انتهاج خطاب التصعيد يعكس ثقافة سياسية انتهازية تختار الانتصار للشعبوية السياسية بدل أن تقدم برامج وتنتهج منطق الحوار ودراسة عمق الأزمة على جميع المستويات". وفي ظل اقتصاد منهك لا تتجاوز نسبة نموه 2.1 بالمئة ونسبة فقر تصل في عدد من البلدات التابعة للجهات الداخلية المحرمة إلى نحو 60 بالمئة ونسبة بطالة تصل هي الأخرى في تلك البلدات إلى نحو 73 بالمئة تكاد تجمع اتجاهات الراي العام والطبقة السياسية على أن الأزمة لا تتجاوز فقط الحكومة بل تتجاوز إمكانيات الدولة ذاتها. وتقول وسام بن مبروك المتخصصة في علم التنمية "إن التصعيد الذي تنتهجه بعض الجهات محملة يوسف الشاهد مسؤولية الازمة ينم عن اهتزاز سياسي وجهل بطبيعة الأزمة خاصة في جابها الاقتصادي"، مضيفة تتساءل "ألم تطلع تلك الأطراف على المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية أم أنها تجاهلتها وهي معروفة لدى التونسيين". وتضيف بن مبروك لمراسل ميدل ايست أونلاين متسائلة "هل يوسف الشاهد الذي تراس الحكومة منذ عام فقط هو المسؤول عن "تفاقم عجز موازنة الدولة ليبلغ 6 بالمئة العام 2017 وعن نسبة تداين خارجي بلغت نحو69.9 بالمئة وعن نسبة تضخم تقدربنحو 5 بالمئة وعن عجز تجاري ارتفع إلى نحو 8 بالمئة". ويضاف إلى الازمة الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية أزمة سياسية ما انفكت هي الأخرى تتعمق إذ لم تتوصل غالبية الأحزاب إلى لا إلى تقديم برامج تنموية وسياسية ولا إلى توفير حزام قوي للحكومة يسندها ويساعدها على مباشرة الإصلاحات التي أعلن عليها الشاهد ونالت ثقة الكتل البرلمانية. ويبدو، كما يذهب إلى ذلك كثير من المحللين، أن "تحميل الشاهد مسؤولية الأزمة يستبطن سعي عدد من الأحزاب إلى تغطية فشلها في كسب ثقة التونسيين وفشلها أيضا في تقديم برامج بديلة او منافسة لبرنامج الحكومة في محاولة تهدف إلى جر الراي العام إلى خطابها خاصة وأن البلاد قادمة استحقاقات انتخابية هامة". ويقول السعيدي "إن الذين يحملون الشاهد مسؤولية أزمة تراكمت منذ حكم الترويكا الفاشلة اكتفوا بالتصعيد السياسي وبالانتصار للشارع بطريقة فجة ولم يستنكفوا من التحريض على العنف لتقديم أنفسهم على انهم قادرين على خلط الأوراق من جديد". ويشدد السعيدي على أنه "من السهل تحميل رئيس الحكومة مسؤولية الأزمة ومن السهل اختيار التصعيد ضد الحكومة ومن السهل أيضا الإستقواء بالشارع والتحريض على العنف لكنه من الصعب مواجهة الشاهد ببرنامج تنموي وسياسية بديل يقنع التونسيين". وقال "إن الذين حولوا وجهة حق التظاهر المشروع الدي يكفله الدستور إلى أعمال عنف وتخريب في مسعى إلى إسقاط حكومة تحت يافطة قرار رفع الأسعار ضمن قانون المالية هم أنفسهم منحوه الثقة من قبل كتلهم البرلمانية" لافتا إلى أن "معضلة تونس تتمثل في الانتهازية السياسية ومراهنة البعض على الشعبوية السياسية وابتزاز مؤسسات الدولة على الرغم من أنها هي التي رعت العملية السياسية الديمقراطية". وفي ظل وهن المعارضة وغياب أي برامج لها يرى مراقبون أن تحميل الشاهد مسؤولية الازمة ما هي إلا "فزاعة مغشوشة كشفت خواء سياسيا مقيتا واستخفافا بطبيعة الأزمة". وهم يشددون على أن "اختزال المسؤولية في رئيس الحكومة يؤشر على أن جزء من الطبقة السياسية تلتقط كل ازمة لتقديم صورتها المغشوشة على أنها قوة متنفذة والحال أنها لا تحظى بأي إسناد سياسي وشعبي قوي لتكتفي بقواعدها الانتخابية".
مشاركة :