يعد القمح من المحاصيل الاستراتيجية المهمة على مستوى العالم، وذلك لأنه يمثل الغذاء الرئيسي لكثير من المواطنين، وللقمح أنواع كثيرة ومتنوعة، ويدخل في صناعة الخبز والمعجنات والمكرونة، كما أن له العديد من الفوائد الغذائية والصحية، ومنها أنه يحتوي على عدد من البروتينات والأحماض الأمينية التي تتغذى عليها خلايا الجسم، كما أنه يعتبر دواء لبعض الأمراض.هناك بعض الأشخاص الذين يصابون بما يعرف بمشكلة حساسية القمح، وهي نوع من أنواع الحساسية التي ترتبط بتناول القمح ومنتجاته والأطعمة التي يدخل في تصنيعها، ويوجد 4 أنواع من البروتينات في القمح وهي: الجلوتين والجلوبيولين والزلال والجلايدين، وعند دخول أي نوع منها إلى الجسم يعاني الشخص من اضطرابات في جسمه، ومن المعروف أن الطعام الذي يتم تناوله يتم بعدة مراحل، أولاها الفم حيث يتم خلط اللعاب بالطعام ثم يمر عبر المريء إلى المعدة ويتم هضمه بالعصارات والحمض، ومن ثم يتدفق الطعام إلى الأمعاء الدقيقة ثم إلى الأمعاء الغليظة، وتشكل الأمعاء الدقيقة أنبوباً قطره سنتيمتر واحد، وتتمتع بمرونة بفضل العضلات الموجودة في جدارها والتي تساعد على دفع الطعام، أما طبقة النسيج المخاطي المبطن للأمعاء، فتحتوي على العديد من الزوائد والتي تسمى بالخملات والتي تزيد من سرعة الامتصاص، حيث يتم نقل الطعام عن طريق الأوعية الدموية إلى كافة خلايا الجسم، من أجل تزويدها بالطاقة اللازمة للنمو والحركة، وعندما تصاب هذه الزوائد المعوية يؤدي ذلك إلى سوء امتصاص البروتين الموجود في القمح والشعير والشوفان، وهو ما يؤدي إلى الإصابة بمرض حساسية القمح، وفي هذا الموضوع سوف نشرح هذا المرض والأسباب التي تؤدي إلى الإصابة به، وطرق العلاج المتاحة والحديثة للتخلص من هذه الحالة. خلل بالجهاز المناعي تتعرض الزوائد المعوية الموجودة داخل الأمعاء الدقيقة لبروتينات الجلوتين، مما يسبب حالة من استثارة الجهاز المناعي نتيجة وجود خلل فيه، لأن المناعة اعتبرت البروتين الموجود في القمح من الأجسام الضارة بالصحة والغريبة، التي يجب مهاجمتها والقضاء عليها، ويعود ذلك إلى سبب وراثي أو نتيجة إصابة أحد أفراد الأسرة بالحساسية من القمح، هذه الاستثارة تحدث التهابات في الغشاء المخاطي المبطن للأمعاء، وهذا الالتهاب يصيب خملات الامتصاص بالضمور، وهو ما يتسبب في إعاقة امتصاص المواد الغذائية وبالتالي يتم امتصاصها من خلال الغشاء المخاطي، ويؤدي سوء الامتصاص إلى الإسهال وفقدان السعرات الحرارية، وينتج عن ذلك إعاقة واضحة في النمو، ومن ناحية أخرى فإن البكتيريا الموجودة في الأمعاء الغليظة تهضم الطعام، وينتج عنها روائح كريهة أثناء عملية الإخراج بسبب إطلاق الأحماض الدهنية، ويشير الأطباء والأخصائيون إلى أن أعراض مرض حساسية القمح تتفاوت من مريض لآخر، وفي بعض الحالات لا تظهر على المريض أي أعراض يشعر بها، وعامة تظهر الأعراض بعد تناول قطعة من الخبز المنتج من القمح، ويمكن أن تظهر بعدها بدقائق أو ساعات، حيث يعاني المريض من انتفاخات في البطن، وتظهر بعض المشاكل على الجلد مثل الشعور بالحكة وتهيج في الجلد وظهور الطفح الجلدي، وظهور حب الشباب واحمرار الجلد، وغالبا ما تظهر في الرقبة والركبتين والظهر والأرداف، وحالة من الغثيان والتقيؤ والإصابة بالإسهال والإمساك، أما مشكلة ضيق التنفس فتكون في حالة الحساسية المفرطة للقمح، كذلك يمكن أن يصاب المريض بسرعة الانفعال، والقصور في زيادة الوزن وتأخر واضح في النمو والبلوغ، وتظهر على الشخص المصاب أنيميا نقص الحديد وهشاشة العظام، كما يصاب المريض بنقص امتصاص فيتامين «ك»، وهو ما يتسبب في زيادة نسبة تميع الدم في الجسم، وتظهر هذه الأعراض غالباً بين عمر 3 إلى 5 سنوات، ويمكن أن يصاب بها البالغون غير أنها ليست شائعة بينهم، وأسباب الإصابة بمرض حساسية الصدر نتيجة خلل في الجهاز المناعي للشخص، وكذلك لأسباب وراثية. الامتناع عن القمح يتركز علاج مرض حساسية القمح على بعض الأساليب وطرق الوقاية، لأن هذا المرض لا يتوفر علاج له، وإنما يعتمد الشخص في العلاج على اتباع حمية غذائية معينة، من أجل المحافظة على تجنب الجلوتين في الغذاء، وهو ما يعني استبعاد كل العناصر التي تحتوي عليه