حصار قطر جزءٌ من صفقة القرن المشبوهة

  • 1/8/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الدوحة - الراية: أكدت دراسة حديثة حول مستقبل مجلس التعاون الخليجي، أن حصار قطر يعد أحد مخططات صفقة القرن المشبوهة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان لا سيما بعد أن اتفق الطرفان على أن عدوّهما الأول هو «إيران». وشددت الدراسة التي قام بها د. جمال عبدالله، كبير الباحثين في مركز بحوث شبكة تي آر تي التركية في اسطنبول، والأكاديمي الزائر في جامعة أكسفورد البريطانية على تمسك دولة قطر ببقاء المجلس وإرسالها عدة إشارات حول استعدادها لحوار صريح وشفّاف لحل الأزمة الخليجية الراهنة دون مساس بالسيادة، فيما حذرت الدراسة من نهاية مسيرة المجلس، بعد إعلان الإمارات عن إنشائها لجنة للتعاون الاقتصادي والعسكري مع السعودية، مشيرة إلى أن هذا الإعلان يمكن اعتباره بمثابة «طلقة الرحمة» على مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وذكرت الدراسة التي جاءت تحت عنوان «مستقبل مجلس التعاون الخليجي في سياق إقليمي ودولي مُعقّد»، «أنه على الرغم من أن قطر والكويت مُتمسكتان ببقاء هذا المجلس الذي تم تأسيسه لمواجهة التحديات الأمنية للدول الأعضاء، إلّا أن إعلان أبوظبي عن تأسيس هذه اللجنة المُشتركة في يوم انعقاد القمة الخليجية يفتح الباب على مصراعيه لطرح العديد من التساؤلات عن مستقبل مجلس التعاون الخليجي؟ وهل ستكون هذه اللجنة بديلًا عن المجلس؟ أم أنها لبِنة لتشكيل كتلة جديدة داخل مجلس التعاون الخليجي؟» وأكدت الدراسة على ما أسمته اجتماع إرادة الإدارة الأمريكية التي يتزعمها الرئيس ترامب، ورؤية القيادة السعودية الجديدة التي يُمثلها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لتتضافر جهود الطرفين في عقد ما يُدعى بـ»صفقة القرن»؛ لا سيما بعد أن اتفق الطرفان على أن عدّوهما الأول هو «إيران»، فكانت تلك نقطة اللقاء المُشترك مع الضلع الثالث في مُثلث هذه الصفقة ممثلاً في «إسرائيل» التي تشارك واشنطن والرياض رؤيتهما تجاه إيران كعدو لدود يُشكّل تهديدًا لأمنها القومي ولبقائها. فكانت البداية، بزيارة الرئيس ترامب الأولى بعد تولّيه الرئاسة، والتي كانت وجهتها الرياض في 20-21 مايو الماضي وما نتج عنها رسميًا من صفقات تعدت حدود الـ 460 مليار دولار. تلا ذلك مُخطط حصار وعزل قطر، والذي لم يكن ليتم دون الحصول على الضوء الأخضر من سيد البيت الأبيض. وذكرت الدراسة أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة تمخضت عن وصول دونالد ترامب إلى رأس هرم السلطة في الولايات المُتحدة واستلامه زمام أمور البيت الأبيض في نوفمبر 2016. ولا يختلف اثنان في أن الرئيس ترامب، هو رجل أعمال وليس رجل دولة من حيث المبدأ. كما لا يختلف أحد في أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو رجل أعمال أيضا، يدير مجموعة شركات خاصة، لكنّ قدَره أن وقع الاختيار عليه ليكون ولياً للعهد، وأن يُجهز ليكون الملك القادم.مساع كويتية حثيثة للحفاظ على بقائهدول الحصار تسعى لتفكيك مجلس التعاون أكدت الدراسة نجاح مساعي أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أخيرًا في عقد القمة الخليجية الـ 38 في العاصمة الكويت يوم 5 ديسمبر، وذلك بعد ستة أشهر من اندلاع أزمة خليجية غير مسبوقة في منطقة الخليج، أدّت إلى مقاطعة ثلاث دول خليجية هي (السعودية والإمارات والبحرين) لدولة عضو في منظومة مجلس التعاون الخليجي، وهي قطر. ذكرت الدراسة أنه على الرغم من تدنّي مستوى التمثيل في القمة الخليجية الأخيرة مقارنةً بمستويات التمثيل في القمم السابقة؛ حيث لم يحضر على مستوى الرئاسة إلّا حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، والشيخ صباح الأحمد الصباح، أمير دولة الكويت (الدولة المُستضيفة للقمّة)، بينما تمّ تمثيل دول الخليج الأخرى من