رسول الله والعفو عند المقدرة

  • 1/12/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

العفو والصفح خلق عظيم من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم ينبغي أن نتحلى به.. قال عز وجل: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم)، (سورة فصلت الآيتان: 34و35). وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ارحموا تُرحموا، واغفروا يُغفر لكم».يقول الشيخ محمود المصري في كتابه «ليلة في بيت النبي صلى الله عليه وسلم»: «ما أجمل أن نعفو عن الناس ونسامح ونصفح عمن أساء إلينا فهذا من أعظم الأبواب لجلب المودة والمحبة بين العباد. وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم الأمة على العفو، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»، (رواه البخاري)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله»، (رواه مسلم). كتم الغيظ وقال صلى الله عليه وسلم: «من كتم غيظا، وهو قادر على أن ينفذه دعا الله على رؤوس الخلائق، حتى يخيره من الحور العين، يزوجه منها ما شاء». وقال عليه الصلاة والسلام: «ما تجرع عبد جرعة أفضل عند الله من جرعة غيظ يكظمها ابتغاء وجه الله تعالى»، (رواه أحمد).وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا أنظروا هذين حتى يصطلحا أنظروا هذين حتى يصطلحا»، (رواه مسلم).وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقد بالغت قريش في أذاه صلى الله عليه وسلم ثم أخرجته من بين أهله وعشيرته.. وقتلت من أصحابه في يوم أحد سبعين كما جرح صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته وشج وجهه وهو يقول: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون».بل إنه صلى الله عليه وسلم عفا عن حاطب بن أبي بلتعة لما أراد أن يفشي سر فتح مكة للمشركين.. وذلك لأنه شهد غزوة بدر فحين قال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق. قال: «إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم». عفو كريم عن عكرمة عفا النبي صلى الله عليه وسلم عن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه الذي ظل يحاربه أكثر من عشرين سنة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أباح دمه في يوم فتح مكة، ومع ذلك عفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم استجابة لطلب من أم حكيم زوج عكرمة، وكان عكرمة من خيرة الناس بعد إسلامه حتى مات شهيدا في معركة اليرموك. جاء في كتاب «صور من حياة الصحابة» للدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا: «في يوم الفتح أسقط في يد عكرمة، فمكة نبت به بعد أن خضعت للمسلمين، والرسول صلى الله عليه وسلم عفا عما سلف من قريش تجاهه لكنه استثنى منهم نفراً سماهم، وأمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة، وكان في طليعة هؤلاء النفر عكرمة، لذا تسلل متخفياً من مكة، ويمم وجهه شطر «اليمن»، إذ لم يكن له ملاذ إلا هناك».«أما أم حكيم زوج عكرمة فبعد أن أسلمت قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، قد هرب منك عكرمة إلى «اليمن» خوفاً من أن تقتله فأمنه أمنك الله، فقال عليه الصلاة والسلام: «هو آمن» فخرجت في طلب زوجها وأدركته عند ساحل البحر في منطقة تهامة فقالت له: يا ابن عم، جئتك من عند أوصل الناس، وأبر الناس، وخير الناس، من عند محمد بن عبدالله، وقد استأمنت لك منه فأمنك، فلا تهلك نفسك، فقال: أنت كلمته؟ قالت: نعم، أنا كلمته فأمنك، وظلت تطمئنه حتى عاد معها». وعن وحشي بن حرب وعفا النبي صلى الله عليه وسلم عن وحشي بن حرب الحبشي الذي قتل عمه حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه في غزوة أحد. قال وحشي: «لما وضعت أحد أوزارها، عدت مع الجيش إلى مكة فبر لي «جبير بن مطعم» بما وعدني به وأعتق رقبتي، فغدوت حراً..