بعد ان سوق النظام الايراني نظرية المؤامرة لإسقاط النظام وصبغها على الاحتجاجات التي شهدتها المدن الايرانية على سوء ادارة النظام والفساد وسرقة اموال الشعب، نفى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي ايه) مايك بومبيو، أي ضلوع لوكالته في حركة الاحتجاج. وقال بومبيو لقناة فوكس نيوز معلقا على الاتهامات «هذا ليس صحيحا. إنه الشعب الإيراني. هم من احدثوها (الاحتجاجات) وبدؤوها وواصلوها للمطالبة بظروف عيش افضل وبالقطيعة مع النظام الديني الذي يعيشون في ظله منذ 1979». وكان النائب العام الايراني محمد جعفر منتظري اتهم واشنطن واسرائيل والسعودية واربيل بالوقوف وراء هذه التحركات. وقال بومبيو امس «اعتقد اننا سنستمر في رؤية الشعب الايراني يثور» مضيفا ان التظاهرات «لم تنته» رغم الهدوء السائد منذ ايام. روحاني يتحدث في المقابل قال الرئيس الإيراني حسن روحاني امس إن الاحتجاجات ليست موجهة إلى الاقتصاد فحسب، وذلك في تصريحات تشير إلى أنها تستهدف أساسا المحافظين المتزمتين الذين يعارضون خططه الرئيسية لتوسيع نطاق الحريات الفردية في الداخل وتعزيز الوفاق في الخارج. كما دعا روحاني إلى رفع القيود المفروضة على وسائل التواصل الاجتماعي التي يستخدمها المحتجون المناهضون للحكومة وذلك في أصعب تحد تواجهه السلطات المتشددة منذ عام 2009. ونقلت وكالة تسنيم الاخبارية عن روحاني قوله «سيكون تحريفا (للأحداث)، وكذلك صفعة للشعب الإيراني، القول إن مطالبه كانت اقتصادية فقط». وأضاف «الشعب له مطالب اقتصادية وسياسية واجتماعية». وكانت صحيفة التايمز قالت في وقت سابق ان الحرس الثوري الايراني حاول تسويق التظاهرات على انها موجهة ضد روحاني وحكومته وليس ضد النظام والمرشد الاعلى علي خامنئي، واضافت ان الحرس عمل على صناعة افلام فيديو وتسويقها خدمة لهذا الغرض. وردد روحاني بعضا من وعوده الانتخابية، فقال امس إنه يجب السماح للمواطنين بانتقاد جميع المسؤولين الإيرانيين دون استثناء. وقال «لا أحد بريء. وللناس انتقاد الجميع». كما رفض الدعوات التي يطلقها رجال الدين المتشددون الذين طالبوا الحكومة بمنع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. ونشرت معصومة، ابتكار نائبة الرئيس الإيراني تغريدة على تويتر قالت فيها إن روحاني يصر على ضرورة الإفراج عن كل الطلبة المعتقلين. وقال وزير التعليم محمد بطحائي، إن كثيرين من التلاميذ بين المعتقلين وإنه يطالب بإطلاق سراحهم قبل موسم الامتحانات. وفي هذا السياق قال حامد شهرياري، نائب رئيس القضاء إنه تم التعرف على كل قادة حركة الاحتجاجات واعتقالهم وإنهم سيعاقبون عقابا شديدا وربما يواجهون الإعدام. فيما أكدت نائبة إيرانية امس وفاة أحد المحتجزين في السجن. ونقلت وكالة العمال الإيرانية عن طيبة سياواشي، قولها «هذا شاب عمره 22 عاما ألقت الشرطة القبض عليه. وتم إخطاري بأنه انتحر في السجن». الانتفاضة مستمرة بعدة أشكال هذا وتستمر الدعوات على الانترنت لتصعيد الاحتجاج ضد النظام لاستعادة الحقوق والحريات، ووجه المتظاهرون غضبهم في البداية إلى الأسعار المرتفعة وما يتردد عن الفساد، غير أن الاحتجاجات أخذت منعطفا سياسيا نادرا ما تشهده ايران وذلك احتجاجا على فساد السلطة الدينية، إذ دعا عدد متزايد من الناس إلى تنحي الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي. وكانت صفحة «حريتي المسروقة» على فيسبوك التي تهتم بنشر صور ومقاطع فيديو لإيرانيات يخلعن الحجاب ويمشين في شوارع ايران، نشرت صورة لرجل الدين شهرودي الذي يتعالج في مستشفى في المانيا، وعلقت عليها بالقول إن «العالم غير عادل.. هذه هي صورة رجل دين إيراني مريض يعالج في مستشفى حديث في ألمانيا. اسمه شهرودي وهو مسؤول عن وفاة الآلاف من الإيرانيين وتعذيبهم واعتقالهم دون سبب. ولسوء الحظ، ونظرا للصورة الرهيبة التي أعطاها رجال الدين لإيران، فإن الإيرانيين العاديين ليسوا محظوظين عندما يتعلق الأمر بالقدرة على العلاج في الخارج بينما الأشخاص الذين لديهم سجل حافل من القسوة مثل شهرودي يبدو أنهم قادرون على إيجاد طريقة لتلقي العلاج في الغرب بأموال الشعب الإيراني». وفيما دخلت الاحتجاجات أسبوعها الثاني بتظاهرات متفرقة وخافتة في شتى أنحاء البلد. بدون وجود قيادة أو حزب لدعم حشود المتظاهرين، وبرزت كحدث غير مسبوق منذ ثورة 1979، وكشفت الوجه القمعي للنظام، لاسيما مع سقوط العدو الأسطوري الذي خلقته ثورة آية الله خميني، الذي يتمثل في الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفيتي السابق وإسرائيل، بعد العلاقات التي بدأ النظام ينسجها مع الغرب عقب الاتفاق النووي، وبالرغم من حشد النظام لمؤيديه لإظهار ان الشارع الايراني معه -برزت الشعارات الحقيقية التي كان الشعب يهتف بها في التظاهرات المناهضة وكانت ضد أصدقاء النظام الإيراني في سوريا ولبنان وفلسطين، فغالبية الايرانيين يعرفون أين وكيف ولأي سبب يقوم النظام الإيراني بإنفاق ثرواتهم وهم يشعرون بالغضب من ذلك، والذين ثاروا عام 2009 على نتائج الانتخابات وفساد حكومة احمدي نجاد دعماً للتيار الاصلاحي، انتفضوا هذه المرة بشكل تلقائي لإجبار النظام على الاستماع إلى مطالبهم وإنفاق ثروات البلد على الشعب بدلاً من تمويل التطرف، وانتزاع الحريات المدنية. وفي هذه المرة اذا قدر للحركة الاحتجاجية ان تستمر سيكون الأمر أشبه بثورة 1979، لكن عكسياً. (ا ف ب، بي بي سي، رويترز، سي ان ان)
مشاركة :