من يطلق رصاصة الرحمة على نظام الملالي المتهالك؟

  • 1/14/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ما يمكن للمرء استخلاصه من الرسالة الغاضبة التي قدمها المتظاهرون، الذين خرجوا إلى الشوارع في كل أنحاء إيران خلال الأيام العشرة الماضية، هي أنها مطالبة بحياة أكثر حرية وفرصة للعيش الكريم، للغائبين عن المشهد العام في إيران، في ظل نظام الملالي. بعد التعرض لتهديد قضاة الملالي بإعلانهم المتظاهرين مرتكبين لجريمة هي الحَرابة، بمعنى أنهم مذنبون بجريمة شن "حرب على الدين"، ويتعرض هؤلاء الشباب الإيرانيون لمخاطر ضخمة، في أكبر اندلاع للسخط منذ أن سعى النظام الذي يسيطر عليه الملالي، إلى إخماد الاحتجاجات المعادية للتزوير في انتخابات عام 2009.إحدى المفارقات الكثيرة للجمهورية الإسلامية هي أنه - في الوقت الذي يجد الملالي المعينون والداعمون لهم في الأساس هم الحرس الثوري الإسلامي – إلا أنهم هم المسيطرون على متاهات السياسة الإيرانية المعقدة، فيما تواصل الانتخابات المعترَض عليها بمنتهى القوة إظهار المفاجآت والمفارقات. عندما يفشل الإصلاحيون الإيرانيون المنتخبون في تقديم أداء جيد، تنتشر هذه القوة المدفوعة بذلك الحشد الذي يمثل نصف عدد سكان البلاد، البالغ 80 مليون نسمة ممن هم تحت سن الثلاثين، الذين يحتجون ويهتفون في الشوارع مطالبين بسقوط النظام. حسن روحاني، الرئيس المدعوم من الإصلاحيين، الذي أعيد انتخابه العام الماضي على الرغم من المعارضة القوية من المتشددين، يفهم هذا الأمر - حتى وإن كان هو نفسه هدفا للاحتجاجات، إضافة إلى المحافظين. بعد مضي أربعة عقود على نظام الخميني-خامنئي منذ 1979، سئم الشباب من وجود قادة رجعيين من المتقدمين في السن، يختبئون وراء شعارات فجّة وجوفاء ومتحجرة، أبقت إيران منعزلة عن العالم.قال الرئيس يوم الإثنين الماضي: "المشكلة التي نواجهها اليوم هي الفجوة بيننا، نحن السلطات، وبين الجيل الأصغر سنا من الشباب".كما قال وهو يؤكد أن السبب في تلك الاحتجاجات أكبر بكثير من الوظائف الشحيحة وارتفاع الأسعار: "لا يمكننا فرض أسلوب حياتنا على الأجيال المستقبلية".كما يدرك روحاني بلا شك، أن هنالك ثمة تناقض آخر محير يتمثل في أنه يتعين على الرئيس الإيراني الإشارة إلى ذلك تماماً، في الوقت الذي بدأت تشهد فيه المنطقة سلسلة من صراعات الوكالة.قادة الحرس الجمهوري، الذين يتباهون بنجاحهم في انتزاع محور طائفي قوي في الخارج، في الشرق الأوسط تحديداً، سيواجهون الاستياء نفسه إزاء طموحات الشباب الإيراني في الداخل، التي لم يتم الوفاء بها، وتواصل فرض نفسها على جدول الأعمال. وهناك أيضاً الشعارات المعادية للإنفاق من الموازنة الشحيحة على نظام الأسد في سورية، في الوقت الذي يجري فيه خفض الإعانات للمواطنين في الداخل، خاصة الفقراء. ارتفعت آمال الإيرانيين في إحداث تغيير بسبب الاتفاق النووي الموقع في عام 2015 مع ست قوى عالمية. هذه الاتفاقية، التي حدت من برنامج تخصيب اليورانيوم في طهران مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة، ربما كانت الإنجاز الفردي الواقعي الوحيد الذي حققه الرئيس، ومع ذلك فإنه بات على كف عفريت، في ظل طعون الرئيس الأمريكي، وتهديداته بسحب الثقة منه. كما تُعتبر من قبل المتشددين بمثابة منحدر زلق لتغيير النظام، رغم أنها مدعومة من قبل علي خامنئي، المرشد الأعلى.