لا يشعر اللاعب الإنجليزي كوريد أييغبوسي بالخوف داخل الملعب أو خارجه، فقد ترك موطنه وهو في السادسة عشرة من عمره لكي يحقق حلمه باحتراف كرة القدم في الولايات المتحدة. ولد أييغبوسي ونشأ في العاصمة البريطانية لندن، ثم خاض كثيراً من التجارب الخارجية في السويد وإيران وفنلندا وألمانيا وسويسرا، كما لعب الموسم الماضي لنادي شاختار كاراغاندي الكازاخستاني، ليصبح أول لاعب إنجليزي يلعب في كازاخستان. ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، «لا تزال الحقوق المتمثلة في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات الأهلية مقيدة» في كازاخستان، لذلك فإنها ليست مكاناً تذهب إليه دون معرفة ما يتعين عليك القيام به. وكان المال هو السبب الرئيسي في خوض أييغبوسي (29 عاماً) لتجربة اللعب في كازاخستان، حيث حصل هناك على مقابل مادي أعلى من ذلك الذي حصل عليه في أي دولة من الدول التي لعب بها في السابق، كما أن التجربة التي خاضها في إيران تعد دليلاً على أنه ليس لديه الكثير من التحفظات فيما يتعلق بالمكان الذي سيلعب به. وداخل الملعب، يتميز أييغبوسي بقدرته على اللعب في أكثر من مركز، لكن خلال الفترة التي قضاها في نادي شاختار كاراغاندي، أصبح محط اهتمام الجميع، ليس بسبب قدراته الفنية أو البدنية، ولكن بسبب لون بشرته. يقول أييغبوسي: «من النادر جداً بالنسبة لهم أن يروا شخصاً صاحب بشرة سمراء. في مدينتي آستانة وألماتي، يرون أشخاصاً من ذوي البشرة السمراء لكن ليس كثيراً، غير أنهم يتعاملون معهم بطريقة جيدة»، ويضيف: «إنهم لا يرون السود إلا في الأفلام فقط. وتعد كاراغاندي رابع أو خامس أكبر مدينة في كازاخستان، لذلك فهي صغيرة بعض الشيء، ولذا عندما يرون شخصاً أسود، فإن كل العيون تركز عليه. إنهم يودون أن يلتقطوا مع هذا الشخص صورة أو سيلفي لأنهم يعتقدون أنه شيء ربما لن يتكرر مرة أخرى طيلة حياتهم». وتدير عائلة أييغبوسي أعمالاً ناجحة، لذلك فهو يعرف قيمة المال جيداً، ويدرك أن اللعب لمدة عام في كازاخستان سيكون أفضل لطموحاته على المدى الطويل. يقول أييغبوسي: «لقد لعبت في فنلندا والسويد، وكنت أحصل على راتب جيد، لكن ليس جيداً بالشكل الذي يتوقعه البعض للاعب كرة قدم. دائماً ما أفكر بعقلية تجارية لما بعد اعتزال كرة القدم، ولذا فإن الذهاب إلى كازاخستان يعد فرصة جيدة للحصول على راتب أفضل بكثير مما كنت أحصل عليه في دوريات الدرجة الثانية هنا في إنجلترا أو في أوروبا. يمكنني كسب وادخار بعض المال، وهو ما يمكنني من إقامة مشروع خاص بي عندما أعتزل كرة القدم». ومن المفهوم أن هناك مخاوف دائماً من أن ينتقل شخص ما إلى المجهول، لكن أييغبوسي يتمتع بقدر كبير من المغامرة والانفتاح على أي تجربة جديدة. ويقول اللاعب الإنجليزي: «كان أكثر شيء يقلقني، خصوصاً من تجربتي في إيران، هو ألا أحصل على الراتب الذي اتفقت عليه في نهاية المطاف. لقد سافرت إلى جميع أنحاء العالم تقريباً، لغرض لعب كرة القدم أو لأسباب أخرى، ولدى رغبة دائمة في رؤية ثقافات جديدة ومعرفة كيف يعيش الناس، سواء كان ذلك في مستوى مرتفع أو مستوى متدني، والعيش في جميع البيئات المختلفة، ولذا لم أكن أخاف من أي شيء. كان الأمر برمته يتعلق بمدى ثقتي في أنهم سوف يمنحونني الأموال التي قالوا إنهم سيدفعونها لي. عندما ترحل عن أوروبا فإن التفكير يجب أن يكون بهذه الطريقة، لأنك لو اتفقت على تقاضي مبلغ مالي معين ولم تحصل عليه، فستكون هناك مشكلة كبيرة». تلقى أييغبوسي عرضاً لمدة 4 أشهر من قبل المدير الفني لنادي برينتفورد الإنجليزي، أوي روسلر، لكنه رفضه وفضل الانتقال إلى فنلندا، وهي الفرصة التي ندم عليها هذا اللاعب الرحالة. ونتيجة للطقس والثقافة في كازاخستان، قرر أييغبوسي التراجع عن تلك التجربة بعدما أمضى أول 6 أسابيع مع النادي في معسكر تدريبي في تركيا - الأكثر دفئاً - استعداداً للموسم الجديد. يقول اللاعب: «تعرضت البلاد لطقس سيئ وعاصفة ثلجية شديدة البرودة، مثل تلك الأجواء التي عشتها في السويد، لكنني لم أعش هذه الأجواء لهذه الفترة الطويلة لأن الطقس لا يكون سيئاً في السويد سوى في آخر أسبوعين من فصل الشتاء فقط. وفي كازاخستان، كان الطقس سيئاً بدرجة لم أشاهدها من قبل، وكان الأمر بمثابة صدمة بالنسبة لي»، وأضاف: «كان الأمر مفاجئاً للغاية بالنسبة لي، من حيث البنية التحتية وتخطيط المدينة، لكن خلال الأسابيع الثلاثة أو الأربعة الأولى، بقينا في العاصمة آستانة، وهي مدينة جديدة إلى حد ما. إنها تشبه مدينة دبي لكن بطقس بارد، حيث تضم مباني جديدة وبنية تحتية على الطراز الغربي. ولم تكن تبعد سوى ساعتين فقط أو نحو ذلك عن المكان الذي كنت أقيم فيه، لذا كان من الجيد أن أعرف أن هناك طريقاً للهروب إذا أردت الرحيل، وكنت أشعر وكأنني أعيش في أوروبا». وكان نادي شاختار كاراغاندي قد تأهل لدوري أبطال أوروبا عام 2013، وخسر بطريقة دراماتيكية أمام سيلتك الاسكوتلندي في التصفيات التمهيدية المؤهلة للبطولة، لكن مرافق النادي لا يمكن مقارنتها بتلك الموجودة في الأندية الكبرى هناك. ولا يزال نادي شاختار كاراغاندي يلعب في الدوري الممتاز في كازاخستان، لكنه أنهى الموسم الماضي في المركز السابع، من بين 12 نادياً. وسجل أييغبوسي هدف الفوز في الدقيقة الرابعة من الوقت المحتسب بدلاً من الضائع - هدفه الوحيد في 20 مباراة - ضد نادي اكزاييك، ليضمن بقاء الفريق في المسابقة، وعدم هبوطه إلى دوري الدرجة الأولى. يقول أييغبوسي: «النادي نفسه ومستوى الاحترافية ليس على مستوى التجارب التي عشتها من قبل. إنه ليس سيئاً، لكنه ليس في مستوى متقدم، فهو ليس المستوى الذي تتوقعه عندما تأتي من أوروبا أو من الدوري الأميركي الممتاز. لم يكن الأمر صادماً بالنسبة لي، لأنني قادر على التكيف مع كل الأمور، لكنه لم يكن قريباً من المستوى الذي لعبت فيه من قبل. معظم الفرق هناك تتدرب على الملعب نفسه الذي تقام عليه المباريات، لذلك لعبنا خلال الأشهر القليلة الأولى من الموسم على عشب صناعي في مدينة أخرى، وتدربنا هناك أيضاً، مما تسبب في كثير من المشكلات وتعرض اللاعبين للإصابة، كما أن الملاعب التي كنا نلعب عليها ليست مفيدة للاعبين على المدى الطويل، وقد عانيت من ذلك بنفسي». وخلال 10 أشهر لعب خلالها في كازاخستان، يحتفظ أييغبوسي بكثير من الذكريات، بدءاً من الخروف الذي كان يذبحه النادي قبل كل مباراة، وصولاً إلى طريقة تعامل النادي مع العاملين واللاعبين. وقد أصبح أييغبوسي المتحدث باسم غرفة خلع الملابس، ورفض أن يُعامل بطريقة غير جيدة من مسؤولي النادي، قائلاً: «لقد جئت من ثقافة مختلفة، ولا أفهم ثقافتهم، لذلك عندما أكون هناك كان يتعين علي التكيف والتفاهم. إنهم يفعلون أشياء لا أتفق معها، وأعتقد أنها ثقافتهم التي تجعل المسؤول الموجود في وظيفة أعلى يقول ما يشاء، ويعاملك كما يشاء، وهذا شكل من أشكال البلطجة». وأضاف: «إنهم يفعلون ذلك بسهولة، ويفعلونه أيضاً مع اللاعبين الأجانب، لكن بعض اللاعبين الأجانب يرفضون معاملتهم بهذه الطريقة. وفي بعض الأحيان، يتعين عليك أن تجعلهم يدركون أنك لست طفلاً وأنك رجلاً، وأنه إذا كنت تتحدث إليهم باحترام، فيتعين عليك أن تُعامل بالطريقة نفسها. لقد كنت هناك من أجل أن ألعب للنادي، لكني لست عبداً لأحد. لقد تمسكت بهذا الأمر وأنا هناك، لكي أذكرهم أنه ليس بإمكانهم أن يقولوا ما يشاءون ويفعلوا ما يريدون». لقد مر أييغبوسي بكثير من التجارب المختلفة في عالم كرة القدم، تفوق تجارب أي لاعب آخر، لكنه ما زال يملك الرغبة لخوض مزيد من المغامرات، ويفكر الآن في الخطوة المقبلة، سواء كانت داخل المستطيل الأخضر أو خارجه. إنه لا يعرف وجهته المقبلة، لكنه على أي حال لن يرضى سوى بتجربة أفضل من التجربة الأخيرة.
مشاركة :