يرى الناقد السينمائي المصري نادر عدلي أن السينما المصرية قدّمت إنتاجات جيدة على المستوى الفني خلال عام 2017، إلى جانب الزيادة في أعداد الأفلام السنوية. في حواره مع «الجريدة» يتحدث نادر عن تقييمه لعام 2017 سينمائياً، ويناقش عدداً من الظواهر التي برزت على مدار العام، وإلى نص الحوار: كيف ترى تجاوز إنتاج السينما المصرية هذا العام 45 فيلماً؟ متوسط إنتاجات السينما المصرية منذ 20 عاماً تقريباً هو 40 فيلماً سنوياً، ولم ينخفض إلا عام 2011 خلال ثورة يناير، إذ تدنى إلى 28 فيلماً في هذه السنة الاستثنائية. الحقيقة، أن المشكلة كانت مرتبطة بظروف حظر التجوال وإلغاء حفلات منتصف الليل والحفلات المسائية فترات طويلة. وهذا العام قدّمت السينما المصرية مجموعة من الأعمال الجديدة، والوصول إلى أكثر من 45 فيلماً أمر جيد في ظل حالة الاستقرار وتوافر الظروف الإنتاجية المحفزة للعملية الإنتاجية. ما هي أفضل الأعمال السينمائية من وجهة نظرك؟ ثمة أفلام جيدة عرضت في 2017، أبرزها «فوتوكوبي» فهو الفيلم الذي أعتقد أنه أكثر اكتمالاً في عناصره الفنية. صحيح أنه ليس عملاً ممتازاً، لكن مقارنة بما طرح من أعمال سينمائية، يبقى لافتاً. وثمة تجارب جيدة عدة عرضت أيضاً من بينها «مولانا» لمجدي أحمد علي، و«أخضر يابس» لمحمد حماد، و«علي معزة وإبراهيم» لشريف البنداري، و«الكنز» لشريف عرفة. وبالنسبة إلى التمثيل؟ محمود حميدة وشيرين رضا هما الأفضل أداءً في 2017 في فيلم «فوتوكوبي»، إذ قدّما أجمل أدوارهما على الشاشة خلال العام. كيف ترى تراجع البطولة النسائية؟ المشكلة أننا ربطنا البطولة النسائية بأسماء محددة أمثال منى زكي وياسمين عبد العزيز، وكل منهما لم تقدم أعمالاً سينمائية في 2017. لكن بالنظر إلى قائمة الأفلام التي عرضت نجد أننا إزاء نموذجين واضحين قدما تجارب ناجحة في السينما للمرأة، هما «بشتري راجل» لنيللي كريم، و«فوتوكوبي» لشيرين رضا». في العملين، البطلة هي الفاعل الرئيس، وهما من الأعمال الجيدة على المستوى الفني. كذلك نذكر تجربة «أخضر يابس» الذي قامت ببطولته هبة علي صديق. رغم أن الأحداث تتحرك من خلال الحالة والظروف الاجتماعية التي تمر بها البطلة، فإن التجربة تستحق الإشادة. إيرادات وحضور بالنسبة إلى الإيرادات، كيف وجدت تصدر «الخلية» و«هروب اضطراري» شباك التذاكر؟ ترتبط إيرادات الأفلام بعاملين: الأول جودة الإنتاج وتقديمه صورة جيدة، وهو ما ترصده في ميزانية الفيلمين المذكورين، فكلما تتوافر إمكانات إنتاجية أفضل، يكون المستوى ممتعاً وأكثر جمالاً. كذلك الأفلام التي تندرج ضمن نوع الحركة أو الطابع البوليسي، ما زالت في العالم كله هي الأكثر جذباً للمتفرج لأنها تحقق له أمرين مهمين: الاستمتاع بما يحدث على الشاشة، وجمال الصورة والتنفيذ بمستوى فني وحرفي مرتفع. أما العامل الثاني فهو وجود أكثر من نجم في الفيلم، وتجد ذلك في الفيلمين أيضاً، لذا ليس غريباً أن تكون الأعمال الأعلى تكلفة هي الأعلي إيراداً، باستثناء «الكنز» الذي ربما تكلّف أكثر مما حققه. لكن في النهاية الحكم عليه يكون إجمالاً بجزأيه، فيما لم نر الجزء الثاني بعد وما سيحققه في الصالات. كيف رأيت حضور محمد رمضان في ثلاثة أعمال سينمائية في 2017؟ عرض ثلاثة أعمال سينمائية لمحمد رمضان في 2017 مرتبط بالظروف الإنتاجية. فيلمه «جواب اعتقال» كان من المفترض عرضه السنة الماضية وتدخل الرقابة وتغيير السيناريو تسببا في تأجيله. عملياً، قدّم رمضان فيلمين هما «آخر ديك في مصر» و«الكنز»، ولا يمكن أن نقول إنه تعمّد الحضور السينمائي بشكل مكثف. أما بالنسبة إلى الإيرادات، فهو لا يزال الممثل الأنجح تجارياً حتى إن كانت إيراداته ليست الرقم الواحد في الصالات خلال العام، فتكلفة إنتاج الأفلام التي يُصوِّرها محدودة مقارنة بغيرها من أعمال سينمائية، من ثم مع الأرقام المرتفعة التي تحققها يكون العائد مرضياً جداً للمنتجين والموزعين. مطربون وأفلام شعبية كيف وجدت الأفلام التي قدّمها المطربون تامر حسني، وحمادة هلال، ومصطفى قمر؟ تجارب تقليدية جداً. السينما المصرية من بداية عهدها لا تخلو من فيلم أو اثنين يقدمه أحد المطربين خلال العام الواحد، وهي في بدايتها ارتبطت بالفيلم الغنائي الذي يعتمد نجاحه على أمرين أولهما اختيار المطرب طبيعة العمل الذي سيقدمه، والثاني مدى نجوميته في الغناء، من ثم ارتبط تفوّق إيرادات فيلم تامر حسني «تصبح على خير» بارتفاع نجوميته في الغناء. لماذا تراجعت إيرادات الأفلام الشعبية؟ بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معها، تراجع إيرادات الأفلام الشعبية مرتبط بأن صانعيها يستنسخون الأعمال التي نجحت في السنوات الماضية، ما جعل الجمهور يعزف عنها رغم شعبيتها الكبيرة. من ثم، المشكلة بالنوعية التي يقدّمها بعض المنتجين. ماذا عن الأفلام الكوميدية التي حققت إيرادات جيدة؟ ارتبطت الأفلام الكوميدية بشكل أكبر بالفنانين الشباب، خصوصاً نجوم فرقة «مسرح مصر»، والثلاثي هشام ماجد وشيكو وأحمد فهمي، حتى بعد انفصالهم فنياً. وجاء نجاحها لاعتمادها على الاقتباس من أفلام السينما الأميركية وتمصيرها بأفكار شبه طازجة، وهي تحمل موضوعات مختلفة. والحقيقة أن مدى نجاح كل فيلم يعود إلى قدرة الصانعين على الاقتباس بشكل جيد وتقديم عمل يناسب الجمهور المصري. المهرجانات السينمائية هل يرى نادر عدلي أن المهرجانات السينمائية التي أقيمت في مصر هذا العام أفادت صناعة السينما، خصوصاً أن ثلاثة مهرجانات انطلقت دوراتها الأولى في 2017؟ يقول في هذا الشأن: «لم تفد المهرجانات السينما في أي أمر، ولا أعتقد أنها مثلت إضافة فعلية إلى الصناعة، فالقنوات الفضائية التي تهتم بالترفيه أكثر من الثقافة أغرت صانعي المهرجانات لتقديم عرض غنائي استعراضي أكثر من اهتمامهم بالمنتج السينمائي. وإحدى أخطر الظواهر الاهتمام بالسجادة الحمراء في مهرجاني القاهرة والجونة، فيما فشلا عند عرض أفلام الافتتاح، في المقابل المهرجانات الأخرى تتميز بالورش السينمائية».
مشاركة :