قالت نشرة أخبار الساعة التي يصدرها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في افتتاحيتها تحت عنوان "إيران على مفترق طرق" إن "المشهد الإيراني يبدو مع نهاية عام 2017، ومطلع عام 2018 مفتوحاً على كل الاحتمالات؛ فالاحتجاجات التي اندلعت في البلاد بشكل مفاجئ أخذت في الاتساع، حيث امتدت إلى عدة مدن ومناطق من البلاد؛ وهي كما تشير التقارير الواردة أكبر مما حدث في الثورة الخضراء عام 2009؛ احتجاجاً على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد، أحد رموز الفساد الحاليين، وفقاً للتحقيقات". وأضافت النشرة أن في جميع الحالات فإن الاحتجاجات الحالية تبدو أكثر خطورة على النظام، ومن ثم لا شك في أن تداعياتها ستكون أعظم؛ فهذه الاحتجاجات نتاج طبيعي لسنوات من القهر والفساد، وتبديد أموال الشعب الإيراني في حروب وصراعات خارجية لم تجلب له ولا لشعوب المنطقة بأكملها سوى الدمار والخراب، فضلاً عن الفقر والجهل والبطالة؛ كما أنها تعبير عن حالة الفساد التي تنخر جسد النظام الإيراني منذ نشأته؛ فبالرغم من الحديث عن ديمقراطيته فهو نظام يحكمه الاستبداد والحكم المطلق، باسم الدين أو ما يسمى ولاية الفقيه؛ نظام حوّل إيران إلى بلاد خوف؛ فبدلاً من أن تكون بلد أمن وسلام وعدل ومحاسبة، أصبحت بلد فوضى واستبداداً ومحسوبية. ولفتت النشرة، إلى أن التحقيقات التي أجريت مؤخراً أظهرت حجماً هائلاً من الفساد ونهب الأموال ينخرط فيه كبار المسؤولين، بمن فيهم رؤساء سابقون تورطوا في عمليات فساد ونهب غير مسبوقين؛ بل حتى الأموال الخاصة لصغار المستثمرين؛ حيث وجد الناس، خصوصاً الشباب، أنفسهم أمام وضع كارثي؛ ولذا لم يكن أمامهم، وبالرغم من الخوف، سوى التظاهر الذي تسعى السلطات جاهدة إلى قمعه بوسائل قهرية قبل أن يستفحل أمره؛ وقد تحدثت مصادر عن وقوع قتلى ومئات الإصابات، فضلاً عن حملة واسعة من الاعتقالات. وذكرت النشرة أن إيران تبدأ بالفعل عامها الجديد على مفترق طرق؛ وإذا نجا نظام حكمها عام 2009 بحكم ظروف داخلية وإقليمية ودولية مختلفة، فلا يوجد أي ضمان أن ينجو نظام الملالي هذه المرة؛ فالظروف الاقتصادية الصعبة، وتنامي معدلات الفقر والبطالة ينذران بالمزيد من الاحتجاجات؛ وبتجددها إذا ما استطاعت السلطات قمعها بشكل أو بآخر، فقد أوصلت سياسات النظام المتهورة البلاد إلى حافة الهاوية الاقتصادية؛ وبدل أن تُستغل الأموال التي أفرج عنها بموجب الاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع القوى الكبرى منتصف عام 2015 لصالح الطبقات الفقيرة وتوفير فرص العمل، فقد بُددت على الأسلحة والميليشيات التي تنشر القتل، وتبث الخوف في المنطقة. وأوضحت النشرة أنه كما دخلت الدولة الإيرانية في عداوة مع شعبها، فقد استعدت كل شعوب المنطقة، حيث تدخلت بشكل سافر في الشؤون الداخلية للكثير من الدول المجاورة، وفاقمت من حدة الصراعات المسلحة، وحولت المنطقة إلى بركان كامن تحركه طائفية عمياء قد ينفجر في أي وقت؛ بينما تواصل دعم الأنظمة المستبدة، كما هو الأمر في سورية، والميليشيات الانقلابية، وفي اليمن كذلك، ضاربة بعرض الحائط كل المناشدات الإقليمية والدولية للتراجع عن سياستها المدمرة، وإعادة النظر في سلوكها العدواني الذي ألّب العالم كله عليها. وأكدت أخبار الساعة أن إيران، وبالأحرى نظام الملالي الذي يحكمها، هو بالفعل على مفترق طرق، فهو يحصد ما زرعت يداه في الداخل والخارج؛ وهذه سنة الله في حركة التاريخ، وهي ثابتة ومطردة لا تتغير، وتسير على جميع الدول والأمم؛ فلا يمكن للاستبداد أن يدوم، ولا يمكن للقهر أن ينتصر، ولا يمكن للظلم أن يسود؛ ولا بد لساعة الحساب أن تدق، وإذا لم تدرك وتستدرك القيادة الإيرانية خطورة الأوضاع الحالية، فلا يتوقع أن تعود الأمور إلى الوراء؛ وإذا لم تتخذ حكومة طهران خطوات فعلية تلبي مطالب المتظاهرين؛ وتعمل بجد على تغيير سياساتها العدوانية في المنطقة، وتنسحب من أماكن الصراعات، وتستثمر الأموال في اقتصادها المحلي وخدمة أبناء شعبها؛ بدلاً من مواصلة الانخراط في الصراعات، فإن البلاد مقبلة على مرحلة تشبه بشكل أو بآخر ما كانت عليه الأوضاع قبل الثورة الإيرانية في السبعينيات من القرن الماضي، التي كان الناس يأملون منها أن تنقلهم إلى مرحلة جديدة، مرحلة من التطور والنهوض، والعدل والنظام، وإذا بها تأخذهم إلى مصير مجهول.
مشاركة :