تونس/ يسرى ونّاس / الأناضول في وقت وجيز تمكنت حملة "فاش نستناو؟" التونسية من جمع أكثر من 8 آلاف و500 عضو - بحسب القائمين عليها - مقابل أكثر من 22 ألف منخرط عبر صفحتها على مواقع التّواصل الاجتماعي، للاحتجاج على سياسات الحكومة المالية. رفض الوضع الاقتصادي والاجتماعي "الصعب" الذّي تمر به تونس، دفع 6 نشطاء إلى إطلاق هاشتاغ (وسم) "# فاش نستناو؟" (ماذا ننتظر؟) في 2 يناير/كانون ثاني الجاري على مواقع التّواصل الاجتماعي، لتنخرط فيه منذ اليوم الأول أعداد غفيرة من مستعملي تلك المواقع. مؤسسو الحملة أعلنوا عنها رسميا يوم 3 يناير من خلال توزيع بيانات تضم مطالبهم على المارة في شارع "الحبيب بورقيبة" وسط العاصمة تونس، ومن ثمة أنشأوا مجموعتهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وبمجرّد أن رأت الحملة النور، حتّى تسارعت وتيرة الاحتجاجات في العاصمة نفذها مئات المتظاهرين وعشرات، ثم امتدت إلى مدن أخرى للمطالبة "بإسقاط قانون المالية الحالي وتعويضه بآخر "يراعي مبدأ العدالة الاجتماعيّة والمقدرة الشرائية للمواطن التّونسي". "الشعب يريد اسقاط الميزانية"، و"لا ترهيب ولا ترويع.. يا حكومة التجويع"، و"يا مواطن يا مقموع.. جاك الفقر جاك الجوع". كانت تلك أبرز الشعارات التي رفعتها الحملة في مظاهرات اتسعت رقعتها لتشمل مدنا ومناطق مختلفة في البلاد. وتزامن إطلاق الحملة مع ذكرى "أحداث الخبز" التي شهدتها البلاد قبل 34 عاماً، وهي انتفاضة شعبية ضد رفع أسعار الخبز ومشتقات الحبوب، حدثت يوم 3 يناير 1984، وسقط فيها عشرات القتلى ومئات الجرحى برصاص الأمن. - حملة رهن استجابة الحكومة لمطلبها ومنذ اليوم الأول اتفق القائمون على الحملة على أنه في حال استجابت الحكومة لمطالبهم وسحب قانون المالية الحالي وتعويضه بآخر محوره العدالة الاجتماعية، فسيتم حلّ الحملة وفتح المجال للمختصين والخبراء والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني للنقاش في قانون المالية الجديد. وائل نوار، منسق الحملة قال للأناضول إنه "إذا مست الحكومة من حق التظاهر وحق الاحتجاج وحرية الإعلام، فإننا سنبقى مرابطين وسنطالب بإسقاطها". وسم الحملة سرعان ما انتشر على مواقع التّواصل بنسق سريع وفي أقلّ من أسبوعين، ولم يتصور أعضاؤها أن يكون التجاوب معها بهذا الشّكل. لكن إطلاق الحملة صاحبه مجموعة من التوقيفات شملت أكثر من 50 من ناشطيها في غضون 48 ساعة، ليتم إطلاق سراحهم فيما بعد وفق بيانات. وفي الميدان كانت تحركات "فاش نستناو؟" شبابية بالأساس، إلا أن نوار اعتبر أنها "حملة مواطنية موجهة إلى الجميع بغض النظر عن فئاتهم العُمريّة، رغم أن أغلب المنتمين إليها من الشباب". اقتران الاحتجاجات اللّيلية بالأحياء الشعبية جعل الكثيرين يذهبون إلى القول بأن ناشطي "فاش نستناو" هم أساسا من أبناء هذه الأحياء وهو ما أكّده نوار. وتابع "شباب الأحياء الشعبية يتظاهرون ليلا، وهو مفهوم لدى التونسي لأنه في حال تظاهروا نهارا يتم تصويرهم من قبل الشرطة الفنيّة والقبض عليهم فيما بعد وإمضاء (توقيع) التزامات بعدم العودة للتحركات". - حملة سياسية أم عفوية ؟ يرى البعض أن الحملة تمثل واجهة سياسية لائتلاف الجبهة الشعبية اليساري (15 مقعد بالبرلمان من أصل 217)، إلا أن نوار يعتبرها "حملة مفتوحة للجميع على أساس انتماء فردي دون تفتيش في ضمائر أعضائها قبل انتمائهم إليها". وفي تصريحاته قبل أيام، قال رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إن "الجبهة الشعبية كانت صوتت بالبرلمان على قانون الترفيع (زيادة) في الأداء على القيمة المضافة (ضرائب)"، متهما إياها بالتحريض على أعمال التخريب التي رافقت الاحتجاجات اللّيلية. والحملة، وفق نوار "تضم ناشطين من مختلف الطّيف السّياسي، فمنها منتمون للجبهة الشعبية وآخرون للتيار الديمقراطي والحزب الجمهوري، وفيها أيضا من حركة الشعب، وغيرها من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وهي لا تستثني المستقلين أيضا". ومن منظور علم الاجتماع فإن الأستاذ الجامعي محمد الجويلي، يعرفها بكونها "حملات تحت الطلب واسعة الانتشار، ولكنها محدودة في الزمان والمكان تعتمد لغة براغماتية قريبة من الشعب بعيدة عن الأيديولوجية الحزبية والمصطلحات السّياسيّة". كما يعتبرها "شكلا جديدا يتبعه الشاب ليمارس بمفرده وبطريقة مباشرة ودون تمثيلية حزبية الشأن السياسي، وهي لا تمثل بالضرورة واجهة لحزب سياسي أو أن تؤدّي أجندة أيديولوجيّة معينة بل هي تضم أطياف سياسيّة متعددة". وتتراوح نسب مشاركة الشباب في الحياة السياسية بين 2 و3 بالمائة، فيما تقدر مشاركتهم في المجتمع المدني بين 5 و6 بالمائة، بحسب الباحث في علم الاجتماع "الجويلي". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :