هدد رئيس المجلس الانقلابي لجماعة الحوثي صالح الصماد، أمس (الثلاثاء)، بقطع الملاحة في البحر الأحمر في حال تقدم الجيش الوطني اليمني باتجاه محافظة الحديدة، لكن هل تستطيع ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران تنفيذ هذا التهديد؟ وتأتي تصريحات الصماد لتؤكد إصرار الانقلابيين على موقفهم الساعي للحرب ورفضهم السلام حلاً للصراع، في وقت يواصل فيه نائب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن معين شريم مساعيه لإحياء مفاوضات السلام بين الميليشيا المدعومة إيرانيا والحكومة الشرعية. ويبدو أن ميليشيا الحوثي وجدت في التهديدات ملجأ في ظل الخسائر التي تتعرض لها على كافة الجبهات، فقد تزامنت تصريحات الصماد مع كشف تقارير حقوقية يمنية عن خسائر كبيرة تعرضت لها الميليشيات الانقلابية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث تجاوزت خسائرها الـ5 آلاف، بين قتيل وجريح وأسير خلال المواجهات مع الجيش الوطني على مختلف الجبهات. وبحسب التقارير، فقد قتل 1200 من الحوثيين أغلبهم من الأسرة المقربة لزعيم الميليشيا، بالإضافة إلى 360 سقطوا في المواجهات التي شهدتها صنعاء مع أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي قتل في 4 من ديسمبر (كانون الأول). وأضافت أن 600 أسير تم إلقاء القبض عليهم في جبهات شبوة والجوف ونهم والحديدة وتعز والضالع والبيضاء. ومن الصعوبة بمكان أن تُقدم ميليشيا الانقلابيين على خطوة بحجم إغلاق الملاحة في البحر الأحمر، حينها ستؤكد للمجتمع الدولي بما لا يقبل الشك أنها جماعة إرهابية، وهو ما أكده التحالف العربي لدعم الشرعية مرارا، خصوصا بعد إطلاق صواريخ استهدفت السعودية قبل أن يتم إسقاطها بواسطة الدفاع الجوي، والتي تبين أنها صواريخ إيرانية الصنع تم تسليهما للحوثيين. وهو بالفعل ما ذهب إليه وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، الذي غرّد بأن تهديد الملاحة في البحر الأحمر يعد توثيقا جديدا لإرهاب الحوثيين. وقال قرقاش إن «الحوثي الذي أهلك الحرث والنسل، وأفسد في اليمن، وخان حليفه وشريكه يهدد الملاحة الدولية اليوم»، مشيرا إلى أن المنطقة أمام عصابة إرهابية. كذلك لا يمكن لميليشيا الحوثي استعداء العالم بأسره بغلق ممر ملاحي حيوي للتجارة العالمية، فالبحر الأحمر جزء رئيسي في طريق الشحن البحري بين أوروبا والخليج العربي وصولا إلى شرق آسيا، وبالنظر لجرائم الحوثي السابقة والتي ربما تهاون العالم معها، فإن قطع الملاحة ستكون له عواقب لا يمكنه تحملها. ما يجعل فكرة تعطيل الملاحة في البحر الأحمر وبخاصة بمضيق باب المندب قبالة اليمن شبه مستحيلة، هو التأكيد المصري منذ الشهور الأولى للحرب في اليمن، على أهمية الحفاظ على الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في أبريل (نيسان) 2015، وبلهجة حاسمة، أن حماية المضيق قضية أمن قومي مصري وعربي، وقال «تأمين الملاحة في البحر الأحمر وحماية مضيق باب المندب تُعد أولوية قصوى من أولويات الأمن القومي المصري». من جهة أخرى، ينبغي أن نأخذ في الاعتبار ما أعلنه تحالف دعم الشرعية في اليمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عن إحباط مخطط حوثي لاستهداف الملاحة في البحر الأحمر. وأوضح المتحدث باسم التحالف العقيد تركي المالكي أن «الهجوم الوشيك تضمن التخطيط باستخدام الزوارق السريعة المفخخة ومجموعة من الغواصين لزرع الألغام البحرية بالسفن». يذكر أن تهديد ميليشيا الحوثي باستهداف الملاحة في البحر الأحمر ليس بجديد، حيث كانت قد هددت في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على لسان متحدثها محمد عبد السلام بضرب الملاحة الدولية في البحر الأحمر، لكنها فشلت في أن تشكل خطورة تذكر بعدما أحبط التحالف العربي مخططها. ميدانيا، يأتي تهديد الحوثي انعكاسا لسلسلة الهزائم الميدانية التي تتعرض لها الميليشيات الانقلابية مؤخرا، حيث نجحت غارات التحالف العربي قبل أيام في دحض محاولة تسلل إلى مدينة الخوخة الساحلية بمحافظة الحديدة، بعدما تم استهداف تجمعات للميليشيا الانقلابية شرق المدينة. كذلك تمكنت قوات الجيش اليمني من إحباط محاولة تقدم لميليشيا الحوثي الانقلابية في محيط معسكر التشريفات والقصر الجمهوري شرق مدينة تعز عاصمة المحافظة. وفي محافظة صعدة، معقل الحوثيين، حققت قوات الجيش والمقاومة اليمنية مدعومة بقوات التحالف العربي، تقدما استراتيجيا الأحد، وقتلت العشرات من الميليشيا الانقلابية في معارك وغارات لطائرات التحالف. كما استعادت قوات الشرعية السيطرة على جبل الحمام الاستراتيجي بمنطقة القبيطة شمال لحج، والقريب من قاعدة العند الجوية. وكان مركز «أميركان ثينكر» المختص بقضايا الأمن القومي قد حذر في يونيو (حزيران) الماضي من سعي إيران لتهديد الملاحة في مضيق باب المندب عبر دعمها لميليشيا الحوثي الانقلابية، وأشار إلى هجمات شنها الحرس الثوري وميليشيا الحوثي ضد السفن التجارية، والتدريبات التي تقدمها طهران للميليشيات على كيفية تطوير قوارب متفجرة يتم التحكم بها عن بعد، وكيفية وضع ألغام بحرية في الممر الملاحي الحيوي. ويأتي تهديد الحوثيين امتدادا لتهديد إيران مرارا بغلق مضيق هرمز والتأثير على الملاحة في الخليج العربي، إما على خلفية مخاوفها من فرض حظر على نفطها كما حدث في عام 2011، أو بزعم التعرض لتهديد يمس أمنها القومي من جانب الولايات المتحدة وحلفائها كما حدث في مارس (آذار) 2016.
مشاركة :