خلود علاء – وطنى الحبيب : رغم توالي التحذيرات الصادرة من عدة مؤسسات دولية وبنوك مركزية إلا أن الإقبال على “بيتكوين” المشفرة يتزايد، في الوقت الذي ينأى فيه بعض المختصين المعنيين بأنفسهم عن استخدام مصطلح “عملة رقمية” عند الحديث عن “بيتكوين”. وأشار المختصون إلى أن تعرض هذه العملة التي برزت أخيرا إلى واجهة الأحداث للتذبذب يقلل من إمكانية اعتبارها وسيلة دفع صالحة. وبحسب “الألمانية”، فقد ارتفع سعر هذه العملة الرقمية قبل ثلاثة أسابيع إلى نحو 20 ألف دولار ثم تدنى إلى قرابة 11 ألف دولار قبل أسبوعين. ونزلت عملة “بيتكوين” أمس بنحو 5 في المائة في بورصة “بتستامب” إلى نحو 14430 دولارا لتفقد أكثر من ربع قيمتها منذ أن سجلت مستويات قياسية مرتفعة في منتصف كانون الأول (ديسمبر). ولو حدث ذلك مع اليورو على سبيل المثال لتسبب في إصابة كثيرين بالذعر، لكن الحديث تزايد بدلا من ذلك عن “سلعة مضاربة”، إنه رهان الإنسان على أن يجد شخصا مستعدا لأن يدفع له مزيدا من المال من أجل شيء لا يعرف معظم الناس كنهه. وهذا هو على وجه الخصوص ما جعل يواخيم جولدبرج المدون والمختص في السلوك الاقتصادي، يدق نواقيس الخطر بشدة، إذ “يشبه الأمر بفقاعة دوت كوم، عندما كان أقل الناس يدركون آنذاك كنه شركات التكنولوجيا ومع ذلك كان الجميع يتساءلون: لماذا لا أكون معهم أنا أيضا”؟ ويعتقد جولدبرج أن هناك أسبابا وراء صعود هذه العملة من بينها سماع بعض الناس عن اغتناء أحد أصدقائهم بين عشية وضحاها، وتعلق هذه القصص بذاكرة السامع تماما كما يحدث بشأن الارتفاعات المفاجئة لأسعار بعض العملات. ويضيف جولدبرج “كل إنسان يستغل مثل هذه الإشارات التي تتسبب في إغراء يصعب على الإنسان مقاومته دائما، ويتزامن مع ذلك أيضا خوف الإنسان من أن يفوِّت شيئا ما وهو الخوف الذي يسمى في علم النفس الاستثماري بـ “الخوف من التفويت” وهو تصور المستثمر أن هناك سباقا محموما في الأسعار لم يخضْه مع الخائضين ما يجعله من البداية في حالة من التأسف، “إنه إحساس غير جميل يحاول كل إنسان تجنبه، ويؤدي ذلك في حالة الشك إلى زيادة تطلعه للمجازفة”. وتظهر استطلاعات “العملة المشفرة” التي تجريها شركة “سينتِكس” للخدمات الاستشارية أسبوعيا منذ أيلول (سبتمبر) الماضي أن هناك في الوقت الحالي إقبالا بين الناس على المجازفة باقتناء “بيتكوين” التي تعتبر أشهر مثال للعملة المشفرة. ولا تقتصر هذه الاستطلاعات على قياس الشعبية الحالية لجميع عملات الإنترنت الشهيرة بل تشمل أيضا “الميل الاستراتيجي” أي القيمة التي يعطيها الناس لـ “بيتكوين” على المدى المتوسط. و”حيث إن الميل يعكس حكمة كثيرين” حسب وصف مانفريد هوبنر المدير التنفيذي لشركة “سينتكس”، الذي يرى أن التزايد المستمر في الفارق بين القيمة التي يعطيها الناس لـ “بيتكوين” في استطلاعات الرأي وهي قيمة مرتفعة حاليا، وانخفاض قيمتها الحالية يسبب قلقا لدى المراقبين. ويفسر هوبنر ذلك بأن “العاطفة تطغى هنا على العلم.. ويمكننا أيضا القول إن الجشع يلتهم المخ”، ويقول المختص الألماني “إنه إذا توافرت هذه التركيبة في سوق الأسهم الألمانية “داكس” فإنه كان سينصح بالبيع منذ زمن طويل”. وأوضح هوبنر أنه على قناعة بأن السباق المحموم على “بيتكوين” فقاعة مالية تقليدية، محذرا من أن “قوة المضاربة التي تجعل “بيتكوين جذابة” يمكن أن تؤدي إلى تشوهات سوقية هائلة”، وهو بذلك واحد من كثيرين يتبنون هذا الرأي. ودأب كثيرون بدءا من المصارف ورجال الاقتصاد والهيئات الرسمية المسؤولة عن المنافسة الشريفة، وصولا إلى رجال السياسة على الإشارة إلى المخاطر التي تنطوي عليها الحماسة الزائدة لهذه العملة. على الجانب الآخر، هناك من يرد على هذه التحذيرات بالقول “إن هناك حديثا منذ سنوات بالفعل عن احتمال وقوع مثل هذا الانهيار ولكن ذلك لم يوقف الزحف غير المسبوق لعملة بيتكوين”. ويعتقد هوبنر هو الآخر إمكانية استمرار ارتفاع سعر “بيتكوين”، على أساس أن الفقاعات تستمر في النمو حتى بعد التعرف على حقيقتها، وهو ويرى أن ذلك لا يغير حقيقة أن هذه الفقاعات ستنفجر وقتا ما، وأن ذلك سيتسبب في خسائر هائلة. من جانبه، يرى المختص جولدبرج أن ما يبقى من كل ذلك هو ما يفضل أن يسميه “حافزا” أكثر منه “جشعا”، وقال “إذا أردنا القضاء على الجشع فسنضطر في الحقيقة إلى اقتلاع جزء من المخ”. الوسومالإقبال على "بيتكوين" يتزايد رغم توالي التحذيرات
مشاركة :