نهاد إبراهيم تستلهم شخصية شهرزاد في السينما المصرية

  • 1/5/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

افتتان الكاتبة بشخصية شهرزاد لقناعتها بأن “ألف ليلة وليلة” واحدة من أهم وأشهر الحكايات الشعبية في جميع أنحاء العالم لا تستمد شهرتها وخلودها فقط من الصراع الدرامي طويل المدى بين شهريار الذي يقتل كل ليلة عذراء بعد زواجه منها إثر خيانة زوجته السابقة له، وشهرزاد التي تحاول إنقاذ نفسها وبنات جنسها من مصير بدا محتوما، بل أيضا من محاولة شهرزاد إنقاذ شهريار من تسلطه وشفائه من العقدة التي لازمته طويلا ودفعته لقتل العذراوات، وتفلح في علاجه على مدى ليالٍ طويلة عبر حكاياتها. لذا فإن الباحثة تقدم في كتابها وعبر 476 صفحة من القطع الكبير على ما تسميه "عملية تشريح ثقافي" لشخصية شهرزاد، التي "قامت بأول انقلاب سلمي لإعادة الرأس المقلوبة لشهريار إلى وضعها الطبيعي ليرى العالم رؤية صحيحة بديلا عن الرؤية المقلوبة"، لذا لم يكن بمقدور ناهد إبراهيم أن تفلت من سطوة حكايات ألف ليلة وليلة ككنز درامي ومعين لاينضب للابداع. وهي ترى أن حكايات ألف ليلة وليلة حملت الكثير من قضايا الرومانتيكية وترجيح كفة العاطفة في الاهتداء إلى الحقائق الكبرى في الحياة، وترى أيضا أن "شهرزاد هي الحرية أو بمعنى أدق عذاب البحث عن الحرية" فيما تثبت لهذه الشخصية الفضل في "وضع حجر أساس جديد لسريان ناموس الحياة الذي يقوم على وجود الذكر والأنثى معا مع تحديد أدوار وواجبات كل منهما دون أن يجور إحدهما على كيان وهوية الآخر". • الحكاية الإطار إذا كان "شاه زمان" شقيق شهريار قد قام بدور الوسيط في نص حكايات ألف ليلة وليلة ليفتح الطريق أمام شقيقه البطل فإن هذا الدور يلعبه على الشاشة صديق البطل في الأفلام التي قدمتها السينما المصرية مستلهمة علاقة شهريار - شهرزاد. هكذا تقول نهاد إبراهيم التي تطرح أيضا رؤى مغايرة لمفاهيم مثل الصبر و"الاستشفاء الداخلي للانسان" في حكايات ألف ليلة وليلة، بالإضافة إلى تناولها للعلاقة بين فعل الخيانة والمخاطر السياسية للحكايات مجهولة الراوي، باعتباره صوتا طالعا من البيئة الشعبية والمعبر عن خلاصة تجارب مازالت السينما تستلهمها كما هو الحال مع شخصية شهرزاد، التي تصفها الباحثة بأنها "إحدى أعز بنات حواء لكنها ليست أبدا كل حواء". وتضيف: ولو كانت "نورا" بطلة النص المسرحي الشهير "بيت الدمية" لمؤلفه النرويجي الكبير هنريك ابسن هي رمز حرية وتمرد المرأة على قيود الاستعباد في الغرب فان "شهرزاد" كانت النموذج والقدوة لنورا وغيرها في الغرب والشرق معا. ويبدأ الكتاب بفصل عنوانه "قراءة شخصية شهرزاد ألف ليلة وليلة من منظور فن الأدب الشعبى في الليالي" تؤكد فيه امتداد تأثير "ألف ليلة وليلة" إلى مجتمعات الشرق والغرب؛ حيث استلهمها الكثير من المبدعين عبر الوسائط الفنيّة المختلفة. وقبل أن تبدأ دراستها لتلك الشخصية تؤكد نهاد إبراهيم أن حكايات ألف ليلة تشكل "بنية نفسية اجتماعية وسياسية واقتصادية وإنسانية متفردة تصلح لكل العصور" و تحدد منطلقها للبحث بالتأكيد على تعدد المسميات لحكاية الصراع الدائر بين شهريار وشهرزاد ومن بينها مسمى "الحكاية الذريعة" ومسمى "الاستهلال" فإنها تفضل مسمى "الحكاية الإطار" لأنها تراه الأكثر عمقا