وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس مرسوم تجديد اعفاء ايران من العقوبات المرتبطة بملفها النووي، متجنباً المجازفة بانهيار الاتفاق النووي المًبرم مع الدول الست. في الوقت ذاته، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 14 جهة ايرانية، ليست متصلة بهذا الملف، وترتبط بسلوك النظام وانتهاكاته لحقوق الانسان، وقمعه المتظاهرين وزعزعته الاستقرار الاقليمي. وأكد مسؤول أميركي أن ترامب سيعمل مع الاوروبيين على اتفاق يعزّز اجراءات تفتيش المنشآت الايرانية ويتعامل مع خطر الصواريخ الباليستية، مشيراً الى انه يأمل بالتوصل الى اتفاق في غضون سنة. وبين الأفراد الذين طاولتهم العقوبات، رئيس القضاء الايراني صادق لاريجاني. واستبقت طهران إعلان الرئيس الأميركي، بتهديد بـ»ردّ قاس» في حال انسحبت واشنطن من الاتفاق، اذ قال الناطق باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت إن المجلس الأعلى للأمن القومي في بلاده و»سلطات خاصة أخرى» استعدت لاحتمال خروج الولايات المتحدة من الاتفاق، مشيراً الى أن الأخيرة «ستتلقى رداً قوياً وحازماً من إيران». أتى قرار ترامب ذلك بعد تلقيه توصية رسمية في هذا الصدد من وزيرَي الخارجية ريكس تيلرسون والدفاع الجنرال جيمس ماتيس ومستشار الأمن القومي في البيت الأبيض هربرت ماكماستر، عارضها مشرّعون جمهوريون. وحققت مفاوضات يجريها الرئيس ومستشاروه البارزون مع مشرّعين أميركيين، تقدماً في شأن محاولة تغيير قانون مرتبط بالعقوبات، لئلا يُرغَم ترامب كل 90 يوماً على المصادقة على امتثال طهران لبنود الاتفاق، وتمديد تجميد العقوبات المرتبطة بالملف النووي. ويعمل رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كوركر لتعديل قانون أميركي، لكي يشمل استئنافاً تلقائياً للعقوبات الأميركية، اذا انتهكت إيران خطوطاً محددة. وقبل ساعات من إعلان ترامب قراره، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز: «الرئيس لا يزال يعتقد بأن الاتفاق النووي هو واحد من أسوأ الاتفاقات في التاريخ. واحد من أبرز عيوبه هو انه يتيح لإيران أن تُطوّر بحرية برنامجها النووي وبأن تتمكّن سريعاً من امتلاك وقت كافٍ لتحقيق قدرات نووية. واضح أننا نرى مشكلة كبيرة في ذلك. الإدارة تواصل العمل مع الكونغرس ومع حلفائنا لمعالجة هذه العيوب». وكان ترامب رفض في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي المصادقة على احترام طهران بنود الاتفاق، متهماً إياها بانتهاك «روحيته»، وملوحاً بالانسحاب منه، علماً أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت مراراً إيفاء إيران التزاماتها بموجبه. وأعلن البيت الأبيض ليل الخميس - الجمعة أن ترامب شدد، في اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، على أهمية أن «توقف إيران نشاطاتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة». أما ماكرون فنبّه الى «أهمية احترام» الاتفاق النووي «من جميع موقّعيه»، مستدركاً بوجوب أن «يرافق تطبيقه الصحيح حوار مع إيران في شأن برنامجها الباليستي وسياساتها الإقليمية، لضمان استقرار أكبر في الشرق الأوسط». أتى ذلك بعدما جدّد الاتحاد الأوروبي تمسكه بالاتفاق، معتبراً انه يجعل «المنطقة والعالم أكثر أمناً ويقي من سباق محتمل لامتلاك سلاح نووي» في الشرق الأوسط، ومشدداً على أهمية أن «يلمس الجانب الايراني فوائده الاقتصادية». لكن الاتحاد تحدث عن اتفاق مبدئي لبدء «حوار» مع طهران، في شأن «تغيير سلوكي في المنطقة»، حيث يطاول تدخلاتها في الشرق الأوسط وتجاربها الصاروخية وانتهاكاتها حقوق الانسان. وتزامن ذلك مع منح ايطاليا مصارف إيرانية خطاً ائتمانياً قيمته 5 بلايين يورو. أما الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف فشدد على أن «الحفاظ على استمرارية هذا النص مهم جداً»، وزاد: «كل طرف موقّع على الاتفاق هو حرّ في تفسيره بطريقته الخاصة، لكن الاتفاق يبقى نتيجة توافق بين العديد من المشاركين».
مشاركة :