزمة السلطة الفلسطينية

  • 1/4/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تلويح ترامب بقطع المساعدات يعمق أزمة السلطة الفلسطينيةتكثف الإدارة الأميركية من ضغوطها على السلطة الفلسطينية، وآخرها التلويح بقطع المساعدات المالية، وسط إصرار الفلسطينيين على عدم الخضوع لهذا “الابتزاز” والتمسّك بمطالبهم المشروعة المتمثلة في دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.العرب  [نُشر في 2018/01/04، العدد: 10859، ص(2)]في وضع صعب رام الله - تجد السلطة الفلسطينية نفسها في وضع صعب، في ظل ضغوط داخلية وخارجية هائلة تمارس عليها منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السادس من ديسمبر الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ولعل آخر هذه الضغوط تلويح الرئيس الأميركي، المستميت في فرض قراره بشأن القدس أمرا واقعا، بقطع المعونات المالية للفلسطينيين، متهما إياهم بأنهم “لم يقدّروا هذه المساعدات”. ولا تستبعد أوساط سياسية أن يقدم ترامب على هذه الخطوة التي ستمثل في حال إقرارها مشكلة كبيرة بالنسبة للرئيس محمود عباس خاصة وأن الولايات المتحدة من أبرز المانحين للفلسطينيين. ورأت دوائر مصرية أن التشدد السياسي والاقتصادي الأميركي مع السلطة الفلسطينية ستكون له تداعيات سلبية على المصالحة بين فتح وحماس، لأن حكومة الوفاق الوطني برئاسة رامي الحمدالله لن تستطيع الوفاء بالتزاماتها في قطاع غزة ومنها ملف الموظفين، وربما تجدها حماس مبررا للمزيد من التشدد لإحراج السلطة وإظهارها في ثوب العاجز عن إدارة الأزمة الحالية. وكانت الحكومة الفلسطينية قد أعلنت الأربعاء أنها ستعيد تسديد فاتورة الكهرباء التي تدفعها لإسرائيل لتزويد قطاع غزة بالكهرباء، بعد ستة أشهر من قطعها في إجراء اتخذ للضغط على حركة حماس التي تسيطر على غزة. وتريد السلطة على ما يبدو إظهار حسن النية وجديتها في الوصول بالمصالحة إلى خواتيمها السعيدة، خاصة وأن الظرف الحالي يشكل حافزا لتحقيق هذا الهدف، ولكن تبقى الأعين مركزة على مدى استجابة حماس، وهل فعلا ستكون السلطة قادرة على تحمل الأعباء المالية في حال نفذت الولايات المتحدة تهديدها. واستبعدت الدوائر المصرية في تصريحات لـ”العرب” إمكانية توفير غطاء مالي عربي للسلطة التي تشهد علاقتها مع دول عربية وازنة حالة مدّ وجزر خلال السنوات الأخيرة. وقالت الرئاسة الفلسطينية على لسان المتحدث باسمها نبيل أبوردينة، الأربعاء، إن التهديد الأميركي بقطع المساعدات المالية لن يكون له أي أثر على موقفهم و”أن القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين ليست للبيع لا بالذهب ولا بالمليارات”.نبيل أبوردينة: القدس عاصمة دولة فلسطين ليست للبيع لا بالذهب ولا بالمليارات وكان ترامب قد غرد على موقعه على “تويتر” “واشنطن تعطي الفلسطينيين مئات الملايين من الدولارات سنويا ولا تنال أي تقدير أو احترام، هم (الفلسطينيون) لا يريدون حتى التفاوض على اتفاقية سلام طال تأخرها مع إسرائيل”. وأضاف “في ضوء أن الفلسطينيين لم يعودوا مستعدين للمشاركة في محادثات سلام، فلماذا نقدم أيّا من تلك المدفوعات الكبيرة لهم في المستقبل؟”. ومن الواضح أن ترامب يرمي من خلال تكثيف ضغوطه على السلطة الفلسطينية إلى إجبارها على التفاوض مع الإسرائيليين بشأن خطة السلام التي ينوي طرحها في النصف الأول من العام الجديد، والتي تستثني القدس. واعتبر عبدالمنعم المشاط، الخبير المصري في الشؤون الإقليمية في تصريحات لـ”العرب”، أن التهديد الأخير يأتي ضمن سياق الخطة الأميركية الإسرائيلية للحصول على أكبر قدر من المكاسب في ظل الضعف العربي الحالي، وأن السلطة الفلسطينية لن يكون بمقدورها تحمل التبعات بمفردها وسوف تركن إلى بعض البلدان العربية للتوافق على حلول سياسية في مواجهة التصعيد الأميركي. وجاءت تغريدات ترامب، التي لم يحدد فيها عن أي مساعدات يقصد، بعد خطط كشفت عنها سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة الثلاثاء لوقف تمويل وكالة تابعة للمنظمة الدولية تقدم مساعدات إنسانية للاجئين الفلسطينيين. وقالت السفيرة نيكي هيلي للصحافيين ردا على سؤال بخصوص مستقبل التمويل الأميركي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن ترامب لا يريد إعطاء أي تمويل إضافي، أو وقف التمويل، إلى أن يوافق الفلسطينيون على العودة إلى مائدة المفاوضات. والولايات المتحدة أكبر مانح للأونروا وقدمت تعهدات بنحو 370 مليون دولار حتى 2016 وفقا للموقع الإلكتروني للوكالة. وتواجه وكالة الأونروا في السنوات الأخيرة تراجعا كبيرا في الدعم الدولي المقدم لها، وبالخطوة الأميركية فإن هذا سيعني وقف عمل هذه الوكالة التي توفر المساعدة لأكثر من 5 مليون لاجئ فلسطيني في لبنان والأردن وسوريا والأراضي الفلسطينية. وقال أيمن الراقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن السلطة الفلسطينية لن تستطيع تحمّل تبعات التهديدات الأميركية الأخيرة، المرتبطة بالمساعدات المقدمة إلى وكالة الأونروا المعنية باللاجئين الذين يمثلون حوالي 65 بالمئة من إجمالي مواطني قطاع غزة على سبيل المثال، بعد أن أقرت الإدارة الأميركية الشهر الماضي وقف جزء من المساعدات المقدمة للسلطة، تحت ذريعة منع دفع رواتب أسر الشهداء والأسرى الفلسطينيين الذين تعتبرهم إدارة ترامب “إرهابيين”. وأضاف الراقب لـ”العرب”، أن السلطة الفلسطينية تبقى أمام خيارين للتعامل مع تلك التهديدات، أولها انتظار نتائج اجتماع وزراء الخارجية العرب مطلع الأسبوع المقبل في الأردن، إذ تعول السلطة على توفير شبكة آمان عربية بديلة للمساعدات الأميركية، وهو أمر يصعب تحققه بسبب وجود عجز في ميزانية وكالة الغوث واللاجئين يصل إلى 200 مليون دولار. أما الخيار الثاني فيرتبط بإلقاء الأزمة المشتعلة حاليا بالأراضي الفلسطينية في ملعب إسرائيل، من خلال إعلان حل السلطة الفلسطينية، وبالتالي فإن الاحتلال سيكون عليه توفير مقومات الحياة المعيشية للشعب الفلسطيني وفق اتفاقية جنيف الرابعة.

مشاركة :