كيف ينتظم نبضك، وتهدأ أنفاسك، ويعتدل مزاجك، في عالم فقد عقله وقلبه؟! عالم مريض بسعار الرغبة في كل شيء، وأي شيء.. عالم كل من فيه يتكلم.. أوسع ما في (الزعيم الاوحد) فمه.. وأضيق ما فيه أذناه.. وأطول ما فيه لسانه! إنه في كل تاريخ الإنسانية الحديث يجعل أمته تفديه ولا يفديها.. حتى إذا ما انهار الصرح على (شمشون الجبار) قام القوم يخلّدون ذكراه المجيدة.. يرفعون لواء العزّة والكرامة على أطلال حضارة أمة عريقة مشت طوعًا أو كرهًا خلف طاغية! قبل وبعد أن تقع الفأس على رأس (الزعيم) الذي فدته أمته بدلاً عن أن يفديها، تبقى مقاهي المغيبين عن الحقيقة مفتوحة، يتحلّق فيها هواة الخبط والرقع والنطح والرمح حول أجهزة التلفزيون.. تتعالى صيحاتهم.. وتصطك رؤوسهم.. وتلوّح قبضاتهم في الهواء، كلما خرّ ثور أو بعير على الحلبة! نحن من يربي البطولات الزائفة.. نحن من يصنعها بدعاوى القومية، حتى إذا ما سمنت وانتفخت وتضخمت، انفجرت وذهبت دفعت الأمة حضارتها وحرثها ونسلها فداءً للزعيم المزعوم! أيها السادة تأملوا (نتائج) نسخة مكررة لبطولة زائفة يعرضها (المسرح العائم)!
مشاركة :