تونس - شهدت تونس الجمعة يوما آخر من الاحتجاجات ضمن حراك اجتماعي ضد قانون المالية وذلك قبل يومين من الاحتفال الأحد بالذكرى السابعة لثورة "الحرية والكرامة" في 2011. ونزل بضع مئات إلى الشوارع في عدد من مدن البلاد حيث بدت المواجهات أقل بكثير مما حدث في الأيام الاخيرة، بحسب السلطات. وكانت عدة مدن شهدت في الأيام الأخيرة أعمال شغب ليلية واضطرابات غذتها بطالة متواصلة رغم بعض النمو وزيادة الضرائب ما أثر على القدرة الشرائية المنهكة أصلا بسبب ارتفاع التضخم. وبدت التعبئة الاجتماعية التقليدية مع اقتراب ذكرى الإطاحة بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 14 يناير/كانون الثاني 2011 اثر ثورة كان شعارها الأساسي "عمل وحرية وكرامة وطنية"، متفجرة بشكل خاص هذه السنة. ورفع نحو 200 متظاهر تجمعوا وسط العاصمة الجمعة "بطاقة صفراء" في وجه الحكومة وذلك بدعوة من حملة "فاش نستناو" (ماذا ننتظر؟) التي دعت منذ بداية 2018 إلى الاحتجاجات ضد ارتفاع الأسعار. وفي مدينة صفاقس (وسط شرقي) ثاني أكبر مدن البلاد، تظاهر أيضا نحو 200 شخص وسط رقابة مشددة ورفعوا لافتات كتب عليها "مال الشعب في القصور وأبناء الشعب في السجون". وقالت هندة شناوي التي تنتمي إلى الحملة "نعتقد أن الحوار لا يزال ممكنا والاصلاحات لا تزال ممكنة. البطاقة الصفراء هي لنقول انتبهوا آن اوان التصدي للمشاكل الحقيقية وهي الأزمة الاقتصادية وغلاء المعيشة أي المطالب نفسها التي نكررها منذ سنوات". رأى المحلل السياسي حمزة المدب أن التعبئة المتفجرة بشكل خاص هذه السنة مردها إلى "غضب اجتماعي شديد جدا" إذ أن عدة احتجاجات سابقة لم تؤد إلى تحسن ملموس في ظل "طبقة سياسية في قطيعة أكثر فأكثر مع المواطنين". وكانت الاضطرابات أقل حدة بكثير مما حدث في الليالي الثلاث السابقة التي شهدت مواجهات بين شرطيين وشبان يرشقون الحجارة والزجاجات الحارقة إضافة إلى عمليات سرقة ونهب. وتم توقيف نحو 780 شخصا منذ الاثنين بحسب وزارة الداخلية. ودعت منظمة العفو الدولية قوات الأمن إلى ضبط النفس. وبحسب المتحدث باسم الداخلية التونسية العميد خليفة الشيباني لم يسجل أي عنف أو سرقة أو نهب ليل الخميس الجمعة والمواجهات كانت "محدودة" و"بلا خطورة". وأوضح أنه تم توقيف 151 شخصا متورطين في أعمال عنف الخميس ما رفع اجمالي الموقوفين إلى 778 شخصا خلال خمسة أيام. وفي مدينة سليانة (شمال غرب) ألقى شبان حجارة على قوات الأمن التي ردت بالغاز المسيل للدموع لتفريقهم. إلا أن الوضع كان هادئا في العاصمة التونسية وفي وسط البلاد المهمش وأيضا في طبربة غرب العاصمة. وكان أحد سكان طبربة توفي ليل الاثنين الثلاثاء اثر مواجهات في المدينة. ودعت العفو الدولية قوات الأمن إلى "عدم استخدام القوة المفرطة" و"ووقف عمليات الترهيب بحق المتظاهرين السلميين". وتم توقيف ناشطين يساريين في الأيام الأخيرة مع اتهام الحكومة للمعارضة بتحريك المحتجين. وأفرج الجمعة عن ثلاثة مسؤولين محليين للجبهة الشعبية (يسار) في قفصة (جنوب) غداة توقيفهم بدعوى التحريض على العنف، بحسب ما افادت الجبهة. ودعت أحزاب وجمعيات بينها خصوصا المركزية النقابية القوية (الاتحاد العام التونسي للشغل) إلى تجمع الأحد لإحياء الذكرى السابعة للثورة. ويرى كثير من التونسيين أنهم كسبوا الحرية لكنهم خسروا لجهة مستوى العيش منذ الاطاحة ببن علي. ورغم أنها استجابت للاحتجاجات الاجتماعية إثر الثورة في 2011 بعمليات توظيف مكثفة في القطاع العام، تجد الدولة التونسية نفسها اليوم أمام صعوبات مالية بعد سنوات من التدهور الاقتصادي العائد خصوصا إلى تراجع السياحة بعد اعتداءات في 2015. ومنح صندوق النقد الدولي تونس في 2016 خط ائتمان بقيمة 2.4 مليار يورو على أربع سنوات شرط انجاز برنامج يهدف إلى خفض عجز الميزانية والعجز التجاري. وفي ضوء ذلك، تضمنت ميزانية 2018 زيادة في الضريبة على القيمة المضافة والضرائب على الاتصالات الهاتفية والعقارات وبعض أصناف المنتجات المستوردة. كما تضمنت الميزانية ضريبة تضامن تقتطع من الأرباح والرواتب لتوفير موارد لخزينة الدولة.
مشاركة :