«الكتاب القنبلة» حوّل شتاء واشنطن إلى أجواء «ملتهبة» ؟!

  • 1/6/2018
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

وكأن القيامة قامت فى واشنطن، بحسب وصف الدوائر السياسية والإعلامية الأمريكية، للأجواء فى البيت الأبيض، وقد تحول شتاء واشنطن، البارد جدا هذه الأيام، إلى أجواء «ملتهبة»، والرئيس ترامب فى حالة غضب وغليان وفوران، بعد نشر مقتطفات من كتاب «نار وغضب داخل بيت ترامب: البيت الأبيض» ويقع فى ٣٣٦ صفحة، ويتضمن التفاصيل الدقيقة للفوضى السائدة والارتباك المتفشى فى الادارة الأمريكية، وأن المشهد السياسى الأمريكى بشكل عام يتسم بالضبابية وتضاؤل الرؤية، والسماء ملبدة بالغيوم .             ما كشفه الكتاب، الذي اعتمد  مؤلفه «مايكل وولف»على أكثر من 200 مقابلة أجراها «ترامب» والوفد المرافق له وأعضاء مكتبه الرئاسي، بعد مضي 18 شهرا على وصوله للبيت الأبيض.. وما سيتم كشفه من خلال الحديث المثارحاليا، ستكون له تداعيات عديدة لا يعرف مداها أحد، بحسب تقدير وتوقعات الدوائر السياسية في واشنطن، مع اشتعال الجدل حول الرئيس ترامب وقدرته على ادارة البلاد، وأيضا حول وسائل الاعلام الأمريكية ومصداقيتها.           الكتاب القنبلة عن كواليس البيت الأبيض يهيمن على الحديث الدائر والجدل المثار فى واشنطن، بعد أن طالب البيت الأبيض الناشر والمؤلف، بعدم السماح بنزول الكتاب إلى الأسواق، وبعث من خلال محامى الرئيس ترامب بمذكرة لستيف بانون المستشار الاستراتيجى السابق للرئيس تحذره قانونيا وتنبهه بأن بما قاله فى الكتاب لم يلتزم ببنود التعاقد والعهد التى تطالبه بالصمت بعد خروجه من الادارة.. وقد تم تقديم موعد صدور الكتاب، أمس الجمعة ٥ يناير/ كانون الثاني، بدلا من الثلاثاء ٩ يناير/ كانون الثاني، كما أن المؤلف بدأ حواراته التليفزيونية حول الكتاب وما جاء فيه من أسرار واعترافات وفضائح ستكون حديث واشنطن خلال الفترة المقبلة، مستندا إلى اعترافات ستيف بانون، المستشار السابق للرئيس ترامب، و ٢٠٠ شخصية من داخل البيت الأبيض وممن هم على صلة بالرئيس ترامب وعائلته ومستشاريه ومسئولى ادارته. وحسب ما ذكره  المؤلف، فان لديه تسجيلات صوتية بما قالوه .       يشير الكتاب، إلى أن ترامب لايقرأ، ولا حتى يتصفح سريعا أى مادة مكتوبة، مما يجعل مهمة العاملين معه صعبه للغاية.. ولم يكن أحد داخل حملة ترامب الانتخابية بمن فيهم ترامب نفسه يتوقع فوزه فى انتخابات الرئاسة.. ونقل مؤلف الكتاب تأكيد ترامب لصديقة «ايليس» أنه سيخرج حتما من السباق  «صاحب أقوى اسم تجارى مع العديد من الفرص الخيالية»، وأن مجرد خوض السباق إلى النهاية نجاح، الهزيمة مكسب والفوز احتمال بعيد.. وأضاف الكتاب أن الأجواء داخل أروقة البيت الأبيض «ضارة»، وتعود إلى سياسات ترامب الخاطئة ونهجه في التعامل مع العاملين هناك، إضافة إلى وصفهم بألفاظ غير لائقة كـ «الأغبياء».           وكثير من مقتطفات الكتاب تدور حول «ستيف بانون» الذى لا يستبعد أن يكون دونالد ترامب نفسه التقى بالسفير الروسى، والذى وصف اتصال «ترامب الابن» بالروس بأنه عمل غير وطنى ويرقى لمرتبة الخيانة..والكثير من السياسات التى انتهجها ترامب كانت بوحى من «بانون» الذى كان يحلم بتأسيس ايديولوجية سياسية يمينية تحمل اسم ترامب..وبذل «بانون» جهدا لاقناع ترامب بأن الصين هى العدو الحقيقى لأمريكا، وهى أول جبهة فى الحرب الباردة الجديدة، وهو من شجع خطوة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وتصور أن حل القضية سيكون بإعطاء الضفة الغربية للأردن وقطاع غزة لمصر!!       