انتقاء جنس الجنين ترسيخ للتمييز وعدم المساواة بين الجنسين

  • 1/11/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

انتقاء جنس الجنين ترسيخ للتمييز وعدم المساواة بين الجنسيننبّه حقوقيون وخبراء إلى أن تحديد جنس المولود قبل الولادة والإهمال والإنكار بعد الولادة للإناث كلها عوامل تشكل عقبة جديدة وجدية أمام مساعي تحقيق المساواة بين الجنسين ونواة لزعزعة التوازن السكاني للمجتمعات على المدى الطويل.العرب  [نُشر في 2018/01/11، العدد: 10866، ص(21)]تحديد جنس المولود في تزايد مستمر عمان - كشفت نتائج التعداد العام للسكان والمساكن في الأردن لعام 2015 عن أن نسبة الجنس عند الولادة هي في حدود 105 ذكور مقابل 100 إناث، وأن عدد الأطفال الذكور دون الخامسة من العمر يفوق عدد الإناث من نفس الفئة العمرية بنسبة 5 بالمئة. وأكد الخبراء أن هذه الأرقام تحمل أبعادا خطيرة على التوازن الجنسي في المجتمع الأردني. وفي هذا السياق أوضحت جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” أن هذا يؤشر على بداية تأثير تحديد الجنس قبل الولادة على ارتفاع نسبة الذكور كما يؤدي إلى تناقص عدد الإناث مما ينذر بمشكلات ديموغرافية مستقبلية تخل بالتوازن الطبيعي بين الجنسين. كما أشارت “تضامن” إلى أن مشروع قانون استخدام التقنيات الطبية المساعدة على الإنجاب لعام 2009 لا يزال يراوح مكانه، وقد نشرت مسودته على موقع ديوان الرأي والتشريع برئاسة الوزراء بتاريخ 2010/1/24، وعلى الرغم من الانتشار الواسع لمراكز العقم والإخصاب في الأردن والتي يقدر عددها بحوالي 22 مركزا منها 13 مركزا تمتلك الأجهزة القادرة على تحديد جنس المولود، فإن هذه المراكز تشهد إقبالا كبيرا من قبل الأردنيين والأردنيات والعرب للاستفادة من التقنيات الحديثة التي تساعد النساء المتزوجات على الحمل واللائي يعانين هن أو أزواجهن من مشكلات ذات علاقة بالموضوع. وعرف مشروع القانون انتقاء الجنس بأنه “تحديد جنس الجنين باستخدام التقنيات الطبية المساعدة على الإنجاب الخاصة بفصل الجين الأنثوي عن الذكري للأجنة قبل زراعتها بالتجويف الرحمي". ونصت الفقرة (أ) من المادة (10) على أنه “يحظر استخدام التقنيات الطبية المساعدة في انتقاء الجنس وتستثنى من الحظر الأسباب التي تتعلق بالأمراض الوراثية المرتبطة بجنس الجنين”.العادات التي ترسخ التمييز ضد الإناث من خلال تفضيل الذكور، تؤدي إلى اختلال في التركيبة السكانية للمجتمعات وأشار تقرير دولي صدر في العام 2012 عن مكتب الإحصاء السكاني إلى وجود مليون ونصف مليون أنثى حول العالم هن ضحايا لتحديد جنس الجنين سنويا. ونبّهت “تضامن” إلى أن التقدم التكنولوجي في المجال الطبي الذي يتيح إمكانية تحديد جنس المولود قبل الولادة إضافة إلى تدني كلفة هذه التكنولوجيا وتوفرها في معظم دول العالم، والتوجه نحو أسر قليلة العدد لا يتجاوز عدد أفرادها ثلاثة أو أربعة أشخاص لأسباب مختلفة ومتعددة، إضافة إلى التقاليد والعادات التي ترسخ التمييز ضد الإناث من خلال تفضيل المواليد الذكور، كلها عوامل مترابطة تؤدي إلى تزايد عدد الإناث ضحايا تحديد جنس المولود، وتؤدي على المدى الطويل إلى اختلال في التركيبة السكانية للمجتمعات. وأضافت أنه في الوقت الذي لا تكون فيه معارضة قوية بين الأسر لعدم وجود إناث إذا كان هناك ذكور، فإن هذه المعارضة تتسع لتصل إلى درجة تحديد الجنس في حال عدم وجود ذكور أو كانت الولادات الأولى هي من الإناث، في حين لا تكترث الأسر بمسألة تحديد جنس المولود ليكون أنثى في حال وجود ذكور في الأسرة الواحدة وعدم وجود إناث. وأكدت “تضامن” أن ذلك يعد انتهاكا لحقوق النساء التي أقرتها الاتفاقيات الدولية كاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وترسيخا