بعد مرور 9 سنوات على إلغاء صفقة K-DOW الشهيرة بأعلى غرامة مالية عرفتها الصناعة العالمية للبتروكيماويات، وتجدد الحديث عنها مؤخراً من قبل البعض ان الإلغاء أضاع فرصة استثمارية كبيرة تحقق عوائد مالية (6 مليارات دولار سنوياً)، وان إلغاءها افقد الكويت حصة بمشروع صدارة السعودي! علما بأن شركة داو بحثت مع عدة شركاء لكن لم تجد شريكاً واحداً لديه الرغبة في مصانع الصفقة، كما ان مشروع صدارة اقر قبل المشروع K-DOW بسبعة اشهر! المثير للعجب والاستفهام ان الجزء الاكبر من مصانع الصفقة هو لصناعات اساسية للبلاستيك وللكيماويات وكانت شركة داو في عام 2004 اقرت خطة للتخارج من الصناعات الأساسية لتدني الأداء وفضلت بيعها أو ادخال شريك بهدف خفض التكاليف وتحسين الربحية، ورغم علمها بخطة داو فلا نعلم لماذا تشاركت PIC بأنشطة تتخارج منها شركات كبرى؟ اضطرت بعدها داو في 2009 إلى بيع بعض المصانع لتمويل صفقتها مع Rohm & Haas. من الرسم البياني المرفق نلاحظ ان سنة 2008 شهدت تقلبات اقتصادية حادة، أسعار النفط كانت قرب 94 دولاراً للبرميل وواصلت ارتفاعها حتى بلغت أعلى قيمة لها 145 دولاراً. وقد شجعت هذه الأسعار الشركات الصناعية لعقد الصفقات التجارية، من بينها صفقات DOW مع ارامكو السعودية بقيمة 20 مليار دولار وصفقة اخرى مع شركة Rohm & Haas بقيمة 19 مليار دولار، وبالطبع صفقة K-DOW مع شركة PIC بقيمة 19 مليار دولار. وفي النصف الثاني من السنة تراجع الاقتصاد العالمي وانهار سوق العقار الأميركي وترتب على ذلك افلاس بنوك كبيرة مثل ليمان برذرز وبنوك اوروبية، مثل بنك اسكتلندة وامتناع بنكي دويتشه وكريدي سويس من تمويل صفقات كبرى وافلاس شركات بتروكيماوية كشركة TRONOX، وثالث أكبر شركة LYONDELLBASWLL طلبت الحماية من الإفلاس، وإلغاء صفقات عديدة مثل صفقة HUNTSMAN/HEXION بقيمة 11 مليار دولار، اذ دفعت شركة HEXION غرامة مالية بلغت 325 مليون دولار، لإلغاء صفقتها (قارن بغرامة الداو 2.5 مليار دولار)، في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية العالمية المتردية وقعت صفقة K-DOW واستمرت أوضاع السوق العالمي بالتراجع بشكل غير مسبوق وصلت فيه أسعار النفط الى ادنى سعر له عند 37 دولاراً، وهبط سعر سهم شركة داو من 40 دولاراً إلى 14 دولاراً، ما اضطر المجلس الأعلى للبترول الى الغاء الصفقة ودخلت الكويت في دوامة الشرط الجزائي غير المحسوبة! الشرط الجزائي لم يكن متوازناً لحفظ حق الكويت في الحصول على نفس قيمة التعويض في حال الغت داو الصفقة، إذ يصعب على الكويت اثبات تعرضها لخسائر تمكنها من الحصول على 2.5 مليار دولار، أليس وجود الشرط الجزائي هو لحفظ حق الطرفين بشكل متساو؟ صفقة أكوابوليمرز التي ابرمتها PIC مع شركة داو عام 2004 كبدت الكويت خسائر جسيمة بلغت حوالي 350 مليون دولار، لماذا لم تقاضي شركة داو؟ أو تقاضي المكتب الاستشاري؟ نجد هناك عوامل مشتركة بين الصفقتين، أولاً نفس الشريك الاستراتيجي في الصفقتين (داو كيميكال)، ثانيا نفس المكتب الاستشاري الذي وضع دراسة الجدوى للصفقتين (اكوابوليمرز، كي-داو)، ثالثاً الأهداف الاقتصادية في الصفقتين وتحقيقها لعوائد مالية عالية على رأس المال المستثمر. أعلن حكم التحكيم لكن ظلت عناصر الخسائر التي بلغت 2.49 مليار دولار غير معلنة، أليس من حقنا بعد دفع الغرامة المليارية ان نعرف شيئاً عن تلك الخسائر بتفاصيلها؟ متى وكيف وقعت ومدى ارتباطها المباشر بالغاء الصفقة؟ أليس من حقنا ان نعرف لماذا اعطيت شركة داو خطاب تطمين بعد قبول PIC تنفيذ الحكم؟ وهل هناك ما نخشاه في الافصاح عن الخسائر بشكل تفصيلي؟ لا نعلم لماذا لم تنوع شركة PIC مجال الاستثمار مع شركات بتروكيماوية أخرى بدلا من الاصرار على الشريك الأوحد داو وتجنب تكرار تجربة فاشلة وخاسرة مثل اكوابرليمرز، هذا الشريك لم يراع شراكة طويلة حصل فيها على دعم لسعر الغاز الطبيعي حققت له وما زالت تحقق أرباحاً زادت على عشرة مليارات دولار منذ عام 2001. بمراجعة التقارير السنوية لشركة داو منذ عام 2007/2001 نجد ان متوسط نسبة العائد على صافي المبيعات للشركة حوالي %6، بينما توقع المستشار المالي عائد للصفقة تصل %11! وإذا أخذنا متوسط نسبة العائد من 2016/2008 (بفرض وجود مصانع الصفقة ومصانع رووم) نجد ان النسبة ارتفعت إلى %7.5، فمن نصدق بعدها المستشار المالي للصفقة أم نصدق ما يروجه البعض بأن صفقة K-Dow كانت فرصة استثمارية نادرة؟! أم نصدق التقارير المالية السنوية للشركة؟! عبدالحميد العوضيخبير متخصص في تكرير وتسويق النفط
مشاركة :