عن مدى تغلغل فكرة الصراعات والحروب في وجدان الإنسان منذ نشأته وتحولها مع الوقت إلى مادة للهو لدى الأطفال يقدم الفنان التشكيلي الفلسطيني بشار الحروب معرضه (الحرب والرغبة) الذي يضم مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية ما بين الرسم والنحت والتركيب قوامها الرئيسي الأسلحة والجنود. وقال الحروب لرويترز عن المعرض الذي استغرق الإعداد له عامين وافتتح، مساء أمس الثلاثاء، في (جاليري1) بمدينة رام الله في الضفة الغربية “عدت إلى طفولتي وماذا كنت ألعب وقارنته مع ما يحدث اليوم في هذا العالم والذي يشبه اللعبة في النهاية، كيف يلعب الأطفال ألعاب الحرب ويقررون من المنتصر ومن المهزوم؟”. وأضاف “أحاول أن أطرح قضايا من خلال هذه الأسلحة والألعاب البلاستيكية التي هي مواد رخيصة والتي من خلالها أتحدث عن العالم وعن الحرب بشكل عام التي هي قضية كونية الكل عانى منها”. ومن بين الأعمال المقدمة في المعرض يبرز مجسم (غزو) وهو عبارة عن مجسمات صغيرة لجنود من البرونز يحيطون بالكرة الأرضية. وعن هذا العمل يقول الحروب الحاصل على درجة الماجستير في الفنون المعاصرة من بريطانيا “أخذ مني هذا العمل عاما كاملا قمت خلاله بعمل 1500 جندي من البرونز أنتجتها من خلال قوالب صغيرة، أنت تراها كرة ذهبية ولكن حينما تقترب منها ترى كل هؤلاء الجنود يحيطون بها”. وأضاف “مع أني أهدف من خلال أعمالي أن ترك طرح التساؤلات للمشاهد ولكني في هذا العمل أحاول إيصال فكرة أن لا مكان للمدنيين على هذه الأرض فهي محاطة بالجنود من كل مكان”. وفي عمل لافت آخر من أربعة أجزاء يقدم الحروب الصراع الداخلي للجندي الذي هو وقود أي حرب، فاستخدم قالب ثلج من الفراولة شكل منه مجسم جندي يبدو في حالته الأولى في كامل هيئة وزيه العسكري وأسلحته ليبدأ بالذوبان في أربع لوحات فنية تحمل كل منها تعبيرات مختلفة. وفي لوحة أخرى استعان الحروب بفن الأرابيسك لتقديم لوحة فنية بشكل دائرة مكونة من الأسلحة والجنود المصنوعة من مادة البلاستيك. وتظهر في أعمال الحروب مجموعة من اللوحات الفنية المرسومة لجنود في عرض عسكري خلفية ألوانها تشبه علم قوس قزح. وقال عنها “انسجاما مع عنوان المعرض (الحرب والرغبة) اخترت علم الرينبو (قوس قزح) لإيضاح أن الحرب لا لون فيها”. ويمكن لزائر المعرض مشاهدة مجموعة من الأعمال الفنية المتمثلة بالإشارات الضوئية والتي صممت من خلال صندوق مضاء تنعكس الإضاءة فيه على مجموعة من الجنود كأن ميكروسكوبا (مجهر) صورهم. ويرى قيم المعرض الأكاديمي والفنان عيسى ديبى أن أعمال الحروب “بحاجة إلى تأمل مغاير عن النهج العام الذي يحاول أن يبنى رواية نمطية للصراع”. ويقول في تقديمه للمعرض من خلال كتيب عنه “أعمال بشار هنا تقدم لنا مجموعة من الكوابيس … يسلط الضوء على العلاقة المركبة بين الشهوة والعنف كعمل حربي رجولي له أصوله في تاريخ الحرب والانتصار والهزيمة”. ويستمر معرض (الحرب والرغبة) حتى الثامن والعشرين من فبراير/ شباط لينتقل في وقت لاحق إلى دبي بدولة الإمارات.
مشاركة :