وبينما حرص أغلب المعلقين السياسيين على القول بأن الكتاب لم يأت بجديد حول حالة الادارة والبيت الأبيض، وهى حالة معروفة يتم تناولها يوميا عبر وسائل الاعلام وأحاديث الأروقة ونميمة واشنطن، إلا أن ما تم نقله عبر الكتاب وتحديدا من خلال ستيف بانون، القريب والمقرب سابقا من أذن الرئيس ترامب، يكشف النقاب عن الكثير من أسرار البيت الأبيض والرئيس نفسه.           ومن الحكايات العديدة التى يحتويها الكتاب، مايتعلق بغرفة نوم الرئيس ترامب،  الذى صار أول رئيس أمريكى ينام فى غرفة نوم منفصلة عن غرفة نوم السيدة الأولى.ولأنه لايحب أن يلمس أشياءه الخاصة أحد، فقد عنف بشدة أحد الخدم الذى قام بتنظيف الغرفة برفع قميصه الملقى على الأرض، قائلا، «طالما أننى وضعت القميص على الأرض، فهذا هو المكان الذى أريده».. وفى غرفة الرئيس يوجد عادة جهاز تليفزيون، وقد طلب ترامب من المسئولين بالبيت الأبيض جهازين آخرين ليصير عدد أجهزة التليفزيون داخل غرفة نوم ترامب ثلاثة أجهزة، وهو مايراه المؤلف غريبا لاسيما وأن الرئيس ترامب يقول إنه لايهتم بمشاهدة التليفزيون.       «بانون» أيضا فى حواراته مع المؤلف «وولف» يذكر عن حزن «ميلانيا» زوجة ترامب لانتخابه رئيسا والمسافة التى تحافظ عليها فى علاقتها معه، وأن «ايفانكا» ابنة ترامب طموحة للغاية وتريد أن تكون رئيسة للبلاد «السيدة الأولى»، واضعة نصب أعينها هيلاري كلينتون، جنبا إلى جنب مع زوجها جاريد كوشنر الذي لا يقل طموحا عن زوجته، وأن إيفانكا دخلت في نزاع مفتوح مع مجموعة يقودها«بانون» نفسه.. ووفقا للكاتب الأمريكي، فقد صرحت «إيفانكا» أمام أصدقائها أن والدها لجأ إلى عملية لتصغير فروة الرأس، مؤكدة أن لون شعره حصل عليه نتيجة استخدامه لمنتج يسمى «للرجال فقط»، كما لفت إلى أن ترامب يتمتع بتناول «الهامبرجر» مساءً قبل خلوده للنوم في حالة سماح الجدول الزمني بذلك، وأنه يفضل تناوله من أشهر المطاعم العالمية ليتأكد من خلوه من السموم.       ويصل الكتاب، إلى أن الشكوك تحوم حول قدرة ترامب على تنفيذ خططه، وأن ما يعوقها إلى حد كبير هو نقص المعلومات، بما في ذلك فهم القراءة.. وقال نائب رئيس الأركان السابق، كاتي والش، إن القضية المركزية لرئاسة ترامب في جميع الجوانب السياسية والقيادية هي عدم معالجته المعلومات بالمعنى التقليدي، فهو لا يقرأ، بطريقة تشبه إلى حد ما (اللا متعلم)، وقد اعترف ترامب نفسه بأنه لا يقرأ، بما في ذلك السير الذاتية للرؤساء، بسبب انشغاله، وقال إنه لا يشعر بالحاجة إلى قراءة الكثير لأنه يستطيع اتخاذ القرارات بشكل صحيح وامتلاكه للحس السليم والقدرة على إدارة الأعمال.. وسخر معلقون من أسرار ترامب وعائلته،  وقالوا إنه لا يستطيع الادعاء بعد اليوم بأنه لا يجد وقتا لمشاهدة التليفزيون بسبب انشغاله بقراءة الوثائق المهمة،  لأنه لم يقرأ 55 صفحة من استراتيجية الأمن القومي التي كتبت بأسمه.             أنصار ترامب حرصوا على التأكيد بأن  الكتاب عكس أراء وأوصاف كبار رجال الإدارة تجاه شخص ترامب (ومنها الغبى والطائش)، وأيضا عدم قدرته على الاستفادة بما يتم نقله اليه، وركز الكاتب وولف بشكل محدد على حالة ترامب الصحية والعقلية وتكرار نسيانه، وبالتالى امكانية الوثوق فيه وفى قدرته على اتخاذ القرارات وادارة شئون البلاد.         وشنت «سارة هاكابى ساندرس»، المتحدثة باسم الرئيس ترامب،  هجوما شديدا على الكتاب ووصفت ما ورد فيه من روايات بأنها باطلة ومضللة، ولايُعتد بها؛ لأن المؤلف لم يقابل الرئيس ترامب، ولم يتحدث إليه وبذلك فهى مجرد نميمة صحفية.

مشاركة :