مثل القمح والشليم والشوفان والشعير، ويجب أن يتبع المريض هذه الحمية مدى الحياة، ويجب أن يتناول في نفس الوقت أطعمة تحتوي على فيتامينات ومعادن لتعويض الجسم ما ينقصه، مع التأكيد أن المريض سيواجه في البداية صعوبة، لأن القمح ومشتقاته تنتشر في جميع الأطعمة، إلا أنه يجب الانتباه إلى أن عدم التقيد بالحمية الغذائية سيؤدي إلى تهتك الغشاء المخاطي مع ظهور الأعراض مرة أخرى، ويصبح المريض عرضة لمضاعفات مثل هشاشة العظام وفقر الدم وفقدان النشاط، ويصف الطبيب في بعض الحالات أدوية وعقاقير مضادة للالتهابات والحساسية مثل حقن الإبينفرين، وهو موسع للشعب الهوائية ويتم إعطاء جرعتين منه، ويؤخذ في الحالات الطارئة تحت إشراف الطبيب، كذلك يمكن أن يصف الطبيب في بعض الحالات أنواعاً من المكملات الغذائية للمصابين، وذلك بهدف تعويض الجسم عن نقص الفيتامينات والمعادن الموجودة في داخل القمح، ومن الأغذية التي تسبب ظهور حساسية القمح الخبز ورقائق القمح وأنواع الكيك، والبسكويت وحبوب الإفطار والشعير والنشا والعرقسوس وبعض المنكهات الطبيعية وكذلك بعض اللحوم. نصائح مهمة يلتزم الشخص المصاب بمرض حساسية القمح بعدد من النصائح والتوصيات والإرشادات، ومنها عند تناول الطعام خارج المنزل فلا بد أن يكون مكوناً من الأرز واللحوم والأسماك المشوية والخضراوات المطبوخة، مع الابتعاد قدر الإمكان عن الهمبرجر والبيتزا والسجق واللحوم التي يضاف إليها الدقيق أو فتات الخبز، ويجب التأكد من خلو دقيق الذرة أو أي نوع من أنواع الدقيق المسموح به من أي شوائب، وعدم خلطه بأي نوع آخر من الدقيق غير المسموح به في الحمية، ويجب تناول وجبات متوازنة بكميات مناسبة للمساعدة على الوصول إلى الوزن المثالي، ويفضل قراءة النشرات الملصقة على الأطعمة جيدا، مع ملاحظة أهمية الابتعاد عن الأطعمة المعلبة بقدر الإمكان، أيضا يمكن أن تحتوي بعض الأدوية على الجلوتين، وإذا شك المريض في هذه الأدوية فعليه مراجعة الطبيب فورا، ويسبب هذا المرض حالة من سوء الهضم لعدد من الفيتامينات، وعلى رأسها فيتامين «ب»، ولذلك يمكن أن يتناول المريض هذه الفيتامينات بعد أخذ المشورة الطبية، ولا يتهاون في تناول المكملات الغذائية التي وصفها الطبيب، لأنها تقي المريض من الإصابة بهشاشة العظام، وتوجد بعض العلاجات التي لا تزال تحت التجربة ولم تثبت فعالياتها بعد، ويتم هذا العلاج عن طريق تناول بعض الأدوية، أو العقاقير الخالية من مادة الجلوتين، أو عن طريق إضافة بعض المواد، أو الأنزيمات إلى الحمية الغذائية، حتى يسهل على المريض تناول الأطعمة التي تحتوي على القمح بدون أي معاناة، وأيضا ينصح البعض بعلاج مرض حساسية القمح من خلال الأعشاب والنباتات، وذلك بإضافة ورد الرمان اليابس إلى كاث هندي وهي مادة تباع عند العطارين على شكل مربعات، أو مكعبات صغيرة ويتم طحنهما معاً، بحيث تضاف ملعقة صغيرة من المزيج السابق معاً إلى كوب من الماء، ويتم غليه ثم يترك ليبرد ويصفى جيداً، ويشرب مع الفطور في الصباح، وتكرر هذه العملية مدة لا تقل عن أسبوع من أجل تحسن أسرع. تأخر النمو أكدت دراسة طبية حديثة، أن ما لا يقل عن 25% من طلاب الثانوي معرضون للإصابة بمرض حساسية القمح، وبيّنت الدراسة أن أبرز ما يلفت انتباه الآباء لإصابة أبنائهم بهذا المرض هو تأخر النمو، وبعد إجراء التحاليل الخاصة وفحص الأمعاء، يتأكد السبب وراء ذلك بأنه مصاب بمرض حساسية القمح، وأشارت الدراسة إلي أن هناك اعتقاداً خاطئاً يسود بين الأطباء، وهو أن الشخص البدين غير معرّض لهذا المرض، على الرغم من أن الحجم ليس معياراً على الإصابة، وأوضحت الدراسة أن الشركات لا تقوم بتوضيح وجود الجلوتين من عدمه على منتجاتها المعروضة في الأسواق، ويمكن أن تكتب بخط صغير للغاية يصعب رؤيته. طالبت الدراسة بفصل أدوات العجن والخبز الخاصة بمرضى حساسية القمح، لعدم اختلاط المواد غير المرغوب فيها، وكشف تقرير صحفي معاناة بعض مرضى حساسية القمح في العثور على طعام مناسب لهم في الأسواق، وإذا وجد هذا الطعام يفاجؤون بغلاء سعره، وطالب البعض بتوفير بطاقة تموينية خاصة بالأشخاص المصابين بحساسية القمح، وذلك لقلة المواد الغذائية الخاصة بهم في الأسواق المحلية.
مشاركة :