العمل الكبير لا تنقصه بعض السلبيات البسيطة، والمملكة التي أعطت النوذج المتكامل في إدارة الحشود وصارت مدرسة في هذا العمل، استطاعت بحج هذا العام، رغم ظروف التوسعة والأمراض المعدية، والحج الوهمي الذي عملت على إيقافه في المنافذ والحدود، وحتى جبال مكة، يجعلها بالفعل قدوة في تطوير هذه التجارب وإغنائها.. الذين يلومون أو ينتقدون، إما يتكلمون عن بُعد، أو خارج الواقع لهذه المهمات المعقدة التي تستدعي حشد كل الجهود، ورغم ذلك ندرك أن الحاج وحده مصدر الرضا والنقد، والصور التي أظهروها كانت إيجابية داعمة للجهود والأعمال الكبيرة، وهم ليسوا القطاع الأمني، وإنما المسؤولون والعلماء والمثقفون وخليط من كل هذه التنوعات أدركوا أن دور المملكة يتجاوز إمكانات أي دولة أخرى، وهذا لا يحتاج إلى شهادات ناقدة أو مباركة طالما الواقع هو من ينطق بالحقيقة.. العالم بأسره ممثل بالحج حيث تقاطر الوفود من كل الجهات والجنسيات وسهولة المواصلات أدت إلى أن الآمال للحاج لأداء فريضته لم تعد بتلك الصعوبات التاريخية القديمة مما زاد نسبة الحجيج وتكاثرهم، ومع ذلك المملكة واجهت الزيادة بتطوير كل ما له علاقة بهذه الوفود على حدودها أو مطاراتها أو المرافق الصحية والغذائية والمواصلات وغيرها.. النقطة السلبية، هو الانتشار الإعلامي لمواسم يراقبها العالم؛ من مسلمين وغير مسلمين، ومعالجة هذا القصور الذي لابد أن ينقل الحقيقة والجهود المبذولة، يحتاج لفرق عمل من السفارات والخارجية ووزارة الإعلام ليس فقط دعوة بعض الأشخاص أو القنوات لتغطية الحدث، أو طلب أخرى تسهيل عملها، وهو دور لابد أن يرتفع إلى مستوى عمل الجهات الأخرى بالدولة، والغاية ليس الدعاية لواجب تراه المملكة فرضياً، وإنما لرؤية الكيفية التي يدار بها الموسم كله لثلاثة ملايين حاج في بقعة جغرافية صعبة التضاريس ومع ذلك تكافأ جهد الدولة في تسهيل المهمات الصعبة.. فالإعلام الآن تجاوز التقاليد القديمة لبناء منظومات متقدمة جداً بينما لا زلنا نتعامل معه، وخاصة في هذه المواسم، بتلقائية الإعلام القديم ولا تكفي أن تبث أو تكتب وسائلنا ما هو متعارف عليه، في وقت يمكن تسخير الإعلام الخارجي بنقل الواقع من وسط الحدث وفتح المجال لمخاطبة جميع المتواجدين لأن ليس لدينا ما نخشاه أو إخفاؤه طالما المشاريع المنفذة أو التي قيد التنفيذ تُعد من المعجزات، وعملية أن نسمع ذلك ونرى الطرف الآخر كيف يصورنا ويفهمنا لا تقف على فائدة واحدة، وإنما فهم طبيعة الإسلام، وخاصة هذا المشعر العظيم، ولا تنقصنا الكفاءات القادرة على المساهمة في تخطيط مشروع عمل باسم إعلام الحج الذي يخاطب العالم بلغاته كأحد أبرز ما نبذله من جهود.. فهمنا لأنفسنا لا يكفي، وإنما اطلاع الآخر، سواء المراقب العادي غير المسلم، أو المسلم الذي يعيش تلك الأيام بمشاعره وروحه ومن خلال وسائل تقنية متاحة لتعرض الحقائق كما هي..
مشاركة :