أهالي لبدة الليبية يتطوعون لحماية آثار بلادهم من النهب والسرقة

  • 1/9/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أهالي لبدة الليبية يتطوعون لحماية آثار بلادهم من النهب والسرقةتمتلك ليبيا كنزا ثريا من الآثار التي تعود إلى مختلف مراحل الحضارة الإنسانية، من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر العثماني، وقد تم التنقيب عن مواقع المدن القديمة من العصور اليونانية والرومانية ودراستها، ومعظمها يقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط. وتعتبر البقايا الرائعة لمدينة لبتيس ماغنا (لبدة الكبرى) الرومانية، الأكثر شهرة في كل البلاد، لكن الفوضى وغياب القانون شجعا على سرقة الآثار من المواقع البارزة فوق سطح الأرض دون حماية، وتعتبر تقارير الأخبار عن الآثار التي تتعرض للسرقة أو تتم استعادتها أمرا منتظم الحدوث، ما جعل الأهالي يلجأون إلى حمايتها بأنفسهم.العرب  [نُشر في 2018/01/09، العدد: 10864، ص(20)]قوس سبتيموس سيفيروس شاهد على تعاقب الحضارات لبدة (ليبيا) - منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011 تعاني الكثير من الآثار الليبية إهمالا في الترميم، حيث لحق بالعديد منها تخريب وتشويه وسرقات في ظل التوتر الأمني الذي تشهده البلاد على مدى السنوات الماضية. يقول مراقب آثار لبدة عزالدين أحمد الفقيه، إن “المدينة تعاني من مشكلات عديدة، أولاها أنها غير مسيّجة، فهي مفتوحة من جهاتها الأربع، فلا يوجد سور يحميها ويتحكم في دخول وخروج الزوار”. كما توجد “مشكلات بشرية تتمثل في سرقة الآثار وتشويه رسومات تحتويها المدينة الأثرية، ومشكلات طبيعية، تتمثل في زحف البحر والرمال والتعرية، ما يؤدي إلى سقوط أجزاء من آثار المدينة في حال عدم إجراء ترميم سريع”. ويضيف، أن “المدينة تفتقر إلى الحماية من قبل الأجهزة الأمنية المعنية، كشرطة السياحة، فتلك الشرطة مجرد اسم بلا عمل، ومن يحمون المدينة هم متطوعون”. أمام هذا الوضع المتردّي الذي يهدد الكنز الذي تحتوي عليه مدينة لبدة الأثرية تطوّعت مجموعة من السكان لحماية مدينتهم الأثرية التي كان يزورها السياح الأجانب والزوار المحليون قبل الثورة، وفي مقدمتهم الحاج علي. يقول علي حسين احربيش (55 عاما)، موظف سابق في الشركة الوطنية للكهرباء ومتطوع لحماية آثار لبدة، إن “المدينة الأثرية تمثل موروثا ثقافيا عالميا.. هذا التراث ملك لنا جميعا ومجد وحضارة لكافة الليبيين”، مضيفا، “لقد تربينا ونحن أطفال في المدينة وبين آثارها، لهذا نحمي هذه المدينة المهمة، فهي مقصد للسياح من داخل وخارج ليبيا”. ويتابع “أنا ومجموعة معي نحمي المدينة منذ سبع سنوات من دون أي مقابل، وهذا المقابل هو وطني”. ويقول السكان المحليون إن السياح الأجانب كانوا يترددون على المكان قبل انتفاضة 2011، لكن الزيارات توقفت مع تدهور الوضع الأمني سريعا خلال عامي 2013 و2014 حيث تسببت الصراعات في وجود حكومات متنافسة، الأمر الذي عرقل جهود الصيانة المحلية والدولية. يقول زكي أصلان ممثل الدول العربية في حفظ التراث المادي والأثري (إكروم) وهي هيئة تهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي