إبداعات الشباب.. نبض المسرح الإماراتي ومستقبله المشرق

  • 1/9/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: محمدو لحبيب بشكل مطرد ومتسارع تفتح المسارح في الإمارات كل عام ستائرها، لتفصح عن مواهب جديدة في كل عناصر العملية المسرحية سواء في الإخراج أو في الكتابة، أو السينوجراف، أو غيرها من تقنيات العرض المسرحي.لم يأتِ ذلك من فراغ، ولم يكن وليد الصدفة، بل كان نتاج حركة دؤوبة بدأت منذ ستينات القرن الماضي، وتطورت خلال سنوات السبعينات والثمانينات لتفرز شكلاً احترافياً مكتملاً، ثم تواصلت المسيرة عبر جهد ترعاه الدولة وتشرف عليه وتوفر له كل الإمكانات، وفي هذا المجال لا بد أن يذكر الاهتمام والرعاية اللتين يوليهما صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لتطوير المسرح، ومختلف الجهود التي بذلها ويبذلها من أجل تكوين أجيال مسرحية جديدة، انطلاقا من رؤيته الواعية بأن استمرار تطور المسرح لا بد أن يرافقه تأسيس بنيوي متدرج يسمح للشباب والناشئة بالإفصاح عن مواهبهم، ويسمح لهم بعد ذلك بالدخول تدريجيا في قلب الحركة الاحترافية المسرحية في الإمارات، وتطويرها انطلاقا من فهمهم لرؤية الدولة في هذا المجال واستفادتهم من كل أنواع الدعم المرصود لذلك.وهنا يبرز السؤال الهام: كيف يمكن أن تلج تلك الأجيال مسار التطوير في المسرح وتتفاعل مع الأجيال السابقة لها بسلاسة ودون أن يكون هناك انفصام أو فجوة؟، «الخليج» استطلعت آراء بعض المسرحيين الإماراتيين في هذا الصدد، ووجهة نظرهم فيما يتعلق بموضوع تفاعل الأجيال المسرحية. رأى الممثل والمخرج حميد سمبيج أن المجال متاح ومفتوح أمام الأجيال الجديدة بشكل واسع، وأن المهرجانات والمواسم المسرحية والفعاليات المدعومة من قبل الدولة توفر مناخا إيجابيا يسمح ببروز طاقات مبدعة شبابية ومن مختلف الفئات العمرية.وأضاف أن تلك الأجيال الجديدة بحكم طبيعتها العمرية لها رؤية خاصة تنطلق من واقعها ومفرداته التي تبرز فيها سيطرة الوسائط السمعية والبصرية الجديدة، وبالتالي فهم سيجسدون رؤيتهم تلك في إطار العروض المسرحية التي سيشتركون فيها، وبالتالي سيضيفون جديدا مختلفا عمن سبقهم.وأكد سمبيج أن الأجيال الشابة هي من ستدير المستقبل وأنها ستكون ملمة بأحدث الفنون والتقنيات وبالتالي لا مجال لعزلها أو عدم تشجيعها.وعن التواصل مع هذه الأجيال ودمجها بسلاسة في إطار الحركة المسرحية، قال سمبيج: «إن الملاحظ لتطور المسرح الإماراتي منذ الثمانينات سيرى أنه كان ثمة تقبل للأجيال المسرحية الشابة، وقد استفاد الجيل الشاب آنذاك من الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة، واستفاد من الخبرات العربية الكبيرة التي وفرتها، واستطاع التفاعل مع من سبقوه والاستفادة من خبراتهم ليبني تجربته الخاصة، وبالتالي علينا أن نصنع نحن نفس الشيء مع الأجيال الجديدة ونعطيها الفرصة كاملة لتحقق رؤيتها وتستفيد من خبراتنا.وشدد على أهمية الدورات التدريبية المسرحية في تطوير المواهب الشبابية وتوصيلها إلى الشكل الاحترافي المطلوب، وعلى ضرورة ابتعاث الشباب في دورات إلى الخارج للاستفادة أيضا من خبرات الآخرين، كما طالب سمبيج بأن تتاح للأجيال الشابة فرصة المشاركة في الإدارة في الفرق والجمعيات المسرحية، وقال إنهم في مسرح الشارقة الوطني يفتحون أبوابهم لكل الأجيال الجديدة، ويدعونهم من خلال هذا المنبر إلى الالتحاق بهم، ويوفرون لهم بنية مسرحية متكاملة تحت تصرفهم من أجل تطوير مواهبهم والاستفادة من طاقاتهم في دعم وتنمية الحركة المسرحية في الإمارات.المخرج محمد العامري أشار إلى أن الشباب بشكل عام هم الثروة الحقيقية للدولة وهي تعول عليهم في تحقيق رؤيتها في كل المجالات بما فيها الثقافة والمسرح، وأضاف أنه من خلال ما أسسه الجيل السابق يأتي دور جيل الشباب لتأكيد ذلك التأسيس، وتبدأ الانطلاقة من جيلنا لصنع مرحلة جديدة وتطوير المسرح الإماراتي من خلال الاستفادة من الإمكانيات الكبيرة المتاحة حاليا.ودعا العامري إلى استفادة الشباب من الخبرات والأجيال الحالية، وأكد أن تطور المسرح الإماراتي بفعل التفاعل والتواصل بين الأجيال المختلفة بات واضحا للجميع، وأن هذه الانطلاقة الحالية للمسرح عكست التطور الحاصل على مستوى الإخراج والكتابة المسرحية ومختلف عناصر العرض المسرحي.وأشار إلى أن الكتاب الشباب الإماراتيين باتوا يبحثون في مناطق وقضايا الوقت الراهن، وأصبح الجيل الجديد واعيا بما يحدث من حوله وتلك الإشكالات التي يفرزها الفكر الظلامي، وبالتالي صار قادرا على التصدي لها من خلال النصوص المسرحية الملائمة لذلك، وهذا يعتبر تطوراً كبيراً يصب في مصلحة الحركة المسرحية الإماراتية.يبقى إذن أمام أي متابع للمسرح الإماراتي أن يتوقع تطوراً سريعاً وبنيوياً لا يخدم رؤية الإمارات فقط، بل يخدم المواطن العربي أينما كان، ويؤسس لمناقشة واقعه وأزماته، ويتبين ذلك على الأرض من خلال ذلك العمل المؤسس له بعناية والذي تتواصل فيه الأجيال دون انفصام بينها.

مشاركة :