على الرغم من أنني لا أفقه التحليل الرياضي، لكنني أؤمن بأن الرياضة هي غذاء الروح، وأن المنافسة في الرياضة باستطاعتها أن تخلق فريقاً قوياً ومتراصاً، أذكر جيداً عندما كنت أعمل في إحدى المؤسسات الحكومية والتي بلغ فيها الشقاق والانقسامات ما بلغ، اجتمع عدد من المسؤولين في المؤسسة من أجل وضع خطة «للم الشمل» و«تخييط الفتق»، الذي حدث في نسيج الموظفين بعد الأزمة. كانت جلسة عصف ذهني أدلى كل منا بدلوه فاقترحت أن نتنافس في لعبة جماعية كخيار لرأب الصدع، سخر الجميع من فكرتي التي اعتبروها آنذاك ضرباً من ضروب الجنون، تشبثت بفكرتي محاولة إقناعهم وقلت لهم «لكي تخلق التلاحم يجب أن تجمع الجميع دونما استثناء نحو هدف معين»، وبدأت أشرح لهم أكثر قائلة «إن لاعبي الرياضات الجماعية ينسون أنفسهم، وينسون أفكارهم وأيديولوجياتهم وخلافاتهم، لكي يفوز فريقهم. قال لي أحد الحضور، قد يظهر لنا أحد من أعضاء الفريق ويكون أنانياً ولا يقبل بمشاركة باقي زملائه مثلاً.. هذا ما سيحدث هنا فالجميع يحمل في قلبه زعل وعدم ثقة من الآخر. قلت له أتفق معك قد يفشل الفريق بسبب أنانية فرد، ولكن أعضاء الفريق المتميز لن يسمحوا للاعب الأناني بأن يكمل معهم وسيكملون من دونه من أجل تحقيق النصر. وحينها سيشعر الموظف الأناني بأنه خارج السرب وحيداً، وسترجعه طبيعته النفسية التي تميل نحو الجماعة وإلى مشاركة الآخرين.قلت لهم حينها «أخلق هدف أعظم لفريقك وأجعلهم يشعرون بأنهم أفراد مهمون في الفريق وأمنحهم الصلاحيات اللازمة وستشاهد كيف يرص الصف وتقوى العلاقات، هذه ببساطة قواعد بناء فريق العمل المتميز»، وبالفعل وافق المسؤول على فكرة اللعب التنافسي من أجل رص الصف وخلق فريق عمل متميز، ورغم الامتعاض الذي بدا على الموظفين في بداية اللعبة إلا أنهم ومن خلال الحماس تناسوا «لوهلة» خلافهم، وباتوا يحققون الهدف الأسمى وهو تحقيق النصر.في «خليجي 23»، زعل الكثيرون لأننا خرجنا خاليي الوفاض من الدورة الحالية، ولكنني أعتقد بأننا لو تركنا «كرة القدم جانباً» وركزنا على اللحمة الوطنية التي شاهدناها في هذه الفترة، سنرى أن البحرين هي الرابح الأكبر!! شعب متحد ومتفق ويدعم منتخبه الرسمي، حيث شارك المواطنون في تشجيع المنتخب ورفعوا راية الوطن واتحدوا على حب هذا الوطن وحسب.المنتخب البحريني في أي لعبة هو تمثيل «للوطن»، وعندما أجتمع دعم القيادة الرشيدة متمثلة في توجيه صاحب السمو الشيخ ناصر بن حمد واجتمعت الإرادة الشعبية أثبتنا لأنفسنا وإلى العالم أن البحرين وأهلها متحدين وملتفين حول وطننا وقيادتنا.وأعتقد بأن أروع شعار في «خليجي 23»، كان «فاز ولا خسر.. يبقى البحريني فخر»، وهذه هي الحقيقة.عندما نتجرد مما يشوب النفس من نزاعات، عندما نتخلى عن الأنا، ونتجرد من مصالحنا الشخصية، عندما نتسلخ من أفكارنا ومعتقداتنا، عندما نتذكر أننا «بحرينيون» وأن البحرين تستحق الأفضل فهذه هي الوطنية الحقة وهذا هو المكسب الحقيقي.راهن سمو الشيخ ناصر على ملف الرياضة، وها نحن نرى المكاسب تتوالى، الواحد تلو الآخر، وأعتقد أن هناك مسؤولية كبيرة على كل اللاعبين في مختلف ميادين الرياضة لإثبات كفاءتهم ورفع علم البحرين عالياً في كافة المحافل، كما يجب على اللاعبين ألا يستهينوا بثقة الجماهير البحرينية التي وقفت وهتفت لتشجيعهم، وتقبلت أخطاءهم، فنأمل من الجميع أن يكونوا على قدر هذه الثقة والمسؤولية.
مشاركة :