القاهرة: محمد فتحيأثار تشكيل لجنة الدراما التابعة للمجلس الأعلى للإعلام في مصر جدلاً كبيراً بين المبدعين والقائمين على الدراما في مصر، حيث إن مهمتها وضع معايير، وأسس للأعمال الدرامية، ما اعتبرها البعض قيوداً على الإبداع، وقد تدمر صناعة الدراما، بالرغم من محاولة القائمين على هذه اللجنة طمأنة هؤلاء المبدعين بأنها لن تمس إبداعاتهم، ولكن وصل الأمر إلى التهديد بالانضمام إلى جبهات رفض، فهل هذه اللجنة تثمل رقابة صارمة على الدراما، أم لها دور آخر؟ هذا ما نكشف عنه في التحقيق التالي.في البداية أصدرت اللجنة بياناً أكدت فيه أنها ستبدأ نشاطها بالاجتماع مع رؤساء قنوات الدراما في القنوات الفضائية المصرية في مختلف القطاعات، وستناقش معهم كإجراء فوري الانتقاء مما تحت أيديهم من مسلسلات، طبقاً للمحتوى الدرامي والمستوى الفني، ومراجعة محتوى الأعمال التي سيختارونها للعرض في شهر رمضان المقبل، وتشجيع عمل مواسم درامية ممتدة على مدار السنة، وليس في شهر رمضان فقط، وأضافت اللجنة أن دورها يختلف تماماً عن دور هيئة الرقابة على المصنفات الفنية التابعة لوزارة الثقافة، ولها قانونها الخاص.ولكن هذا البيان أثار الكثير من النقاد والمخرجين والمنتجين، مؤكدين أن ذلك يؤكد أن هناك دوراً رقابياً لهذه اللجنة، وعلى رأس هؤلاء الرافضين المؤلف بشير الديك الذي يقول: هذا الكلام مرفوض شكلاً وموضوعاً، فهناك أكثر من جهاز رقابي في مصر الآن، فإلى جانب جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، أصبح داخل كل محطة تلفزيونية إدارة للرقابة، فما الداعي لوجود لجنة تفرض وصايتها على الإبداع، وتصدر تعليمات، وتوجه الكاتب، وتضع له قائمة محاذير وهو يعمل؟ويقول المؤلف مجدي صابر: لا يمكن أبداً أن يكون في مصر، بلد الفن والإبداع، جهات تضع قيوداً وقوائم للمحاذير على الدراما، وإشهار سلاح العقوبات والغرامات، فأندهش بشدة من التدخلات في الدراما التي أصبحت مستباحة بهذا الشكل، والكل لديه رغبة في فرض قيود على المبدعين بمبررات واهية وغير معقولة، وأتساءل إذا كان هناك جهاز للرقابة في مصر يمارس دوره، فما الداعي لتشكيل لجان مهمتها فرض قيود على الرقابة والإبداع؟ فليس من حق أحد أن يفرض وصايته على العمل الإبداعي.ولا يختلف رأي السيناريست أحمد عبد الله عن سابقيه، ويقول: أرفض هذه اللجنة، ولن أستجيب لأي معايير تضعها، وأنا على استعداد للانضمام لأي جهة ترفض هذه اللجنة وهذه الوصاية.على جانب آخر، هناك من رحب بهذه اللجنة، ومن هؤلاء المنتج محمد فوزي الذي يقول: أنا مع وجود لجنة لوضع حد لحالة الانفلات التي تحدث في الدراما المصرية، وأتمنى أن يقوم أعضاء اللجنة بمراجعة النصوص وقراءتها قبل تصويرها، حتى نعدل المعادلة المقلوبة، ويحتل النص رقم واحد في أي عمل درامي.المخرج محمد فاضل، رئيس لجنة الدراما، يقول: نحن لن نفرض وصاية على أحد، ولا نراقب أحداً، فعندما عُرضت علي رئاسة هذه اللجنة رحبت بشدة، لأنني وجدتها فرصة لفتح الباب لمناقشة جادة مع صناع الدراما، سواء المؤلف، أو المخرج، أو المنتج، لأننا حريصون على مخاطبة ضمائرهم، فالسنوات الماضية شهد فيها الكل حالة الانفلات التي طرأت على الدراما المصرية، التي أصبح لها الغلبة بين الأعمال المعروضة، بخلاف ما اعتدنا عليه طوال حياتنا، حينما كانت أكثر الأعمال محترمة، وقوية، تحمل رسالة، ولها هدف، وتقوم على النص أولًا، ثم الإخراج فالإنتاج وأخيراً التمثيل، والقلة كانت دون المستوى، مع العلم أنه حتى منتصف السبعينيات لم يكن هناك جهاز رقابي في مصر، أما الآن فالوضع كله بحاجة إلى وقفة جادة من مختلف الجهات المعنية، وفي الوقت نفسه هذه اللجنة جاءت لكي تسهم في خبراتنا وأفكارنا للنهوض بالدراما، ولن تمارس دوراً رقابياً على الإبداع مثلما يدعي البعض.ويقول الناقد الفني طارق الشناوي: لا يمكن أن يراقب أحد الإبداع، ولا يعقل أن يتحول محمد فاضل إلى ناظر مدرسة، فيجب ألا نخنق الفن والدراما بمثل هذه اللجنة، فالجمهور هو الذي يجب أن يختار، ولا ينبغي أن نراقب الأذواق.وتختلف معه الناقدة ماجدة خير الله وتقول: وجود لجنة للدراما شيء ضروري، خاصة أنها ليست وليدة الصدفة، فاتحاد الإذاعة والتلفزيون كان لديه لجنة للدراما تقدم أفكاراً ومقترحات رائعة، وتضم أستاذة إعلام ومتخصصين، وسبق اشتراكي في إحداها.
مشاركة :