اتهم مركز الحرب الفكرية نظريات جماعة «الإخوان المسلمين» بتأصيل الأفكار الإرهابية، وإثارة عواطف الشباب نحو الكراهية والعنف والتكفير، معتبراً إياها «نواة التطرف المعاصر»، واصفاً نظرياتها بـ«نبتة الشر»، مؤكداً استهدافها الشباب باستغلال «العاطفة الدينية» لدى الفئات الأقلّ وعياً. وكشف «المركز» التابع لوزارة الدفاع السعودية، والهادف إلى تكوين فهم عميق ومؤصّل لمشكلة التطرف من خلال أسباب وكوامن النزعات المتطرفة، عن تركيز جماعة الإخوان على مبدأ الخروج من الدولة الوطنية ومبايعة المرشد العام، مؤكداً في سلسلة تغريدات بثها عبر معرفه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، خلال الأيام الماضية، أن مرحلة عدم تمكين الجماعة الإرهابية تُجيز لهم التعامل مع أية وسيلة توصل للغاية؛ مشيراً إلى أن «الميكافيلية» تمثل عندهم قاعدة الانتشار والتحضير للتمكين، كما ترى الجماعة الإرهابية، أن تنظيم «داعش» و«القاعدة» استعجلوا المشروع وأخطأوا في بعض الأدوات فقط. ورأى «المركز» أن نظرية «المفاصلة» و«العزلة» الشعورية، التي أسس لها التنظير الإخواني وفق ما أسماه بـ«جاهلية القرن الـ20» نواة التطرف المعاصر، إذ ألهبت شُبُهاتها حماسة بعض الشباب المسلم، وكونت لديهم منهجاً منفصلاً ومنعزلاً «وجدانياً» عن مجتمعهم، ومكفّراً له، معتبراً نظريات جماعة الأخوان التي اعتزلت الأمة ونعَت على دينها ودُولها ووصفَتها بالجاهلية الأولى، وهيجت عاطفة بعض شبابها على الكراهية والعنف والإرهاب، «نبتة الشر» في خاصرة الإسلام، إذ نفخ فيها التدليس بشعاراتها ودعم حاضنات إرهابها بمكايدَ كانت الأكثرَ إسهاماً في تعرية فكرها وكشف مُخَبَّآتها. وأكدت تغريدات «المركز» أن التطرف الإرهابي يعتمد في تحريفه لدلالات النصوص على ما يذكر من فقه الواقع، وأساس هذه الشبهة هو الخلط بين تغيُّر الفتاوى والأحكام «بحسب الاقتضاء والإمكان» عند تغير الزمان والمكان والعادات والأحوال، وبين عسف دلالة النصوص ونكث أصول الشريعة وقواعدها بالتأويلات الفاسدة، مشيرة إلى أن التطرف يركز في شبهاته على إثارة العاطفة الدينية، مستهدفاً في ذلك الفئات الأقلّ وعياً، بحيث لا يحركها سوى حداثة سنها ومجازفات عاطفتها (المجردة)، فيما تُعتبر تلك الفئاتُ الأكثرَ تشرُّباً وتمريراً للشبهات بوصفها «الأقل حظاً» في علوم الشريعة، وفقه مقاصدها وموازناتها. بدوره: قال لـ«الحياة» الباحث في شؤون الإرهاب والجماعات المتطرفة أحمد الموكلي: «إن المصطلحات والأدبيات، التي نظّرت إليها جماعة الإخوان، كالحاكمية، والمجتمع الجاهلي، وجاهلية القرن الـ20، أحدثت خللاً وازدواجاً في التركيبة العقدية والنفسية لدى كثير من الشباب الذين التحقوا بالجماعات الإرهابية، وفصلتهم عن هويتهم الدينية والثقافية والاجتماعية». وأردف: «حتى تتجلى الصورة لا بد أن نعود أولاً إلى مفهوم المجتمع الجاهلي كما عرفه سيد قطب، وهو ما أشار إليه في كتابه المعالم بأنه: (هو المجتمع الذي لا يُطبق فيه الإسلام، ولا تحكمه عقيدته وتصوراته، وقيمه وموازينه وسلوكه ونظامه وشرائعه...)، وعلى رغم الخلاف حول مسالة تكفيره المجتمع من عدمه، وما تبع ذلك من شهادات من بعض قيادة الإخوان، التي استوضحت من سيد قطب نفسه، بحسب ما ورد في شهاداتهم، وأديباتهم، بأنه لم يكن يقصد بجاهلية المجتمع تكفير الناس، وإنما حكم عام ليس على مجتمع بعينه أو أفراد، فإذا كان مثل هذا القول أحدث إشكالاً حتى عند قادة وأعضاء الإخوان أنفسهم، فما بالك بالشباب الذين تشربوا هذا الفهم»؟ وأضاف الموكلي: «كذلك يشير في الكتاب نفسه في معرض حديثه عن الجاهلية، بقوله: (ليس لنا أن نجاري الجاهلية في شيء من تصوراتها، ولا في شيء من أوضاعها، ولا في شيء من تقاليدها، مهما يشتد ضغطها علينا، إن وظيفتنا الأولى هي إحلال التصورات الإسلامية، والتقاليد الإسلامية في مكان هذه الجاهلية)، مشيراً إلى أنه من خلال نظريته (العزلة الشعورية) يتضح أنها هي الآلية المناسبة لتنفيذ هذه الوظيفة وإحلال التصورات الإسلامية». وتابع الباحث في شؤون الإرهاب والجماعات المتطرفة: «في نظريته هذه يرى عدم اعتزال الناس لأي سبب كان، ولكن العظمة الحقيقية، حسب ما يرى، مخالطة هؤلاء الناس، والعطف عليهم.. ومثل هذه النظرية لمسنا تطبيقها عملياً من التنظيمات والجماعات الإرهابية؛ فكثير من أعضاء وقادة هذه الجماعات كانوا منخرطين في المجتمعات، يجارون الناس في عباداتهم، وحياتهم الخاصة، لكن في واقع الأمر هم يكفرون هؤلاء الناس، ويكفرون الحكومات، وأثبتت لاحقاً مؤلفاتهم وكتاباتهم، التي كانوا ينشرونها بأسماء مستعارة في الإنترنت حقيقة هذه النظرية، ومن تلك «الباحث عن حكم قتل أفراد وضباط المباحث»، وكتاب «العمدة في إعداد العدة»، مؤكداً أن هذه الجماعات أصبحت مسكونة بهذه النظرية وتجذرت داخلها. وكان مركز الحرب الفكرية بث خلال رسائله التوعوية، التي أطلقها عبر حسابه في «تويتر»، عدداً من التغريدات عن أفكار جماعة «الإخوان المسلمين»، التي أدرجتها المملكة في آذار (مارس) 2014 ضمن الجماعات والتنظيمات الإرهابية المحظورة، إلى جانب تنظيم القاعدة وفروعه في اليمن والعراق وسورية، إضافة إلى «داعش»، و«جبهة النصرة»، و«حزب الله داخل السعودية»، و«الحوثي»، والجماعات والتيارات الواردة في قوائم مجلس الأمن والهيئات الدولية، التي عُرفت بالإرهاب وممارسة العنف، فيما يعنى «المركز»، الذي يترأس مجلس أمنائه وزير الدفاع، بمواجهة جذور التطرف والإرهاب، وترسيخ مفاهيم الدين الحق، كما أطلق أخيراً، عدداً من الرسائل التوعوية عبر معرفه الرسمي بـ«تويتر»، وذلك ضمن أعماله في ملاحقة أيديولوجية التطرف في العالم الافتراضي، الذي يُشكِّل أهم أدوات انتشاره، كما يُواجه المواد، التي تبثها الآلة الإعلامية للتطرف بالطرح العلمي والفكري المؤصَّل على الفهم الصحيح لنصوص الكتاب والسنة. ويعمل «المركز» على تقديم مبادرات فكرية للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، كما يُحصِّن الشباب حول العالم من التطرف ببرامج وقائية وعلاجية، كما يهدف إلى تكوين فهم عميق ومؤصّل لمشكلة التطرف من خلال أسباب وكوامن النزعات المتطرفة، وفهم الأدوات والمنهجيات، التي تستخدمها الجماعات المتطرفة، وتحديد الفئات المستهدفة من تلك الجماعات، والتعاون الفعّال مع المؤسسات المحلية والعالمية، إضافة إلى تطوير وبناء وتنفيذ خطط فاعلة لمكافحة التطرف، بما في ذلك تعزيز قيم الاعتدال والتسامح والحوار والتفاهم في سياق الإيمان بحتمية التنوع والتعددية، والإفادة من الدراسات والبحوث من خلال إنشاء منصات علمية وفكرية، ومنتقيات عالمية، وكراسٍ بحثية، وأدوات استطلاع وتحليل.
مشاركة :