دخلت الاحتجاجات التي تشهدها إيران، أمس، يومها التاسع، وسط دعوات لاستمرارها، حيث انتشرت ملصقات تحت عنوان «جمعة الغضب»، تنديداً بالقتلى الذين سقطوا برصاص الأمن خلال التظاهرات، حيث قالت المعارضة إن عدد قتلى الاحتجاجات، التي تشهدها مدن عدة في إيران منذ أيام، ارتفع إلى 50 شخصاً، وأوضحت أن هناك نحو 3000 معتقل في سجون النظام الإيراني، منذ بدء الاحتجاجات، بينما اعترف النظام رسمياً بمقتل 22 محتجاً. في الأثناء وقّعت واشنطن عقوبات على خمسة كيانات ساعدت طهران على تطوير برنامج الصواريخ البالستية. وتفصيلاً، دعا ناشطون، عبر مواقع التواصل، إلى استمرار المسيرات عقب ساعات من صلاة الجمعة، أمس، لمنع حصول التداخل مع المسيرات المؤيدة للنظام، التي خرج بها طلبة الحوزات الدينية ومنتسبو ميليشيات الباسيج والحرس الثوري، والتي تزامنت مع خروج مسيرات احتجاجية عقب مباراة في ملعب «تراكتور سازي» في تبريز، مركز محافظة أذربيجان. وتشير الأنباء الواردة من تبريز إلى أن الطرق المؤدية إلى تبريز من أردبيل وأرومية وخوي تم إغلاقها، بنشر حواجز نقاط التفتيش. وكانت دعوات قد أطلقت عبر مواقع التواصل لإقامة مسيرات واحتجاجات في تبريز، عقب المباراة، وإطلاق شعارات مناهضة للنظام، تضامناً مع الانتفاضة الشعبية المستمرة في إيران. وتفيد الأنباء بأنه منذ الليلة قبل الماضية، تحولت مناطق عدة في مدينة تبريز إلى ثكنة عسكرية تقريباً. وذكر شهود عيان أن وحدات خاصة من الأمن الداخلي الإيراني منتشرة على طول الطرق المؤدية من أردبيل إلى تبريز. وتداول ناشطون صوراً تظهر ممانعة الشرطة وإيقافها حافلات متجهة من أردبيل إلى تبريز، حيث قامت بإنزال الشبان من الحافلات، وقامت بتصوير المشجعين، وطلبت منهم العودة إلى منازلهم، بينما تستمر الاعتقالات في صفوف الناشطين بمختلف المحافظات، حيث تتحدث أرقام المعارضة عن اعتقال أكثر من 3000 شخص، بينما اعترف النظام بنصف هذا العدد، كما اعتقلت وزارة الاستخبارات ما لا يقل عن 43 طالباً في أقل من أسبوع، بتهمة المشاركة في تنظيم التظاهرات. وأظهر فيديو نشره ناشطون في مدينة شهر ابريشم، إقدام السلطات على إرسال تعزيزات أمنية، ومركبات مصفحة إلى عدد من مناطق الاضطرابات. وألقت السلطات الإيرانية القبض على مئات المواطنين خلال تظاهرات جابت شوارع العاصمة ومدناً أخرى، ندد خلالها المحتجون بفساد النظام الإيراني، وأحرقوا صور المرشد الأعلى علي خامنئي. ويشارك في التظاهرات أفراد من أبناء الطبقة العاملة، لكنها بدأت كذلك في اجتذاب أبناء الطبقة الوسطى، التي كانت عماد احتجاجات مطالبة بالإصلاح عام 2009، اندلعت بعد الانتخابات الرئاسية. من جهته، انتقد مستشار الرئيس الإيراني، حسام الدين أشنا، في تغريدة له على موقع «تويتر»، تعليقات قائد الحرس الثوري، محمد علي الجعفري، الذي قال إن «الاحتجاجات قد انتهت». وقال أشنا إن هناك «وسائل إعلام غطت تصريحات قائد الحرس الثوري حول إعلانه انتهاء الاضطرابات بشكل كبير، وهذا ليس في مصلحة الصورة العالمية لإيران، حيث من المعروف أن واجب التعامل مع العنف في حركة احتجاجية يقع على عاتق الشرطة، والإعلان عنها يتم عن طريق وزارة الداخلية، وليس الحرس الثوري، الذي تقع على عاتقه مسؤوليات أكثر خطورة». وكان الجعفري قد ادعى في تصريحات للتلفزيون الإيراني، الأربعاء الماضي، بأن «الفتنة قد انتهت»، مشيراً إلى أنه «لو لم تكن الاستعدادات الأمنية لتوسعت الفتنة كثيراً»، لكن استمرار الاحتجاجات خلال يومي الأربعاء والخميس، خصوصاً أثناء الليل، وفي نحو 100 مدينة إيرانية، أثبت عكس ما صرح به الجعفري ومسؤولون آخرون حول انتهاء التظاهرات. وفي وقت سابق، نشر الحرس الثوري في إيران قوات في عدد من الأقاليم، لإخماد الاحتجاجات التي أقلقت القيادة الدينية للبلاد. وقال قائد الحرس الثوري، إنه أرسل قوات إلى أقاليم أصفهان ولورستان وهمدان لمواجهة «الفتنة الجديدة»، بحسب تعبيره. من جهتها، قالت منظمة العفو الدولية، الخميس، المئات اعتقلوا وزُج بهم في سجون «اشتهرت بالتعذيب، وسوء المعاملة خلال السنوات السبع الأخيرة»، مع حرمان كثيرين الاتصال بأسرهم ومحاميهم. وحثّت الإيرانية الحائزة جائزة نوبل للسلام، شيرين عبادي، الولايات المتحدة والمجتمع الدولي على دعم الاحتجاجات في أنحاء إيران، بفرض عقوبات سياسية، وليس بإجراءات اقتصادية يمكن أن تلحق الضرر بالمواطنين. ودعت أيضاً إلى فرض قيود على عشرات المحطات الإذاعية والتلفزيونية الإيرانية، التي قالت إنها جزء من «سياسة إيران الخارجية الخاطئة»، وإنها «تنشر الكراهية والأكاذيب» بلغات عدة. من جهة أخرى، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على خمسة كيانات تعمل في إيران، قالت عنها إنها لعبت دوراً في مساعدة طهران على تطوير برنامج الصواريخ البالستية. وقالت وزارة الخزانة الأميركية الخميس، إنه تم توقيع العقوبات على الكيانات الخمسة، وفق أمر تنفيذي وقعه الرئيس دونالد ترامب، وهي كيانات تمتلكها مجموعة شاهد باقري الصناعية الإيرانية أو تخضع لسيطرتها.
مشاركة :