تونس تكثف تحركاتها لمحاصرة نشاط العناصر الإرهابيةكثف المسؤولون التونسيون من تحركاتهم خلال اليومين الأخيرين مما يشير إلى توقعات جديدة بمخاطر محدقة بتونس، وترتبط بتقارير حذرت سابقا من عودة مقاتلي داعش إلى بلدانهم بعد سقوط التنظيم في كل من سوريا والعراق. وزار رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد مناطق عسكرية بجنوب البلاد الثلاثاء للاطلاع على مدى جاهزية القوات هناك، كما بحث وزير الداخلية لطفي براهم التنسيق الأمني مع الجزائر خلال زيارة أداها لهذا البلد مطلع الأسبوع الجاري.العرب نسرين رمضاني [نُشر في 2018/01/10، العدد: 10865، ص(4)]الوضع تحت السيطرة تونس - زار رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد الثلاثاء البعض من مناطق ولاية (محافظة) تطاوين جنوبي البلاد للاطلاع على مدى استعداد قوات الأمن والجيش، خاصة في المنطقة العسكرية برمادة ومعبر الذهيبة الحدودي مع ليبيا. وأدى الشاهد زيارة تفقدية للقوات العسكرية بالفيلق الأول الترابي الصحراوي برمادة بولاية تطاوين والوحدات الأمنية والعسكرية بمعبر ذهيبة وازن. وأكد رئيس الحكومة أن المشروع الصحراوي الذي يمتد إلى صحراء الجهة وينجز بالتعاون الدولي لاستغلال الطاقات والموارد الطبيعية في المثلث الصحراوي “يندرج في إطار منظومة الأمن العام للبلاد”. ويرى مراقبون أن زيارة الشاهد، والتي سبقتها زيارة بيومين لوزير الداخلية التونسي لطفي براهم للجزائر، تأتي في سياق التوقي من تهديدات محتملة لمجموعات إرهابية. وقال مختار بن نصر رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، لـ”العرب”، “التهديدات الأمنية التي تشكلها المجموعات الإرهابية دائما متواصلة بسبب الوضع الأمني غير المستقر في ليبيا”. وأشار إلى أنه في الأيام الأخيرة حدثت توترات بسبب رغبة مجموعة مسلحة في السيطرة على المعبر الحدودي براس الجدير، بمدينة بنقردان من ولاية مدنين، من الجانب الليبي ثم تدخلت القوات التابعة للحكومة لتسيطر على الوضع ويرى بن نصر أن زيارة رئيس الحكومة إلى جنوب البلاد جاءت للاطلاع على جاهزية قوات الأمن والجيش المتمركزة في تلك الحدود بالإضافة إلى فرق الجمارك، معتبرا أن الأمر يتضمن “تأكيدا على اهتمام السلطات ومتابعتها للوضع الأمني الذي يشكل دائما أحد أبرز الهواجس”. وخلال زيارة العمل التي أداها وزير الداخلية التونسي لطفي براهم إلى الجزائر، الأحد والاثنين، أجرى محادثات مع كل من رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى ووزير الداخلية الجزائري نورالدين بدوي حول التعاون الأمني بين البلدين. وقال براهم إن زيارته إلى الجزائر “تندرج في إطار التواصل بين البلدين من أجل التباحث والاستفادة من التجارب الثنائية بما يضمن أمن الدولتين والشعبين الشقيقين الجزائري والتونسي”. فيما أفاد بدوي أن “الحفاظ على أمن الجزائر وتونس وعلى طمأنينة شعبيهما يتطلب منا أن نكون دائما في مقدمة هذا التواصل والتنسيق الأمني في مختلف الميادين”. وقال بن نصر إن زيارة وزير الداخلية إلى الجزائر جاءت باعتبار وجود اتفاقيات بين تونس والجزائر حول العديد من المسائل الأمنية، “وبالتالي الزيارة دعم لهذه المكتسبات المتمثلة في تبادل المعلومات والخبرات والتنسيق لمراقبة وضبط الحدود”.مختار بن نصر: تهديدات الجهاديين متواصلة بسبب الوضع الأمني في ليبيا ويعتبر بن نصر أن الزيارة تدخل في إطار العمل العادي، مشيرا إلى أنه في الفترة الأخيرة تم تدعيم التعاون بين البلدين في العديد من المجالات ومن أبرزها مواجهة ظاهرتي الإرهاب والتهريب. وأفاد بأن الجزائر لها قدرة على مراقبة المثلث الحدودي الجنوبي المشترك بينها وبين تونس وليبيا، باعتبار أن تلك المنطقة تشهد تمركزا لجماعات متطرفة من جهة ليبيا مستفيدة من توتر الأوضاع في هذا البلد وتحاول التسلل إلى بلدان مجاورة. كما لفت إلى أن نشاط المجموعات الإرهابية في الصحراء والساحل يشكل تهديدا مشتركا لكل من الجزائر وتونس، مما يفرض تكثيف تنسيق الجهود الأمنية بين البلدين. وبينت التحقيقات التونسية أن هناك جزائريون ينشطون ضمن الجماعات المتطرفة بالجبال الغربية على الحدود مع الجزائر. كما كشفت التحريات وجود تحركات لجهاديين تونسيين وجزائريين على الحدود. والسبت الماضي، نجحت قوات الجيش التونسي في اعتقال متطرف تونسي خلال مواجهات بينها وبين مجموعة مسلحة بجبل السلوم بمحافظة القصرين الواقعة على الحدود مع الجزائر. وينتمي الشخص المعتقل إلى جماعة جند الخلافة التي بايعت داعش في وقت سابق، والتي ينشط بها العديد من العناصر الجهادية من الجزائر. ويقول متابعون للشأن التونسي وخبراء إن تعزيز التنسيق الأمني مع الجزائر بالإضافة إلى زيارة رئيس الحكومة التونسي لمواقع أمنية وعسكرية في جنوب البلاد، يشيران إلى وجود توقعات بمخاطر أمنية جديدة، ويؤكدان على ضرورة الاستعداد لمواجهة المجموعات المتطرفة المتربصة بأمن تونس. وأعلن وزير الدفاع التونسي عبدالكريم الزبيدي، أمام البرلمان نهاية نوفمبر الماضي، وجود معلومات متواترة حول “العشرات من الإرهابيين تونسيين وأجانب موجودون بالمدن الغربية الليبية ينوون التسلل إلى تونس وتنفيذ عمليات إرهابية”. وقال الزبيدي حينها “الوضع الأمني يتسم بالاستقرار بفضل العمليات الاستباقية للقوات العسكرية والأمنية، غير أن خطر التهديدات والإرهاب لا يزال قائما”. وفي وقت سابق من نفس الشهر، قال الزبيدي إن هناك “تهديدات إرهابية جدية وكبيرة مازالت البلاد تواجهها حاليا على مستوى الحدود الغربية والشرقية”. وحذرت تقارير دولية، العام الماضي، من إمكانية عودة نحو ستة آلاف عنصر متطرف إلى أفريقيا ممن تجندوا في صفوف تنظيم داعش في سوريا والعراق. وخلال الأشهر الأخيرة، تمكنت قوات الأمن والجيش من السيطرة على الأوضاع من خلال تخفيفها لتهديدات المجموعات الجهادية التي تختبئ خاصة في الجبال الغربية للبلاد.
مشاركة :