قبل شخصيات رسمية على مستوى وزراء الخارجية (السعودية)، وزراء الدولة للشؤون الخارجية (الإمارات) أو نواب رئيس مجلس الوزراء (البحرين وعُمان)، إلّا أن إصرار أمير الكويت على عقد القمة في موعدها المُقرر بعث برسالة إلى جميع أعضاء مجلس التعاون الخليجي مفادها، أن الكويت بصفتها «الوسيط» في الأزمة الخليجية، ورئيس الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، لن تدخر جهدًا بأن تحافظ على هذا الكيان الإقليمي الذي تأسس في 25 مايو 1981، لتعزيز أمن واستقرار أعضائه، ما سينعكس إيجابًا على أمن واستقرار المنطقة ككُل.دور أكبر لبعض القوى حسب رؤية ترامبأمريكا تسعى لإعادة تشكيل توازنات المنطقة نوهت الدراسة بأنه في علم العلاقات الدولية، تبدو القضايا مُتشابكة لحدٍ بعيد، ولفهم ما يحدث في أقصى الشرق لا بدّ من فهم ودراسة ما يحدث في أقصى الغرب. وانطلاقًا من هذا المبدأ، لم يعد سرًا القول أن هناك إرادة دولية لخلق نظام إقليمي جديد من أجل إعادة تشكيل بعض التوازنات في المنطقة، وذلك بإعطاء دور أكبر لقوى أريد أن يكون لها دور فاعل وفق رؤية سيد البيت الأبيض الجديد دونالد ترامب وخلال فترة ولايته التي يُشككُ البعض بأن يكملها. ولفتت الدراسة إلى أن قرار السعودية ببدء الحرب في اليمن على المُتمردين الحوثيين والموالين لهم من قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي اغتيل عشية انعقاد القمة الخليجية الأخيرة في الكويت، لم يصدر من الرياض ولكن تمّ الإعلان عن انطلاقها من واشنطن وعلى لسان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي كان في حينها سفيرًا لبلاده لدى الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يكن اختيار مكان الإعلان عن الحرب عبثًا، بل كان من أجل إرسال رسالة من صانع القرار السعودي مفادها أن الرياض قادرة على اتخاذ القرار دون أخذ الضوء الأخضر «مُسبقًا» من البيت الأبيض! ولعلّ ذلك، كان نتيجة وردّة فعل على سياسة الإدارة الأمريكية السابقة «إدارة الرئيس باراك أوباما»، التي رجّحت كفّة إيران على حساب دول الخليج -حسب رؤية العواصم الخليجية- من خلال مُضيّها قُدماً بإتمام صفقة الملف النووي مع طهران.السيادة القطرية .. خط أحمر أكدت الدراسة أنه لم يحدث أي اختراق خلال القمة الخليجية التي عُقدت في الكويت، فيما يخص الأزمة التي اندلعت في 5 يونيو الماضي وأدّت إلى حصار دولة قطر، وذلك بالرغم من إرسال الدوحة عدة إشارات إلى دول الحصار، أعربت من خلالها عن استعدادها لبدء حوار صريح وشفّاف مع الأشقاء في الخليج، ومناقشة توجساتهم على طاولة الحوار لإيجاد آلية تلتزم بها جميع الأطراف لحل أي خلاف آني أو مستقبلي، دون المس بسيادة أي دولة. إلا أنه في المقابل، بدا واضحاً أن دول المُقاطعة (السعودية، الإمارات والبحرين) غير مُستعدّة في الوقت الراهن للحوار مع الدوحة، لأسباب لا يعلم حقيقتها إلّا صانع القرار في عواصم تلك الدول.استكمال المخطط قبل انتخابات الكونجرس أشارت الدراسة إلى وقوع أحداث مُتسارعة عديدة منذ انعقاد القمة الخليجية في الكويت، أهمها اغتيال الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح من قبل المتمردين الحوثيين بعد انقلابه عليهم. وإعلان الرئيس الأمريكي في الـ 6 من ديسمبر أن القدس عاصمة لإسرائيل، وأن هذه الأحداث وغيرها مما شهدته المنطقة منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ممّا يدخل فيما بات يُسمّى بـ «صفقة القرن»، تشير إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية تسابق الزمن لتنفيذ ما نأت الإدارات السابقة بنفسها عن تنفيذه، لسببٍ جوهري يتمثل في أن ترامب يعي تمامًا أن لا ضامن لبقائه كرأسٍ لهرم السلطة في بلاده حتى 2020، خاصة وأن انتخابات الكونجرس قادمة في 2018، وقد تتغير المُعادلة وتُقلب المعايير في حال فوز الديمقراطيين واكتساحهم مجلسي الشيوخ والنواب.

مشاركة :