بغداد (أ ف ب) - بعد انتصار العراق تحت قيادته على تنظيم الدولة الإسلامية وإنهاء محاولة الانفصال الكردية، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ليل السبت الأحد ترأسه لائتلاف سياسي جديد في الانتخابات النيابية المرتقبة في أيار/مايو المقبل، في مواجهة سلفه ومنافسه نوري المالكي. عندما وصل هذا السياسي الشيعي صاحب الأعوام الخمسة والستين إلى رأس السلطة في العراق قبل ثلاث سنوات، كان مغمورا، إلا أنه حمل مسؤولية إعادة إعمار بلد وجيش على شفير الانهيار، ففاجئ أكثر المتفائلين بإعلان انتصارات متتالية. وفي ظل حكم سلفه، ورفيقه في حزب الدعوة، اجتاح تنظيم الدولة الإسلامية العراق وسيطر على ما يقارب ثلث مساحته. وقبل شهر فقط، أعلن رئيس الوزراء بصوته الرخيم "النصر الكبير" و"انتهاء الحرب" ضد الجهاديين. خلال ثلاث سنوات من المعارك المتواصلة، برزت قوة جديدة في البلاد، وهي الحشد الشعبي الذي يضم فصائل شيعية غالبيتها تدعمه إيران، وتأسست بدعوة من المرجعية الشيعية في البلاد لمواجهة تقدم الجهاديين. وبعدما فرضت نفسها كقوة حاسمة في أرض المعركة، تسعى تلك القوات إلى أن تجد لنفسها مكانا في قلب مؤسسات السلطة. وتتنافس أحزاب عدة رشحت قيادات من الحشد كانت أعلنت خروجها رسميا من المنصب العسكري، إلى الانتخابات النيابية المرتقبة في 12 أيار/مايو المقبل. -تحالف مع الحشد الشعبي- قرر هؤلاء الانضمام إلى "ائتلاف النصر" الذي وصفه العبادي في بيان بـ"العابر للطائفية والتفرقة والتمييز". وأكد أحمد الكناني، عضو المكتب السياسي لـ"حركة صادقون" التي ستمثل "عصائب أهل الحق" في الانتخابات، لفرانس برس إنه "تم الاتفاق، بعد مفاوضات مطولة، بين +ائتلاف الفتح+ و+ائتلاف النصر+ (...) على تشكيل ائتلاف واحد باسم +نصر العراق+". ويضم ائتلاف "الفتح" 18 كيانا سياسيا، أبرزها "منظمة بدر" بزعامة هادي العامري و"حركة الصادقون" التي يرأسها قيس الخزعلي. وأوضح العبادي، الذي يعتبر من قلائل السياسيين الشيعة الذين لديهم شعبية جيدة بين الأقلية السنية في البلاد، أن ائتلافه "سيمضي قدما بالحفاظ على النصر وتضحيات الشهداء والجرحى والوفاء لمواقف الابطال في ساحات القتال". وشدد في بيانه أيضا على "محاربة الفساد والمحاصصة بجميع اشكالها"، إضافة إلى "تعزيز وحدة البلاد"، وهذان ساحتان لمعركتين سياسيتين أمام العبادي الذي سبق و أرسل قواته لاستعادة مناطق متنازع عليها من الأكراد، بعد رفضه استفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق بشكل قاطع. من جهتها أيضا، تعيش الأحزاب الكردية، التي يمثلها حاليا نحو ستين نائبا في البرلمان الاتحادي، انقساما في الصفوف تحضيرا للانتخابات المقبلة. وشكل كل من الحزبين التاريخيين في كردستان العراق، الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، لائحتين منفصلتين، فيما توحدت أحزاب المعارضة الرئيسية الثلاثة في قائمة موحدة. ولم يشر أي من هؤلاء حتى الآن إلى تحالفاتهم المرتقبة، ولكن في حال تمكنوا من حشد أصوات كافية، فقد يصبحون محط تودد لمعسكري العبادي والمالكي. يشار الى أن عددا كبيرا من القادة الأكراد يعربون عن رفضهم ومعارضتهم العلنية لقوات الحشد الشعبي. -دور إيران- ترشح العبادي في مواجهة المالكي، يمثل انقساما غير مسبوق في حزب الدعوة، المعارض التاريخي لنظام صدام حسين الذي أطاحه الأميركيون خلال اجتياح العراق عام 2003، والذي ينتمي إليه العبادي والمالكي. ويدخل المالكي (67 عاما) الانتخابات بائتلاف "دولة القانون"، التحالف السياسي الذي فاز في الانتخابات السابقة. ولكن في العام 2014، فشلت محاولات المالكي للبقاء رئيسا للوزراء لولاية ثالثة، بعيد انهيار القوات العراقية أمام اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية. وقال المتحدث باسم المالكي، عباس الموسوي لوكالة فرانس برس إن "الخروج بلائحتين لا يعني أنها مواجهة بين شخصين، بل هي مواجهة بين مشروعين ورؤيتين وتحالفات مختلفة". وأضاف أن "حزب الدعوة تبنى القائمتين، ولم يمارس علينا أي ضغط إقليمي، لا إيراني ولا أميركي". لكن رغم ذلك، أكد المحلل السياسي عصام الفيلي لوكالة فرانس برس أن "إيران سيكون لها الدور الكبير، ولن تسمح للكيانات الشيعية أن تتشرذم"، مشيرا إلى أنه "حتى اطراف سنية ستدعم التحالفات الشيعية" بتأثير من ايران.علي شقير © 2018 AFP
مشاركة :