قرّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقاء القوات الأمريكية في سوريا حتى بعد تطهير البلاد من عناصر التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها تنظيم داعش. جاء القرار المفاجئ في أعقاب فشل المباحثات الجارية بين واشنطن وموسكو لإبرام اتفاق بين الجانبين، يقضي بخروج القوات الإيرانية وعناصر حزب الله، والمليشيات الشيعية المحسوبة على طهران من سوريا. واعتبرت دوائر استراتيجية في البيت الأبيض قرار ترامب خطوة عقابية جديدة ليس فقط ضد روسيا، وإنما ضد إيران، التي تدرس واشنطن فرض عقوبات اقتصادية جديدة عليها. كما يمثل القرار الأمريكي الجديد أحد أهم الإجراءات المحورية الجديدة، التي يعتزم الرئيس الأمريكي تفعيلها ضد المحور الروسي الإيراني التركي في سوريا. ونقلت صحيفة واشنطن بوست، الخميس (11 يناير 2018) عن مصادر مقربة من دوائر صنع القرار الأمريكي، أن إدارة ترامب كانت تحاول صياغة سياسة مشتركة حيال سوريا مع الرئيس بوتين. وكان المأمول أن يجري في إطارها انسحاب القوات الأمريكية من سوريا شريطة إخلاء البلد ذاته من القوات الأجنبية الأخرى بما في ذلك الحرس الثوري الإيراني، والميليشيات الشيعية المختلفة الموالية لطهران. إلا أن الأوضاع الميدانية في سوريا شهدت خلال الأيام القليلة الماضية حزمة من التطورات، جاء في طليعتها وصول صفقات منظومات عسكرية متطورة من إيران إلى سوريا. وقد حدا ذلك بالرئيس الأمريكي إلى تبني استنتاج تفيد معطياته أن الرئيس الروسي بوتين ليس على استعداد للتعاون من أجل وقف ترسيخ الوجود العسكري الإيراني في سوريا، ولم يبد استعدادًا أيضًا للتدخل في مسألة خروج القوات الإيرانية من البلد ذاته. وأفادت تسريبات إسرائيلية (نشرها موقع دبكا)، أن الضربات الثلاثة العنيفة التي وجهها سلاح الجوّ الإسرائيلي قبل أيام لقواعد عسكرية سورية في منطقة القطيفة غرب دمشق، وليس شرقها كما أعلنت سوريا، تؤكد إصرار إسرائيل على تدمير المواقع المستهدفة. كما أن الصمت الروسي حيال عمليات القصف (التي تعد الأقوى خلال السنوات الأخيرة في سوريا) يعطي انطباعًا يصل حد اليقين بأن تلك القواعد إيرانية وليست سورية.
مشاركة :