ثورة التحرش الجنسي العظيمة.. فشلت قبل أن تبدأ

  • 1/5/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لن تستطيع أن توقف الاعتداءات الجنسية لسبب بسيط هو أن هذه المدونة لن تكون مدعومة برأي ومبادئ المجتمع بأي طريقة ملموسة على الإطلاق. لن يكون لها أي تأثير على قضية التحرش الجنسي في العالم الحقيقي.العرب ج. آر. دان [نُشر في 2018/01/05، العدد: 10860، ص(12)]ثورة اجتماعية-جنسية جديدة واشنطن – تضاءل وحش قضية التحرش التي شهدناها في عام 2017، والتي أدت إلى استقالة العديد من الموظفين، وتسببت في حالة انتحار واحدة. لكن يجب ألا ننسى أن القضية كانت نقطة تحول، كما قالت الممثلة الأميركية ميريل ستريب “إنها أشبه بالزلزال”. ونادى البعض الآخر بقيام “ثورة اجتماعية-جنسية جديدة”. ولكن ما الذي تغير بالضبط؟ فالزلازل معروفة بقدرتها على التدمير الشامل وتغيير طبيعة الأشياء. في الواقع، عند مراجعة المشهد مرة أخرى، نجد أن لا شيء قد حدث على الإطلاق. فنحن نقف عند نفس النقطة التي كنا نقف فيها قبل حدوث كل شيء. عدد كبير من الجناة تم الكشف عنهم وفُضح أمرهم، وهذا أمر جيد. لكن وبغض النظر عن ذلك، لم يحدث شيء. هل تم إنشاء أي نظام فعّال لمحاربة هذه الظاهرة؟ لا أتحدث هنا عن نظام إبلاغ أو نظام تدخل أو نظام مراقبة أو أي هيكل بيروقراطي أو أيديولوجي آخر مصمم لممارسة الرقابة الاجتماعية. أنا لا أتحدث هنا عن النظام المجتمعي الذي، وإن كان غير مرئي إلى حد كبير وغير معترف به على نطاق واسع، فإنه يفرض بعض العقوبات ويضع حدودا لسلوكيات الأفراد. نظام مكافحة حوادث التحرش الجنسي واضحا ومفهوما بشكل جيد، فإذا حاول أي متحرش أن يضايق امرأة، تجدها تستنجد بأخوتها من الرجال، أو أصدقائها أو زملائها في العمل أو حتى بالرجال المارين في الطريق، وكانت ستحصل على المساعدة. لم يعد هذا النظام قائما الآن. فقد استفاد واينستاين وبقية متحرشين من حقيقة أنه لم تعد هناك أي قواعد وفرضوا قواعدهم بمنتهى البساطة. وبما أن هذا النمط من الحياة قد انحسر، فقد شهدنا، بطبيعة الحال، تزايدا في حوادث العنف واستغلال المرأة. وإذا لم تتم السيطرة على الموقف سيتحول الأمر ليكون أشبه بالحادثة التي وقعت في مونتريال في 6 ديسمبر 1989، عندما دخل شخص يُدعى مارك ليبان إلى القاعات الدراسية بمعهد “بوليتيكنيك” حاملا معه بندقية وسكينا. أمر الرجال بالخروج من قاعة التدريس ليقتل ليبان أربع عشرة فتاة. ينتشر هذا النوع من الحوادث الآن، لأنه تم تدمير النظام القديم ولم يتم استبداله بأي نظام جديد. وهذا ما تفعله الأيديولوجيا الليبرالية التي تبرع في تدمير الأشياء ولكن ليست لديها مهارة لإعادة بنائها. فقد قام أوباما بهدم “نظام الرعاية الصحية” في الولايات المتحدة واستبدله بنظام “أوباما كير” الفاشل الذي انتهى الآن في يد دونالد ترامب. وأيضا قام فريق السياسة الخارجية التابع لأوباما بتدمير “التسوية المؤقتة” التي كانت تحكم دول منطقة الشرق الأوسط، مما أسفر عن مقتل مئات الآلاف من الأشخاص في حرب لم تتم السيطرة عليها إلى الآن. يحدث نفس الشيء عندما يتعلق الأمر بالجنس. فالطريقة القديمة لحماية السيدات لم يعد يجري العمل بها، ولم يحل محلها أي نظام جديد وسيدات اليوم يعانين نتيجة لذلك. وبمجرد إلقاء نظرة على من تم تعيينها لتولي أمر التحقيقات بشأن قضايا التحرش الجنسي: أنيتا هيل، تلك المحققة التي تسعى إلى تحقيق شهرة من خلال اتهام الرجال بإلقاء النكات الخليعة، فإن تحقيقاتها ومبادئها تخلو من الجوهر الحقيقي. وتضع لجنة هيل مدونة تحوي مجموعة من القواعد والسلوكيات التي يجب على الرجال اتباعها. هذه القواعد من شأنها أن تمنع المزاح، وإلقاء النكات والمغازلات وحتى الاتصال بالعيون، في حين تترك المشكلة الفعلية دون مساس. وكنتيجة لذلك لن تتوقف مثل تلك الحوادث وسوف يختار الجناة ضحاياهم بمنتهى العناية ولن يمنعهم شيء من الاعتداء عليهن. وبغض النظر عن ذلك، ستحظى مدونة قواعد السلوك الجديدة بشهرة واسعة. سيتم نشرها في المكاتب والأماكن العامة. وسيلتزم الموظفون بحفظها، وسيُجبر العاملون على التوقيع عليها ثم ستضاف بعد ذلك إلى ملفهم الوظيفي. سيتم نشرها في جميع طبقات المجتمع ووسائل الإعلام والشركات الكبيرة والأوساط الأكاديمية، لكنها ستفشل عما قريب. ولن تستطيع أن توقف الاعتداءات الجنسية لسبب بسيط هو أن هذه المدونة لن تكون مدعومة برأي ومبادئ المجتمع بأي طريقة ملموسة على الإطلاق. لن يكون لها أي تأثير على قضية التحرش الجنسي في العالم الحقيقي، ستكون مثلها مثل عشرات الآلاف من التقارير والمقالات والأبحاث العلمية، والدراسات التي تناولت القضية في الماضي. ستصبح واحدة من تلك القوانين الجديدة التي لا تحظى بالاستمرارية. فالرجال يريدون أن يصبحوا أبطالا في أعين النساء، والنساء يردن أن يصبح الرجال أبطالا في أعينهن، لكن المشكلة الحقيقية الآن هي أننا نعيش في عالم أصبح أكثر تعقيدا وفي نفس الوقت أكثر غباء. وسوف نبقى كذلك نترقب وقوع الحادثة المقبلة، حتى تحدث. كاتب بموقع أميركان ثينكر

مشاركة :