باريس تحتفي بالمصور العالمي إيرفينغ بين بقلم: عمار المأمون

  • 1/7/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

باريس تحتفي بالمصور العالمي إيرفينغ بينتشكّل تجربة المصور الفوتوغرافي الأميركي إيرفينغ بين جزءا من ثقافتنا البصريّة المرتبطة بعوالم المشاهير والموضة والأزياء، إذ عمل في مجلة فوغ الشهيرة التي احتلت العديد من صوره غلافها، ليكون مساهما في تكوين معايير الجمال وصيحات الموضة منذ الأربعينات من القرن الماضي، إلا أن نشاط إيرفينغ يمتد أيضا خارج العواصم الكبرى للثقافة والأزياء، حيث قام بسلسلة من الرحلات إلى أميركا الجنوبية وأفريقيا الشماليّة لالتقاط بورتريهات وصور من الحياة اليوميّة هناك، فعدسته لم تكن حكرا على المشاهير أصحاب التأثير والصيت الذائع بل التقطت أيضا المغمورين الذين أهملتهم عدسات التصوير إلى جانب صوره المفاهيميّة التي تحوي الطبيعة الصامتة والميتة ومخلّفات الحياة اليوميّة.العرب عمار المأمون [نُشر في 2018/01/07، العدد: 10862، ص(13)]معرض يستعيد سيرة الفنان وتأثيره على تاريخ التصوير الفوتوغرافي يشهد متحف القصر الكبير في باريس هذا العام بالتعاون مع متحف الميتروبوليتان في نيويورك احتفالا بمئويّة إيرفينغ بين، إذ يستضيف المتحف معرضا لصوره الفوتوغرافية منذ بداية نشاطه الفنيّ في الأربعينات من القرن الماضي حتى موته عام 2009، لنشاهد البورتريهات التي التقطها لأشهر شخصيات القرن العشرين كإيف سان لوران و تي إيس أليوت وهيتشكوك وغيرهم، إلى جانب صور من رحلاته المختلفة حول العالم والمجموعات الفوتوغرافيّة التي عمل عليها كتلك التي تلتقط الأجساد العاريّة وأعقاب السجائر المتنوعة وغيرها من اشتغالاته على تفاصيل دقيقة من الطبيعة أو المدينة. المعرض مرتب زمنيا ويرصد تبدل الموضوعات التي عمل عليها إيرفينغ في مختلف مراحل حياته المهنيّة، والتي تبدأ منذ نهاية ثلاثينات القرن العشرين حين امتلك أول كاميرا تصوير فوتوغرافي وبدأ بالتقاط الصور المختلفة لوجبات طعام قيد التحضير أو عناصر ميتة كانعكاس لمرحلة الكساد الاقتصادي التي كانت تمر بها أميركا لينتقل بعدها في منتصف الأربعينات للعمل مع مجلة فوغ بعد مشاركته في الحرب العالميّة الثانيّة لينتج بالتعاون مع الناشر أليكسندر ليبرمان سلسلة من الصور بعنوان “بورتريهات وجوديّة” تتضمن العديد من الشخصيات المشهورة في تلك الفترة، إذ تأخذ كل شخصية وضعيّة ضمن زاوية بين جدارين ليلتقط إيرفينغ ملامح الضعف البشريّ في حالات الحصار وخيبة الأمل وخصوصا بعد الحرب العالميّة الثانيّة التي تركت شرخا عميقا في التاريخ المعاصر. وأشهر هذه الصور هي تلك التي تحوي الملاكم جو لويس الذي نراه في الزاوية مهزوما غير قادر على الحركة. ننتقل بعدها إلى سلسلة الصور التي أنجزها بين 1947 و1951 حيث كان يعمل كمصور أزياء لصالح فوغ إذ وقفت أمام عدسته أشهر العارضات اللاتي كن يرتدين أشهر التصميمات التي ساهمت بصناعة تاريخ الموضة العالميّة، لترسله بعدها فوغ عام 1948 في رحلة إلى كوزو في البيرو ثم إلى المغرب العربي حيث التقط مجموعة من الصور بعنوان “العالم في استديو” التي تعكس جوانب الحياة هناك بصورة إيكزوتيكّية من منطق يحمل جذور استعماريّة، ليبدو هذا الآخر الغرائبي الـلاأوروبي محط دهشة وتساؤل بوصفه ينتمي إلى عوالم مختلفة عن تلك التي تقدمها المجلة عادة والمرتبطة بالموضة وصرعات الأزياء.عارضة أزياء فرنسية هذه النظرة المتعالية نراها أيضا في مجموعة من الصور بعنوان “مهن صغيرة” والتي يلتقط فيها إيرفينغ مجموعة من الصور لأصحاب مهن متنوعة كحداد وقاطع تذاكر وساعي بريد وغيرهم في لندن ونيويورك وباريس، وكأن عوالم الموضة الراقيّة تتنازل لتلتقط معالم الشعبي والغرائبيّ بوصفه مختلفا، هذا الاختلاف ينبع من نظرة دونيّة ودهشة من بدائيته، وخصوصا بعد الحرب العالمية الثانية حيث تحول الطليعي بتجلياته الشعبية والبدائيّة من حالة ثوريّة إلى موضة استهلاكيّة. ما يشد الاهتمام في المعرض مجموعتان من الصور تمثلان رد فعل من قبل إيرفينغ على السياسات الاستهلاكيّة، الأولى بعنوان “العاريات 1949-1950” وهي سلسلة من الصور التي كما يتضح من العنوان تحوي صور لنساء عاريات، لكن هذه المرة وحسب تعبيره “نساء حقيقيات في وضعيات حقيقية” إذ لا نرى صور عارضات نحيلات وأجسامهن المخصصة لتكون معيارا جماليا استهلاكيا، بل لنساء عاريات من مختلف “الأشكال” دون أيّ معايير مسبقة. أما المجموعة الثانية فهي سلسلة صور لأعقاب سجائر أنجزها عام 1972 كرد فعل على الصور التي التقطها للعديد من إعلانات التبغ الذي كان يكرهه بشدّة سرّا، لتأتي هذه المجموعة كإعلان عن تأييده لمنظمة أمراض السرطان الأميركيّة التي تقف بوجه شركات التبغ والأضرار الهائلة التي يتسبب فيها التدخين. كاتب من سوريا

مشاركة :