يترقب العالم أجمع الضربة العسكرية المحتملة ضد النظام السوري خلال الفترة القصيرة المقبلة، وتتزايد التنبؤات حول التأثيرات المتوقعة التي قد تطول الأسواق العالمية جراء هذه الضربة، غير أن الأسواق العربية على الأخص تترقب هذه الضربة بكثير من القلق خوفا من ارتفاع أسعار النفط ووصولها لمستويات قياسية، ذلك أن أسعار النفط تتأثر عادة بالعوامل الجيوسياسية والمضاربات التي تتسارع وتيرتها في تلك الفترات. وتعتبر منطقة الخليج بصفة عامة أحد أهم المناطق شديدة الحساسية ذلك أن صادرات دولها من النفط والغاز تمثل نسبة كبيرة من إجمالي صادرات النفط العالمية، وفي حال اندلاع أي أزمات سياسية فإن العالم ينظر بترقب إلى مضيق هرمز والذي يمثل المنفذ الذي تعتمد عليه غالبية دول الخليج في تصدير النفط لأرجاء العالم. لكن بالنظر إلى الوضع الراهن والخاص بسوريا بالتحديد فإن تداعيات الضربة العسكرية المتوقعة على سوريا على أسواق النفط والمال ستكون محدودة جدا، ذلك أن تلك الضربة لن تستمر لفترة طويلة لعدة أسباب: أولها الاختلاف الكبير في ميزان القوى بين الدول المشاركة وبين النظام السوري، كما أن الضربة العسكرية وفقا للتصريحات المعلنة لا تهدف إلى تغيير النظام وإنما إلى ردعه عن استخدام أسلحة الدمار الشامل وعلى الأخص السلاح الكيميائي والذي تم استخدامه في قرية الغوطة. قد تقفز أسعار النفط في الأيام الأولى للضربة لمستويات قياسية، لكن السوق العالمي سيعتمد في المقام الأخير على ردود الأفعال العالمية وموقف الدول الداعمة للنظام السوري ومواقف الدول المناوئة له، غير أن غالبية التوقعات تشير إلى أن التأثير على أسعار النفط سيكون وقتي وسيزول سريعا، فقد يرتفع سعر برميل برنت في حدود 10 - 20 دولارا، أما بالنسبة لسوق الأوراق المالية فمن المتوقع أن يتراجع أداء الأسواق الخليجية خلال الأيام القليلة القادمة، والتي جعلت المستثمرين في أسواق المنطقة وفي الأسواق العالمية أيضا يقرأون المخاطر المحتملة بصورة سلبية ويتجاهلون بشكل كبير البيانات الاقتصادية المتفائلة، مما جعل عدد كبير منهم يقوم بالبيع، فعلى سبيل المثال تراجعت مؤشرات أسواق الخليج باستثناء السعودية البحرين يوم أمس مع تنامي الأخبار عن قرب وقوع ضربة عسكرية ضد سوريا. ولذلك ستبقى أسواق المال الخليجية تحت ضغوط البيع وهو ما سيضغط على المستثمرين بصورة أو بأخرى، وغالبا ما ستتسم عمليات التداولفي السوق بالتذبذب خلال الأيام القادمة حتي تظهر نتائج وتداعيات الضربة العسكرية ضد سوريا،أما بالنسبة للعملات فمن المتوقع ارتفاع العملات التي تعد ملاذا آمنا للمستثمرين كالين الياباني والدولار الأمريكي، وانخفاض العملات التي تحتوي على مخاطر أكبر مثل الدولار الأسترالي والنيوزيليندي. أما الذهب فمثله مثل النفط، سيقفز صعودا في ظل أى أجواء متوترة عسكريا. غير أنه بلا جدال سبب هذه التقلبات التي تؤثر على القرارات الاستثمارية هو سبب نفسي، لذلك هي في نهاية المطاف عوامل مؤقتة مقترنة بما يدور في المشهد السياسي الإقليمي المتوتر، وما إن تتراجع حدة التوتر – والتي نظنها سريعة بسبب محدودية الضربة العسكرية – فإن اتجاهات التراجع ترتد مرة أخرى وتواصل صعودها، وهو أمر نسبي بالطبع يتوقف على قوة كل سوق وحجم سيولته، وطبقا لخطط الإنفاق الحكومي للمشاريع المحلية في كل دولة، ومدى مرونة الجوانب الرقابية لكل سوق.
مشاركة :