استبقت موسكو جلسة مجلس الأمن لمناقشة الأزمة الإيرانية بناء على طلب أميركي، بإعلان رفضها «الاعتداء السافر» على سيادة إيران، ومعارضة تدخل واشنطن «المعلن والسرّي» في شؤون الدول الداخلية، بذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان. وفي وقت عتّمت وسائل الإعلام الإيرانية على التظاهرات المعارضة للنظام وأبرزت تلك المؤيدة له أمس، حذرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي من إمكان تحوّل الاحتجاجات نزاعاً شبيهاً بما حصل في سورية. وقالت هايلي في بيان: «شهد العالم الفظائع التي حصلت في سورية وبدأت بنظام قاتل يحرم شعبه حق التظاهر السلمي... علينا ألا نسمح بحدوث ذلك في إيران». ونقلت وسائل إعلام في موسكو عن مقربين من الخارجية الروسية أمس، أن موقف روسيا ثابت في معارضة «التدخل الخارجي ومساعي زعزعة استقرار البلدان لتحقيق أغراض سياسية»، في إشارة إلى أن الجانب الروسي سيعارض بقوة «أي محاولة لإصدار قرار في مجلس الأمن أو حتى بيان رئاسي، في حال تضمّن انتقاداً لطهران». واستبقت روسيا جلسة مجلس الأمن، بالدعوة الى مشاورات مغلقة، في مسعى إلى وضع عراقيل إجرائية أمام طرح ملف إيران الداخلي على طاولة المجلس. وتوقع ديبلوماسيون أن تدعو روسيا الى «تصويت إجرائي» على عقد الجلسة، وهو إجراء يتم التصويت عليه بين أعضاء المجلس للتوصل الى قرار في شأن عقد الجلسة نفسها، لكن التوقعات أشارت الى أن الولايات المتحدة استطاعت تأمين الغالبية المطلوبة، أي تسعة أصوات على الأقل، وبالتالي من تأمين النصاب المطلوب لعقد الجلسة. وأفاد ديبلوماسيون روس بأن موقف موسكو حيال التطورات في إيران يستند إلى ثلاث ركائز: الأولى تتعلق بمحاولات واشنطن ممارسة مزيد من الضغوط على الإيرانيين عبر استخدام الوضع الداخلي الذي لا يجب أن يكون محور نقاش دولي. وتستند الثانية إلى قناعة روسية بأن السلطات الإيرانية تعاملت بتوازن مع الاحتجاجات التي تحوّلت بفعل التدخل الخارجي مسعىً لزعزعة الوضع في البلاد. أما الركيزة الثالثة فتستند إلى قناعة بأن ممارسة مزيد من الضغوط على إيران من شأنه تهديد الاتفاق النووي وهذا أمر تسعى إليه واشنطن. وكان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف اعتبر دعوة واشنطن مجلس الأمن إلى عقد جلسة طارئة لبحث الوضع في إيران «اعتداءً سافراً على سيادتها». وأوضح أن «الولايات المتحدة مستمرة في انتهاج سياسة التدخل المعلن والسرّي في شؤون الدول الداخلية في شكل سافر وبلا حرج، كما تتعدى بصراحة على سيادة الآخرين تحت ذرائع الديموقراطية وحقوق الإنسان». ولوّحت موسكو بمعارضة أي محاولة لنقل الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، وأفاد بيان أصدرته الخارجية بأن موسكو «ترفض تماماً أي تدخل في شؤون إيران الداخلية». وأوضح ريابكوف أنه «على رغم المحاولات المتكررة لتشويه صورة ما يحدث في إيران، نبقى على ثقة تامّة بقدرة هذا البلد الجار والصديق لروسيا على تجاوز الصعوبات الحالية التي يواجهها، والخروج من الوضع الراهن، بلداً معززاً وشريكاً موثوقاً في تسوية مختلف القضايا، بما فيها ما يتعلق بالتزام الاتفاق النووي». وأبرزت وسائل الإعلام الإيرانية أمس مشاهد تظاهرات مؤيدة للنظام خرجت بعد صلاة الجمعة، فيما عتّمت على تظاهرات متفرقة خرجت في تبريز وأردبيل وأرومية وخوي، كما أشارت إدراجات على مواقع تواصل إلى إغلاق الطرق بحواجز ونشر نقاط تفتيش.
مشاركة :