الاتفاقية فشلت إلى حد كبير في تحقيق الآثار المرجوة منها، وهي الآن معلقة في الميزان. فيما يواصل الرئيس دونالد ترمب التهديد بتمزيق ما يسميه "أسوأ اتفاقية على الإطلاق". في الأسابيع المقبلة، يجب عليه اتخاذ قرار ما إذا كان يريد تجديد التنازلات القانونية التي تقضي بإزالة العقوبات - أو الخروج على إجماع أوروبا والصين وروسيا، ومحاولة القضاء على الاتفاق. عززت واشنطن من العقوبات الأمريكية المستقلة، خصوصا بسبب تدخلات إيران في البلدان العربية. وفي حين أن هذا يمكن أن ينتهي به المطاف بتحقيق الأثر نفسه – أي قطع طريق إيران إلى الاقتراض من المصارف الدولية والمستثمرين الدوليين – إلا أن هذا ليس ما يريده الرئيس الأمريكي مقابل جهوده الحثيثة. الاحتجاجات الحالية، التي دفعت ترمب إلى التغريد للمطالبة بالتغيير، ربما تدفعه إلى اتخاذ لفتة عجيبة. هذا سيكون خطأ. الاتفاقية النووية لعام 2015 هي التي حركت الجهود للتغيير داخل إيران. كان الحرس الثوري الإيراني يخشى من هذا الأمر، وكان يرجو أن يأتي لنجدته من خلال إلغاء الاتفاق. فضلا عن ذلك، يعتقد الإصلاحيون داخل إيران أن المتشددين هم الذين بدأوا الاحتجاجات، في مدينة مشهد في شمال شرق إيران، التي هي معقل المحافظين، بهدف تشويه صورة الرئيس روحاني. هذه المحاولة الفوضوية للحفاظ على علاقات حسنة مع طرفي النزاع، هي التي أثارت انفجار الغضب ضد المؤسسة بأكملها، أي ضد لعبة توزيع الأدوار بين مختلف أجنحة النظام، المتوافقة على ضبط إيقاع الصراع ضمنه. الخلاصة، هذا أمر مختلف عما حدث في عام 2009.أحداث عام 2009 كانت أساسا انتفاضة من الطبقة الوسطى ضد تزوير الانتخابات ومركزها طهران، أما الاحتجاجات الحالية فقد انتشرت في أنحاء المدن الإيرانية كافة، حيث واجه المواطنون العاديون مراكز القوى ونخب النظام غير الخاضعة للمساءلة، فيما تستأثر هي بالثروة وتحظى بالحماية. زعماء الحركة الخضراء لعام 2009 كانوا يسعون إلى إصلاح جمهورية الخميني التي ساعدوا هم على إنشائها، وليس الإطاحة بها. أما الهدف الآن، في ظل نخبة عصر ما بعد الثورة فهو إسقاط نظام أصحاب المصالح المكتسبة، الذين يستخدمون الدين معيارا لهم، والمؤسسات الدينية متاريس يحتمون وراءها، لمواصلة استغلال البلاد والعباد.زوايا الخلاف تزداد حدة في هذا الصراع على السلطة. وفاة الرئيس السابق أكبر هاشمي رافسنجاني، الذي يعد قطب البراجماتية في قلب السياسة الواقعية الإيرانية، تركت فجوة في قلب الطيف السياسي. في الوقت نفسه، فإن الأمور التي على المحك هي الآن أعلى بكثير، في الوقت الذي تستعد فيه الفئات للخلافة النهائية لخامنئي في منصب الولي الفقيه، أي المرشد الأعلى. لقد أثار رافسنجاني من قبل فكرة استبدال ولاية الفقيه الفرد، بمجلس للقيادة. التغيير موجود على الأجندة. مهما كان التغيير الذي سيحدث فعلا، ينبغي إدراك أنه سيأتي من داخل إيران، لا محالة.Image: category: FINANCIAL TIMESAuthor: ديفيد جاردنر من لندنpublication date: الأحد, يناير 14, 2018 - 03:00

مشاركة :