داخل بيت صغير بمعسكر الحرس الجمهوري في منطقة منشية البكري شرق القاهرة، عاش الزعيم جمال عبد الناصر وأسرته، وداخل نفس البيت كانت لحظات النهاية الحزينة للقائد العربي، ورغم سنوات زعامته وتقلده أعلى مناصب في البلاد، فقد ظل حريصا على البقاء ساكنا مع أسرته الصغيرة في هذا البيت البسيط الذي شهد لحظات وأوقاتا عصيبة اهتزت لها كل الدنيا خلال حكمه.وظلت فكرة إنشاء متحف للزعيم الراحل مجرد حلم يراود محبيه وأبناء شعب مصر، يروي من خلال محتوياته أحداث فترة عصيبة من حياة الأمة العربية تفاعلت معها كل الأمة العربية والعالم بأكمله، وذلك إلى حين قررت الدولة المصرية تحويل بيته الصغير في منشية البكري إلى متحف يحكي قصة حياة وكفاح وطن من خلال قصة حياة عبد الناصر، وذلك بعد أن آل البيت الصغير إلى قطاع الفنون التشكيلية.قصة إنشاء المتحف تم افتتاح المتحف في 28 سبتمبر 2016، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك بالتزامن مع الذكرى السادسة والأربعين لوفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، التى توافق الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1970.كانت عمليات إنشاء هذا المتحف بدأت في منتصف عام 2011 بعد الانتهاء من استيفاء جميع الدراسات والوقوف على التصور النهائي لهذا المشروع الثقافي الهام، وبعد أن وافقت أسرة الرئيس الراحل على تقديم كل متعلقاته الشخصية، وبدأ العمل في المنزل الذي يقع على مساحة 13.400 م2 تشمل مباني من دورين على مساحة 1.300 م2 والباقي حديقة خاصة للبيت، وقد انقسمت خطة العمل بالموقع إلى ثلاث مراحل خصصت الأولى لأعمال ترميمات المبنى الذي ظل مهجورا منذ وفاة زوجة الزعيم، والمرحلة الثانية للتشطيبات النهائية، أما المرحلة الثالثة فقد شملت تجهيز البيت للعرض المتحفي.كما تم إعداد أعمال التوثيق الخاصة بالمبنى والتي تشمل فيلمًا قصيرا يوثق الحالة الأصلية للمبنى في عهد ناصر، وما كان يتضمن من أثاث ومنقولات، والتي تمت إعادتها إلى حالتها الأصلية كجزء من سيناريو العرض، وقام أيضا بإعداد تقرير عن سلامة المبنى وأعمال الترميم والتدعيم والمعالجات الخاصة بالعناصر المتضررة بفعل الزمن، كما تم إعداد القاعات التي سوف يتم الحفاظ عليها نظرا لأهميتها التاريخية وكونها جزءا من سيناريو العرض.محتويات المتحفيضم متحف الرئيس جمال عبد الناصر الذي قام بتنفيذ جميع عمليات إنشائه جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة المصرية ثلاث جولات متحفية، وتعتمد فكرة سيناريو العرض على تناول شخصية وسيرة وحياة الرئيس جمال عبد الناصر من خلال ثلاثة محاور تختلف باختلاف محتوى العرض، فطبيعة المعروضات هي أساس تقسيم السيناريو.واحتفظت عمليات الترميم، بالقاعات الرئيسية التي يتوجب الحفاظ عليها دون أي تغيير والمتمثلة في مكتبي الرئيس بكل من الدورين الأرضي والأول والصالونات الملحقة بها، بالإضافة إلى غرفة نوم الرئيس وغرفة المعيشة وصالونين بالدور الأرضي، وذلك لإعطاء صورة كاملة للزائر عن الشكل الذي كان عليه البيت وطبيعة الحياة بداخله، وقد تم تخصيص عدد من الغرف بالدور الأول بالجزء المخصص للبيت لتجهيزها متحفيا لعرض متعلقات الرئيس الأقرب للتواجد بالبيت وهي المتعلقات الشخصية كالملابس والأدوات الشخصية.واعتمدت فكرة هذا المسار والذي يبدأ بالطبع من بهو المتحف ثم ينتقل إلى الدور الأول في مسار ذي اتجاه واحد إلى التاريخ لحياة الرئيس عبد الناصر من خلال الأحداث التي شهدها وصنعها، يبدأ المسار بالدور الأرضي بتمهيد عن وضع مصر قبل ثورة 1952 والأحداث السياسية والاجتماعية التي عجلت بقيام الثورة، ثم ينتقل الزائر إلى الدور الأول، حيث تتابع سرد الأحداث بعرض الفترات الزمنية المتلاحقة والأحداث الرئيسية التي شهدتها مثل معركة السد العالي وتأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي على مصر والوحدة بين سوريا ومصر وحرب 67 وحرب الاستنزاف، وذلك من خلال عرض يعتمد في الأساس على وسائط الفيديو والوسائط السمعية، بالإضافة إلى مجموعة من المعروضات المتعلقة بالأحداث المختلفة والمؤرخة لها.وينتهي المسار بمشهد الجنازة، وذلك كله في إطار سينوغرافي أشبه ببلاتوه السينما يخلق عند الزائر الإحساس بتواجده داخل الأحداث التي تتم محاكاتها.مقتنيات تؤرخ لصاحبهاتعتمد فكرة هذا المسار على عرض مجموعة مقتنيات الرئيس كالأوسمة والنياشين والخطابات واستخدامها لإعادة سيرته من خلال دلالات هذه المقتنيات والأشخاص المرتبطة بها والأحداث التي شهدتها، كما تشمل الخدمات الإضافية لخدمة زوار المتحف وتوجيههم، والتي تشمل مكتبة متخصصة تحوي كل الكتب والأبحاث والمواد السمعية والبصرية التي توثق لحياة الرئيس عبد الناصر وتاريخ مصر خلال هذه الحقبة.قاعة الأوسمةتشمل قاعة الأوسمة والنياشين، عرض 4 شنط تضم 75 وساما ونياشين جميعها من الذهب الخالص وبعضها من الذهب والألماس، والبعض من الذهب والفضة وجميعها من جميع دول العالم، وتضم أوسمة قدمت لحرم الرئيس خلال حياته.ويفتتح متحف الزعيم جمال عبد الناصر، التابع لقطاع الفنون التشكيلية، أبوابه للجمهور والزائرين مجانا في هذا اليوم، للإستمتاع بمقتنيات الراحل وأهم خطبه التاريخية، وصوره مع زعماء العالم.
مشاركة :