ودقة وتحديدا، وعلى أي حال فكل المسميات بشأن هذا الموروث الشعبي الأصيل تعني ملابسات الصراع بين شهرزاد وشهريار وهو "الصراع الذي يؤطر حكايات الليالي حتى لحظة عفو شهريار عن شهرزاد". وقد ركزت الباحثة على الصراع الدائر داخل الحكاية الإطار بين شهريار وشهرزاد دون أدنى تطرق لليال ذاتها. • شهرزاد الشاشة توضح المؤلفة كيف استلهمت السينما المصرية بامتداد تاريخها الطويل صراع الحكاية الإطار بين شهرزاد و شهريار عبر أعمالها المختلفة، سواء بشكل مباشر معلن، أو غير مباشر ومتوارٍ قليلاً، أو غير مباشر ومتوارٍ كثيرًا، وذلك بمنطق الاستفادة من المفهوم العام لملابسات الحكاية الإطار، ثم تتبع تحليل عملية الالتفاف والاستلهام والاقتباس الحر دون الإخلال بالمصدر الأدبي الشعبي الأصلي؛ مع الاعتراف بتشعب درجات هذه الحرية الإبداعية المكفولة لصناع الأفلام، لكنها في ذات الوقت تخرج من دائرة بحثها أفلاما رأت أنها تورطت في "الزج باسم شهرزاد" دون أن تكون هناك علاقة بين الفيلم وبين "صراع الحكاية الاطار" كما في فيلم "احكي ياشهرزاد" الذي أخرجه يسري نصر الله عام 2009. وإذا كانت هناك أفلام مصرية تعلن صراحة عن استلهامها لصراع شهرزاد وشهريار عن قصد مثل فيلم "شهرزاد" للمخرج فؤاد الجزايرلي عام 1946، وهو فيلم يكاد أن يكون مجهولا لعدم إقبال الشاشات على عرضه، فإن فيلم "الزوجة رقم 13" للمخرج فطين عبدالوهاب عام 1962 قد أشار مبدعوه إلى إفادتهم من حكايات الف ليلة وليلة. فإن أفلاما أخرى اقتبست الشخصية بشكل غير مباشر ومنها فيلم "الزوجة السابعة" من إخراج إبراهيم عمارة عام 1950، وفيلم "الزوج العازب" للمخرج حسن الصيفي عام 1966. أما الفئة الثالثة فتضم أفلاما تعاملت مع حكايات ألف ليلة وليلة ومفهوم "الحكاية الاطار" برؤية غير مباشرة و"متوارية كثيرا" مثل أفلام: "الشموع السوداء" أخرجه عز الدين ذو الفقار في عام 1962، و"عدو المرأة" إخراج محمود ذو الفقار عام 1966، و"كرامة زوجتي" من إخراج فطين عبدالوهاب عام 1967. وتناولت الناقدة كل فيلم من الأفلام السبعة في فصل مستقل، وجمعت الفصول بين النقد السينمائي من جهة والأدب الشعبي من جهة أخرى، فمثلا في القراءة التحليلية للصراع بين شهرزاد وشهريار في حكايات ألف ليلة ثم كيفية استلهامها في فيلم "الزوجة 13" وترى أن اقتحام مراد (رشدي أباظة) لخصوصية عايدة (شادية) فعل عكسى لما فعله العبد مسعود عندما مارس الخيانة مع زوجة شهريار في بستان القصر، وفي وضح النهار، أي أن مراد هو الذي بدأ بالخيانة، وهو ما يعكس رؤيته لذاته ومكانته في المجتمع "الأبوى الذكوري"، مقابل تهميش الآخر بسلاحي أمواله وشبابه وجسده القوي، لكن عايدة أو شهرزاد العصر الحديث في ثوب الستينيات المتحرر تستوعب الموقف وتدافع عن نفسها، وتتفاعل مع الموقف رغم مفاجأته، فقد كشفت كل شيء من داخلها، لذا تقوم هي بدور المفعول المستقبل المقهور التابع المزيف في حين أنها في حقيقتها هي الفاعل الحقيقي. وهي لا تكشف عما في خططت له، فراحت تستدرجه، ثم تستخدم نفس سلاحه وتلعب لعبة الشبه، وتتوالى الأحداث كاشفة أن عايدة شخصية سوية قوية، تحدد أهدافها. تؤمن بإمكانية الهزيمة في جولة، لكنها تروض الغازي وتستصلح أرضه البور بعد تجريفها. (خدمة وكالة الصحافة العربية)

مشاركة :