تقرير مذهل علماء المستقبل بين “متخوفٍ” و”آمل” !!

  • 1/14/2018
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

إنه، ومع تنامي أجراس الخطر والضغط الشعبي لأنصار البيئة وظهور الحصار المرير من تصحر وذوبان الغابات والتلوث والثقب الأوزوني، وجدت هيئة الأمم المتحدة نفسها في حاجة لتشكيل لجنة عالمية للبيئة، وقدمت هذه اللجنة تقريرها الواقعي الشامل، المدعوم بالحقائق والإحصاءات المذهلة، مشيرة للتقصير المريع في إيقاف الكارثة، ومقترحة بالتالي بعض الخطوط العامة للحل، مهتمة بالطرق      التي تؤتي ثمارها على المدى البعيد وأهمها: إشاعة مفهوم التنمية المستديمة،     الذي ينظر لبقاء واستمرار دورة الطبيعة، وتجددها عبر قانونها: التوازن.       وذلك من خلال تقرير “مستقبلنا المشترك” ويسمى تقرير برونتلاند، نسبة إلى رئيس اللجنة العالمية للبيئة والتنمية، غروهارليم برونتلاند رئيسة وزراء النرويج، المكلفة من الأمم المتحدة، وفريقها البحثي، لدراسة تأثير السياسة التصنيعية والاقتصادية لدول العالم في الموارد الطبيعية التي يمكن اعتبارها ملكاً، تهدره الأجيال الحالية  كما تشاء، فكان هذا التقرير. وقد تشعب التقرير في نواح شاسعة من الأفكار ليكون على مستوى الحل الواسع والأبعاد، ومؤكداً أهمية الحل القائم على تطوير الإنسان نفسه، داعياً لعلاقة جديدة مع البيئة كشرط أساسي للإنقاذ. ويساعد على نجاح تيار التنمية المستديمة التربية على كل الأصعدة، وتجديد روح العمل في المؤسسات لتكون على مستوى هذا الأمل الكبير الذي يفكر بالغذاء والطاقة والماء والمرافق والتقدم دون المساس بنظافة الطبيعة. ويعترف التقرير في أكثر من مكان بالصعوبات التي تعترض التنمية المتجددة ومنها: تكاثر السكان، والجوع، والديون، وعدم المبالاة، ولكنه يقترح بالتوازي بعض الأمور التي تربط المعونات واستمرار التقدم بمدى الفاعلية البيئية المقللة للتلوث، ويؤكد على أهمية التفكير بالغذاء كإجراء حاسم. ويؤكد التقرير مراراً على أهمية جعل البيئة من الهموم المشتركة العالمية، فيقترح الإدارة الجماعية لأهم مكونات الحياة العامة، ومنها البحار والمحيطات. ويدعو التقرير إلى تطوير الاتفاقيات التي تحافظ على النظافة، والتخلص           من النفايات الخطرة، كما يدعو لتحسين المصايد واستغلالها العلمي الواعي. الجهود المشتركة، إذن، على كل الأصعدة العامة والخاصة، كفيلة بتأمين التنمية المستديمة، ولن يكون ذلك إلا في إشاعة السلم والأمن العام للإنسانية جمعاء.    تقول غروهارليم برونتلاند: “وبعد عقد ونصف من التدهور في التعاون العالمي، أعتقد أن الوقت قد حان لتوقعات أسمى ولأهداف مشتركة نسعى لها، يداً واحدة، ولإرادة سياسية متعاظمة، تتوجه نحو مستقبلنا المشترك..”. هنا فإن من المفيد أن نورد بعض المشكلات البيئية في المجتمع المعاصر    التي تناولها الباحثون، مثل: التلوث، واستنزاف الموارد، والإخلال بالتوازن الطبيعي للأنظمة البيئية، فهناك وجهات نظر مختلفة تناولت هذه المشكلات، ومن ذلك: أولاً: وجهة نظر الأمم المتحدة ضمن برنامجها للبيئة حيث ينظر برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى المشكلات البيئية في إطار أربع زوايا هي: الآثار المادية المتضمنة لإتلاف الموارد والتلوث البيولوجي، والتلوث الكيميائي، وإخلال التوازن البيئي. ثانياً: النطاق الجغرافي: حيث ينظر إلى المشكلات البيئية في حدودها المحلية والإقليمية والعالمية.      ثالثاً: النطاق الزمني: حيث يقسم آثار أنشطة الإنسان على البيئة إلى آثار تظهر فوراً وأخرى تستغرق وقتاً قبل أن تظهر دلالتها الحقيقية، وبعض الآثار تقع في نطاق بين الفئتين السابقتين.     رابعاً: النطاق الاجتماعي والاقتصادي: ومنه تظهر قضايا البيئة بمظهر مختلف في البلدان النامية، عنه في البلدان الصناعية، بالرغم من أن هذا لا يلغي البعد العالمي المميز لمشكلات البيئة. ومن ثمَّ، تبدو المشكلات البيئية أنها ذات طابع معقد، بَيْدَ أن من سماتها الأساسية بسطاتها الجوهرية، وهي في النهاية مشكلات رفاهية الإنسان. ومن ثم ينبغي أن يكون هدف كل فكر مستقبلي أو نظرة مستقبلية، حماية هذه الرفاهية وتحسينها. فهل هذا هو فكر وتصورات الحركات المستقبلية التي تنتشر اليوم في أجزاء مختلفة من العالم. وعليه، ينقسم علماء المستقبل بين “متخوفٍ” على مستقبل الجنس البشري نتيجة التزايد المتنامي للمشكلات البيئية، وبين “آمل” بقدرة الإنسان على الحد من تفاقم مشكلات البيئة وربما التغلب عليها مما يتيح للأجيال القادمة مستقبلاً مريحاً.   أ . د /  زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

مشاركة :