احتضنت مدينة هانوفر الألمانية مهرجان الربيع العربي الثاني للمسرح وبمشاركة سبع فرق عربية من شمال إفريقيا ومصر وفلسطين ولبنان والعراق. هموم المرأة العربية وكفاحها من أجل حقوقها المشروعة شكلت الموضوعات الأساسية للعروض. فرق مسرحية من سبع دول عربية من المغرب إلى لبنان، تحمل جميعها أسئلة حارقة وأخرى معلقة حول النساء في العالم العربي. ففي ظل ما يعيشه العالم العربي من إخفاقات وتراجعات، يكرم مهرجان هانوفر المرأة العربية، أو كما قال فتاح الديوري رئيس المهرجان: "إننا نحتفي بالمرأة العربية، لتقدم نفسها بنفسها، انطلاقا من واقعها اليومي، وليس كما تقدمه لنا وسائل الإعلام الغربية". ووفقا لموقع "دويتش فيله"، تقدم لنا مسرحية "ليل الجنوب" المصرية و"أيام تراقص الليل" اللبنانية، نماذج متعددة لنساء بأحلامهن وإخفاقاتهن. فإذا كانت الفرقة المصرية تجسد دور زوجة صعيدية لم تنجب بسبب زوجها العاقر، فإن المسرحية اللبنانية، تقترح علينا قصة امرأة تعيش حرية جنسية ولها هامش كبير من الحريات، غير أنها تعيش تحت رحمة السلطة الذكورية. فبطلة مسرحية "أيام تراقص الليل" تلد طفلة مصابة بمرض البرص، ما دفع الشريك إلى قتلها دون استشارة الأم. أما بطلة "ليل الجنوب"، ولكي تصبح حاملا، لجأت لخدمات الجبل السري الذي يختبئ فيه رجال ملثمون، يعرضون خدماتهم. قضية يعتبرها المجتمع بحسب العرض المسرحي أمرا عاديا، في حين أنه يحمل الزوجة مسؤولية عدم الإنجاب حتى وإن كان الرجل هو السبب. تعرض المسرحيتان مسارات نساء مختلفات، غير أنهن يشتركن في المصير، فجميعهن يعشن تحت قهر المجتمع الذكوري. طاقم المسرح المغربي في حوار مع الجمهور. هل تعدد مظاهر التمييز ضد المرأة، يعطي شرعية لسؤال أولويات النضال النسائي؟ فدعاء طعيمة بطلة "ليل الجنوب" ترفض هذه القضية وتقول: "لا وجود للأولويات. فالإنسان لا يقبل المساومة، بحيث إذا حصل على الحرية، يمكن أن يتخلى عن العيش الكريم". في المقابل نجد سرين أشقر مخرجة مسرحية "أيام تراقص الليل" تؤكد ضرورة تحديد الأولويات. وفي هذا السياق تقول سرين التي تقيم في باريس "أولويات المجتمعات الغربية تختلف عن نظيرتها في الدول العربية، بل أن هناك تفاوتا حتى داخل الدول العربية". ومن أجل الثورة على هذه الأوضاع جاء الربيع العربي، غير أن الكثير من النساء يشعرن بأن هذا الربيع أدار ظهره عنهن. شعور بالإخفاق، عبرت عنه بكل وضوح الممثلة والمخرجة المصرية دعاء طعيمة عندما صرحت قائلة:" إن المرأة في مصر لم تساهم في الثورة فقط بل قادتها، وكانت الوعود بتعزيز حقوقها، ولكننا اليوم نرى نكوصا وتراجعا، فالربيع العربي خان المرأة". أما المخرجة اللبنانية سرين أشقر، فترى "أن الطريق لا يزال طويلا وأن الثورة الحقيقية هي التي ينبغي أن تكون في التربية، ويبقى دور الفن أساسيا ضمن هذه الصيرورة". فالمسرح وإن لم يكن معنيا بالتغيير بشكل مباشر، "إلا أن مهمته تتجلى في طرح الأسئلة وخلخلة البنيات المجتمعية" بحسب فتاح ديوري رئيس المهرجان. غير أن ذلك لن يتأتى إلا بفتح مجالات التعاون بين الدول. وفي هذا السياق صرحت فرنسيسكا شروتر من المكتب الإقليمي لمؤسسة فريدريش إيبرت في ولاية سكسونيا السفلى، شريك المهرجان، قائلة: "يأتي دعمنا لفعاليات بروح ديمقراطية وتعددية، من أجل مساعدة المجتمعات على بلورة طموحاتها التي تتماشى مع هذه الأهداف، وخاصة المجتمعات العربية التي نتابع ما يجري فيها بكل يقظة، بعد ما مرحلة ما يسمى الربيع العربي". اعتبر رئيس المهرجان فتاح الديوري الملتقى المسرحي تكريما لدور المرأة العربية قبل وبعد الربيع العربي من خلال جعل المرأة العربية ضيف شرف للمهرجان. لكنه أبى أن يكون ممثلا عنهن، بل وفر الفرصة للنساء للتعبير عن مواقفهن بأنفسهن.
مشاركة :