استفادت الصين من الطلب العالمي القوي وتحسّن الظروف الاقتصادية، بانعكاسهما ارتفاعاً لافتاً في حجم تجارتها الخارجية العام الماضي، فيما ساهم ازدياد الطلب الداخلي في تراجع فائضها التجاري الإجمالي مع الخارج، باستثناء الولايات المتحدة ليتفاقم اختلال التوازن لمصلحتها. وازدادت صادرات الصين بالدولار 7.9 في المئة ووارداتها 15.9 في المئة، وفق أرقام إدارة الجمارك الصادرة أمس، ما يشير إلى «ارتفاع ملحوظ» مقارنة بانخفاض الرقمين 7.7 في المئة و5.5 في المئة على التوالي عام 2016. وأعلنت المحللة في شركة «إيه إن زد» بيتي وانغ، أن «النجاح المحقق العام الماضي يضع حداً لانكماش التجارة الصينية على مدى سنتين، بفضل انتعاش الطلب في الصين ذاتها كما في الخارج». ويؤكد ارتفاع الصادرات إلى 2263 بليون دولار خلال العام، وجود طلب متين من الدول المتطورة والأسواق الناشئة، في توجه يعزز المبيعات الصينية من المنتجات المصنعة، لا سيما الإلكترونيات. وازدادت الصادرات الصينية إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهما شريكاها التجاريان الرئيسان، 9.7 في المئة و11.5 في المئة على التوالي، فيما بلغت الواردات 1841 بليون دولار، مدعومة بارتفاع أسعار المواد الأولية، الذي ساهم في نصف الزيادة المسجلة العام الماضي. ونجمت هذه الزيادة في الواردات أيضاً، عن طلب داخلي قوي ترافق مع استقرار القوة الاقتصادية الثانية في العالم، في ضوء الإنفاق الكبير على البنى التحتية وارتفاع الإقراض. وحدّ انتعاش الواردات في نهاية المطاف في شكل طفيف، من الفائض التجـــاري الصيني الضخم، ليسجل 422 بليون دولار العام الماضي، بتراجع 17 في المئة عن 2016 (510 بلايين دولار). لكن الولايات المتحدة لم تستفد من هذا التوجه، إذ ازداد عجزها التجاري تجاه الصين 10 في المئة خلال العام، ليصل إلى 276 بليون دولار، ما يثير استياء الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي انتقد غالباً وبشدة الخلل في الميزان التجاري، وهو يشكّل أحد شعارات نهجه. وفتحت إدارته التي تتهم بكين بالحمائية، تحقيقات في شأن الألمنيوم والصلب الصينيين، كما تناولت تحقيقات أخرى سياسة النظام الشيوعي على صعيد الملكية الفكرية، ما قد يعرض بكين لعقوبات. وحذرت وانغ من أن «الغموض المحيط بالعلاقات الصينية- الأميركية هو عامل خطر (على المبادلات الصينية) في المدى القريب»، وقالت: «لا يمكن إلغاء فرضية قيام الولايات المتحدة بتحركات أحادية تستهدف قطاعات محددة، حتى لو بقي مستبعداً نشوب حرب تجارية شاملة». أما الأوروبيون فهم أيضاً يتحفّظون، إذ دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته بكين إلى فتح الأسواق الصينية أكثر أمام الشركات الأوروبية. وتقلص الفائض التجاري الصيني تجاه الاتحاد الأوروبي 2.9 في المئة العام الماضي إلى 127 بليون دولار. وإذ توقع الناطق باسم الجمارك الصينية هوانغ سونغبينغ، «الآفاق المشرقة» للاقتصاد الصيني هذه السنة، على خلفية «الانتعاش الاقتصادي العالمي»، لم يغفل الإشارة إلى «استمرار الغموض وعوامل زعزعة الاستقرار». أما التبادل التجاري بين الصين وكوريا الشمالية، فسجل تدهوراً جديداً في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، منخفضاً إلى أقل من النصف على مدى سنة، وفقاً للأرقام التي نشرتها بكين، وتشهد على تطبيق الصين العقوبات الدولية القاسية ضد بيونغ يانغ. وتدنت الواردات الصينية من كوريا الشمالية الشهر الماضي 81.6 في المئة على مدى سنة، إلى 54.3 مليون دولار، استناداً إلى الجمارك الصينية. وأعلن سونغبنغ في مؤتمر صحافي أمس، أن صادرات الصين إلى جارتها «تراجعت 23.4 في المئة إلى 260 مليون دولار مقارنة بنهاية عام 2016». وهبطت صادرات كوريا الشمالية إلى الصين 33 في المئة لتبلغ 1.72 بليون دولار عام 2017، مقابل ازدياد صادرات الصين إلى جارتها 8.3 في المئة.
مشاركة :