لكن أمر محمد جعل ينمو يوما بعد يوم، وأخذ المسلمون يزدادون ساعة بعد ساعة، فكنت كلما عظم أمر محمد عظم علي الكرب، وتمكن الجزع والخوف من نفسي.وما زلت على حالي هذه، حتى دخل محمد مكة بجيشه الجرار فاتحاً عند ذلك وليت هارباً إلى «الطائف» ألتمس فيها الأمن، لكن أهل «الطائف» ما لبثوا كثيراً حتى لانوا للإسلام، وأعدوا وفداً منهم للقاء محمد وإعلان دخولهم في دينه، عند ذلك سقط في يدي، وضاقت علي الأرض بما رحبت، وأعيتني المذاهب، فقلت: ألحق بالشام، أو باليمن، أو ببعض البلاد الأخرى، فوالله إني لفي غمرة همي هذه، إذ رق لي رجل ناصح وقال: «ويحك يا وحشي إن محمداً- والله - ما يقتل أحداً من الناس إذا دخل في دينه، وتشهد بشهادة الحق».فما إن سمعت مقالته حتى خرجت ميمماً وجهي شطر «يثرب» أبتغي محمداً، فلما بلغتها تحسست أمره فعرفت أنه في المسجد، فدخلت عليه في خفة وحذر، ومضيت نحوه حتى صرت واقفاً فوق رأسه وقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً وأن محمداً عبده ورسوله، فلما سمع الشهادتين رفع بصره إلي، فلما عرفني رد بصره عني وقال: «أوحشي أنت؟»، قلت: نعم يا رسول الله، فقال: (اقعد وحدثني كيف قتلت حمزة).. فقعدت فحدثته خبره، فلما فرغت من حديثي، أشاح عني بوجهه وقال: «ويحك يا وحشي، غيب وجهك عني فلا أرينك بعد اليوم»، فكنت من ذلك اليوم أتجنب أن يقع بصر النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، عليّ، فإذا جلس الصحابة قبالته، أخذت مكاني خلفه، وبقيت على ذلك حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه». فضالة بن عمير وذكر أنه صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة‮ جعل‮ ‬يطوف بالبيت‮.. ‬فأقبل فضالة بن عمير وكان ‬يظهر الإسلام‮.. ‬فجعل‮ ‬يطوف خلف النبي‮ ‬صلى الله عليه وسلم‮.. ‬ينتظر منه‮ ‬غفلة‮ ليقتله‮، فلما دنا من النبي‮ ‬انتبه صلى الله عليه وسلم فالتفت إليه وقال‮: ‬«أفضالة؟‮!‬». قال‮: ‬نعم‮.. ‬فضالة‮ ‬يا رسول الله‮.. ‬قال‮: ‬«ماذا كنت تحدث به نفسك؟». قال‮: ‬لا شيء.. ‬كنت أذكر الله‮..!! ‬فضحك النبي‮ ‬صلى الله عليه وسلم‮.. ‬ثم قال‮: ‬«استغفر الله» قال فضالة‮: ‬ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم‮ ‬يده على صدري ‬فسكن قلبي‮.. ‬فوالله ما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم‮ ‬يده عن صدري. ‬حتى ما خلق الله شيئا أحب إلي منه‮.‬ رأس المنافقين كان رأس المنافقين عبدالله بن أبي بن سلول يكره النبي صلى الله عليه وسلم ويحاربه، ويدبر المؤامرات لإيذائه، ورغم كل ذلك عفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته.قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لما توفي عبدالله بن أبي بن سلول دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه، فلما قام يريد الصلاة عليه تحولت فقلت: يا رسول الله أتصلي على عدو الله القائل كذا وكذا فجعلت أعدد أيامه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم حتى أكثرت فقال: «أخر عني يا عمر، إني خيرت فاخترت، قد قيل: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم، فلو أعلم أني إذا زدت على السبعين غفر له لزدت». ثم صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشى معه حتى قام على قبره وفرغ من دفنه، فعجباً لي ولجرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ورسوله أعلم، فوالله ما كان إلا يسيراً حتى نزلت «ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره»، (التوبة: 84)، فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها على منافق». غدر متأصل وصل تسامح النبي صلى الله عليه وسلم إلى قمة لا يدانيه فيها أحد، فقد عفا صلى الله عليه وسلم عن امرأة يهودية دعته إلى الطعام بعد غزوة خيبر ووضعت له السم في الشاة التي أكل منها.كما عفا الرسول صلى الله عليه وسلم عن رجل يهودي آذاه وعمل له سحراً.

مشاركة :