قال الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق، إن تدوين السنة بدأ في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مستدلا بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سمح للصحابة بأن يكتبوا الأحاديث لرجل اسمه أبوشاه من أهل اليمن، لأنه لا يستطيع الحفظ ويريد إخبار أهل بالأحاديث حينما يعود إلى بلده.واستشهد «جمعة» خلال لقائه ببرنامج «والله أعلم» بحديث أبي شاه أخرجه البخاري من حديث أَبُي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَامَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهَا لا تَحِلُّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَإِنَّهَا لا تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي فَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلا يُخْتَلَى شَوْكُهَا وَلا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلا لِمُنْشِدٍ وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا أَنْ يُفْدَى وَإِمَّا أَنْ يُقِيدَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّا نَجْعَلُهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا الإِذْخِرَ فَقَامَ أَبُو شَاهٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ : اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اكْتُبُوا لأَبِي شَاهٍ» رواه البخاري (اللقطة/2254 ) ومسلم (الحج/1355).وتابع: إن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضى الله عنهما- يعد من أوائل من كتب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأحاديث، وكان أبوهريرة -رضيالله عنه- متفرغًا لحفظ الأحاديث والتلقي من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكان من أهل الصُفة الذين اختصهم رسول الله بجزء من المسجد -وهم فقراء المهاجرين الذين جاءوا المدينة- ولا مأوى لهم، وكان رسول الله يصرف عليهم، وكانوا متفرغين للعلم.ولفت المفتي السابق إلى أن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه-، كنت قريش تتهكم عليه لأنه يكتب كل كلمة يقولها الرسول، مستدلًا على ذلك بما روي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُرِيدُ حِفْظَهُ فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ، وَقَالُوا : تُكْتَبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، قَالَ: فَأَمْسَكْتُ فَذَكَرْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا خَرَجَ مِنِّي إِلا حَقٌّ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى فَمِهِ» وأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ، عَنْ مُسَدَّدٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ؛ إِلا أَنَّهُ قَالَ: «مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلا حَقٌّ».
مشاركة :