وتنظم برامج تدريبية لليبيين “نسعى لتشجيع الناس العاديين على حماية التراث الثقافي.. إننا نبذل قصارى جهدنا، لكن في بلد لا يطبق فيه حكم القانون إلى حد ما، تبرز أعمال بناء غير قانونية وتجاوزات في بعض المواقع، هذا الفراغ سمح بوقوع بعض أعمال النهب”. على بعد 120 كلم شرق العاصمة الليبية طرابلس تقع مدينة لبدة الأثرية، التي أسسها بحارة فينيقيون في القرن السابع قبل الميلاد، ثم أصبحت من أبرز مدن الشمال الأفريقي في عصر الإمبراطورية الرومانية. ولبدة، أو كما تسمى “لبدة الكبرى”، تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، عند مصب وادي لبدة، الذي يحتضن مرفأ طبيعيا، يقع على بعد ثلاثة كيلومترات شرقي مدينة الخمس.الحراس لا يحصلون على رواتبهم، وأغلب الزوار محليون باستثناء قلة من الأجانب يأتون بين الحين والآخر وصنفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) هذه المدينة الزاخرة بالمباني الأثرية، عام 1982، ضمن قائمة مواقع التراث العالمي. يقول عزالدين أحمد الفقيه، إن “لبدة أسسها بحارة فينيقيون، في القرن السابع قبل الميلاد، والمكان الأول الذي تأسست فيه هو منطقة الميناء، الذي يسمى بالميدان القديم”. وأوضح، أن “المدينة اتسعت وتطورت مع مرور الزمن.. وموقعها الاستراتيجي ساعد بشكل كبير على تطورها”. ويضيف، أن “لبدة مرت بأربع مراحل، أولاها مرحلة التأسيس، وهي المرحلة الفينيقية، ثم المرحلة الرومانية، حيث عرفت المدينة ازدهارا وقوة، والمرحلة البيزنطية، وهي مرحلة الضعف، وأخيرا المرحلة الإسلامية”. يقول علي حربيش “أتمنى أن يتمكن أحد من الحفاظ على الموقع وحمايته، ليعطي للسياحة دفعا في المدينة وفي جميع أنحاء ليبيا، لأن الأجانب يظنون أن ليبيا بلد فوضى ويفتقد إلى الأمن”. الحراس لا يحصلون على رواتبهم وأغلب الزوار محليون باستثناء قلة من الأجانب يأتون بين الحين والآخر منهم سائح أو اثنان امتلكا الجرأة للوصول إلى الموقع. وفي أيام العمل، يكون الموقع مهجورا تقريبا باستثناء مجموعة من المراهقين المحليين الذين ينتشرون في المكان الفسيح. يقول وهو واحد من عشرات الحراس المتطوعين إنه لا يزال يوجد البعض من شرطة السياحة “لكن لا يستطيعون حماية الموقع”. ويقول مؤسس الشركة وهو الإيطالي جيانلوكا بارديلي إن نحو 60 سائحا غير عربي سافروا إلى ليبيا في العام الماضي وإن شركته نقلت ستة أشخاص إلى هناك منذ انطلاقها في مايو. وتتيح شركة لوباين السياحية، التي يقع مقرها في المملكة المتحدة، رحلات إلى ليبيا أيضا، وتقدم “رحلات إلى وجهات فريدة بأسعار اقتصادية”. ويرى بارديلي إمكانات ضخمة في ليبيا منها السياحة للإيطاليين الذين استوطنت أسرهم بليبيا في السابق، لكن ولدواع أمنية لا ينظم رحلات إلى آثار صبراتة في غرب ليبيا وقوريني في الشرق أو إلى الصحراء. وقال إن المشكلة الوحيدة التي تواجه العملاء هي التعطل في مطار طرابلس موضحا، “أن اثنين من السياح خضعا للاستجواب لساعات بالمطار مؤخرا ففاتتهما الرحلة”. وأوضح قائلا، “عندما تُفحص الجوازات، في بعض الأحيان تمضي الإجراءات بسهولة وخلال 30 دقيقة نكون خارج المطار.. وفي بعض الأحيان يستغرق الأمر ساعات طويلة”.

مشاركة :