روحاني يعترف بأن الإعلام الإيراني أداة بيد مجموعة سياسية فقطلا يخفى على المواطن الإيراني أن إعلام بلاده ليس سوى أداة في يد السلطة الحاكمة ينطق بلسانها، وهو ما أقر به الرئيس حسن روحاني الذي طالب بأن تكون القناة الرسمية مرآة للشعب وليس لمجموعة سياسية محددة، لكن من غير المرجح أن تلقى هذه المطالب صدى لدى السلطة الرئيسية في البلاد.العرب [نُشر في 2018/01/10، العدد: 10865، ص(18)]الصورة في الإعلام ليست طبق الأصل من الشارع الإيراني طهران - اعترف الرئيس الإيراني حسن روحاني أن التلفزيون الرسمي لا يمثل المواطنين ولا يعكس الواقع، وما هو إلا أداة بيد مجموعة سياسية. وانتقد روحاني، القناة الرسمية في بلاده، مطالبًا إياها أن تكون مرآة للشعب “وليس لمجموعة سياسية محددة”، وذلك في كلمة ألقاها، الاثنين، خلال اجتماع بالعاصمة طهران، حيث تطرق إلى المظاهرات التي انطلقت في بلاده في 28 ديسمبر الماضي. وأشار إلى أنه ينبغي أن تكون هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية بأمر الشعب وليس بأمر أي مجموعة سياسية. ودأب التلفزيون الإيراني منذ انطلاق الاحتجاجات على وصم المحتجين بالخونة وبأنهم عملاء للدول الأجنبية، إلى جانب التركيز على المظاهرات المؤيدة للسلطة والقول إنها تجتاح المدن والبلدات الإيرانية، فيما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور قمع الاحتجاجات وتنكيل الشرطة وقوات الأمن بالمتظاهرين. كما أظهرت لقطة مصورة تداولتها الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام خارج البلاد، قيام مراسلة لوسيلة إعلام إيرانية بوضع ورقة مكتوبة أمام أحد المواطنين في الشارع أثناء مداخلته معها لقراءة ما يجب عليه قوله. وتظهر الصورة حجم التزييف في وسائل الإعلام الإيرانية، وتلقين المواطنين الذين يظهرون على الشاشات ما ينبغي قوله وبثه أمام الرأي العام. وقال روحاني في كلمته “على الجميع التمتع بالشفافية. يتوجب إعلام الشعب بشكل مقنع. وينبغي أن تكون القناة الرسمية مرآة للشعب وليس لمجموعة سياسية محددة”. ولفت إلى وجود “صراع أجيال” بين الشباب والمسؤولين في إيران. يشار إلى أن شبكة “IRIB” الإيرانية الحكومية لديها 8 قنوات محلية و30 إقليمية وهي الشبكة التلفزيونية الوحيدة التي تقوم بالبث في إيران، فيما تحظر طهران على القنوات الخاصة العمل في البلاد. وتواجه الشبكة انتقادات من قبل المعتدلين والإصلاحيين بالتحيّز في سياستها لصالح المحافظين.مظاهرة واحدة مؤيدة للنظام تحولت في التلفزيون الإيراني إلى مظاهرات متعددة شملت مدن مختلفة في أنحاء البلاد ويقول متابعون للشأن الإيراني أن مطالب روحاني لن تجد من يستمع لها، وما هي إلا محاولة لإظهار أن هناك تعددا للآراء في إيران، لكنها تبقى كلها تحت سلطة المرشد الأعلى علي خامنئي. ويضيف المتابعون أن الدولة تسيطر على وسائل الإعلام التي تبث داخل إيران وتعكس فكر النظام فقط. ودأبت السلطات على إغلاق العديد من المؤسسات الإعلامية المؤيدة للتيار الإصلاحي، وسجن كتّابها ورؤساء تحريرها. ويصف العديد من الناشطين في مجال حرية الإعلام إيران بأنها “من أكبر 5 سجون في العالم” للصحافيين. وذكر الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية، أمجد طه، أن التلفزيون الإيراني ينشر صورا لمظاهرة واحدة ويدّعي أنها في أماكن متفرقة بالبلاد. وقال طه في تغريدة له على تويتر “تحدث الآن في إيران فضيحة تلفزيون إيران الرسمي.. ينشر صورا مباشرة بنفس العدسة ويقول إنها في كرمانشاه (تبعد عن العاصمة طهران حوالي 525 كم باتجاه الغرب) ومدينة خرم آباد (تقع على جبال زاغروس في إقليم لرستان) في نفس الوقت”، مرفقا التغريدة بصور. وللتلفزيون الإيراني تاريخ طويل في التزييف وإنكار الحقائق، ولا سيما في ما يخص ترجمة خطابات وتصريحات رؤساء ومسؤولي دول أجنبية، وانتهاز الفرصة لقلبها رأسا على عقب وفق ما يناسب السياسات الإيرانية. وكانت آخر هذه الترجمات المزيفة في سبتمبر الماضي، ما قام به مترجم التلفزيون الإيراني الرسمي بتحريف خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن إيران خلال كلمته في الأمم المتحدة، ما أثار جدلا واسعا. واتهم ترامب في كلمته إيران بأنها “دولة مارقة.. تتمثل صادراتها الأساسية في العنف وإراقة الدماء والفوضى”. بينما قال المترجم باللغة الفارسية “إيران تتحدث عن تدمير إسرائيل”. واستبدل المترجم قول ترامب “بغض النظر عن القوة العسكرية الهائلة للولايات المتحدة، ما يخشاه القادة الإيرانيون أكثر هو شعبهم” بقوله “جيش الولايات المتحدة قوي جدا والأمة الإيرانية أمة قوية جدا”.وتعرض المترجم الإيراني نيما شيتساز، إلى الكثير من الانتقادات والاتهامات من قبل مواطنين وسياسيين إيرانيين واتهموه بأنه “مارس الرقابة وتحريف الخطاب”. لكن شيتساز دافع عن سياسة التزييف بالقول “أعتقد أنه من غير اللائق أن أذكر بلدي بالسوء في القناة الوطنية”… “صوت الخطاب بالإنكليزية كان واضحا بما فيه الكفاية لكي يترجموا (المشاهدون) بأنفسهم”. ولم تجد السلطات الإيرانية إلا وسائل الإعلام الأجنبية لتلقي باللوم عليها في شأن المظاهرات الاحتجاجية الأخيرة والتي قمعتها بقوة. ووجهت سفارة إيران في لندن رسالة إلى هيئة الإشراف العليا على وسائل الإعلام في بريطانيا (أوفكوم)، احتجاجا على ما أسمته: تحريض بعض وسائل الإعلام خلال الاحتجاجات في إيران. وطلبت اتخاذ إجراءات ضد وسائل إعلام ناطقة بالفارسية.
مشاركة :