للتمييز وعدم المساواة بين الجنسين. كما أنه يتعارض مع ما اعتمدته 184 دولة بما فيها الأردن خلال المؤتمر الدولي للسكان والتنمية عام 1994 والذي عرّف الحقوق الإنجابية وأعطى الحق للأفراد رجالا ونساء في تحديد اختياراتهم الإنجابية بحرية ولكن دون تمييز. وطالبت الجهات الحكومية ومجلس النواب بشكل خاص باعتبار مشروع القانون ذات أولوية، مع التأكيد على ضرورة التوسع في جمع المعلومات حول معدلات الولادة في ما بين الذكور والإناث من قبل الجهات الحكومية وبشكل تفصيلي وإتاحتها لوضع استراتيجيات على المستوى الوطني للحد من ظاهرة التمييز بين الجنسين التي تحدد جنس المولود قبل الولادة، ودراسة أسباب ارتفاع هذه النسبة بين من تقل أعمارهم عن 24 عاما للعمل على الحد من الظاهرة ومعالجة الأسباب الكامنة وراءها قبل أن يستفحل الأمر ولا تكون الوقاية منه أو تداركه ممكنا. وشددت “تضامن” على ضرورة الوقوف إلى جانب الأسر التي لديها مواليد إناث، من خلال التوعية بأن النساء قادرات على المشاركة في مختلف الميادين الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والسياسية وأن دورهن في الأسرة لا يقل عن دور الذكور، لذلك فهي تدعو الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني إلى التركيز على إصلاح القوانين من خلال تعديل النصوص التي تمييز ما بين الرجال والنساء وصولا إلى المساواة بين الجنسين، كما تؤكد على أهمية تغيير النظرة المجتمعية النمطية الداعمة للمواليد الذكور على حساب المواليد الإناث من خلال برامج التوعية الموجهة للأسر، ومن خلال دعم النساء والفتيات للانخراط في مجال التعليم والعمل.تحديد جنس المولود هو مشكلة قديمة حديثة في كل المجتمعات، ولا يمكن حصرها في المجتمعات العربية، هذا الإجراء يكتسي تضحية مادية ونفسية وصحية وأكد الباحث والخبير في مجال التنمية البشرية سليم أحمد أمين في تصريح لموقع “دي دبليو” الألماني أن نظرة المجتمع بالنسبة إلى المولودة الأنثى قد تغيرت بشكل كبير خلال العشرين عاما الماضية، إلا أن بعض المعطيات لا تزال قائمة إزاء رغبة الوالدين في مولود ذكر، مما يدفعهما إلى اللجوء لتحديد جنس الجنين. ونبّه أمين إلى تفاقم المشكلات بين الزوجين والتي قد تصل إلى الطلاق، نتيجة العقم أو نتيجة عدم وجود الذكر في العائلة، ويكون الحل في بعض هذه الحالات باللجوء إلى الطب لتحديد جنس المولود نظرا لاعتقاد بعض أفراد المجتمع أن المواليد الذكور يمنحون الأسرة العزوة. وفي المقابل أكد الدكتور كميل أفرام، أخصائي الأمراض النسائية والولادة والعقم، أن ظاهرة تحديد جنس الجنين لا يمكن أن تجعل نسبة الذكور تفوق نسبة الإناث، لأن غالبية الناس تلجأ للحصول على جنين ذكر لافتقارها لوجود ذكر بين أفراد العائلة. وأفاد بأنه أجرى 168 تدخلا لتحديد جنس جنين ذكر مقابل 12 حالة فقط لتحديد جنس جنين أنثى، موضحا أن 95 بالمئة من حالات تحديد الجنس يطلب فيها الأهل الجنين الذكر، وبيّن أنه في معظم حالات اختيار الذكر يكون لدى الأب والأم بنتان أو أكثر. كما أشار إلى أن تحديد جنس المولود هو مشكلة قديمة حديثة في كل المجتمعات، ولا يمكن حصرها في المجتمعات العربية، مبينا أن هذا الإجراء يكتسي تضحية مادية ونفسية وصحية، ولكن الأهالي يشعرون بأن وجود الذكر لديهم هو نوع من أنواع الأمان العائلي للزوجين، وخصوصا إذا كان يوجد لدى العائلة إناث، كما أن الذكر يحمل اسم العائلة، وبالتالي تضمن أن يستمر اسم الأب في الوجود تتناقله الأجيال. وقال أفرام إن تحديد جنس الجنين في الأردن منتشر سواء بصورة علنية أو خفية، وأصبح فكرة في تزايد مستمر تتغذى اجتماعيا. واختتم أفرام قائلا “إن الطفل السليم في العائلة بغض النظر عن جنسه هو أحسن ثمرة قطف للعلاقة الزوجية الصالحة”.

مشاركة :