أظهرت اجتماعات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية أن «السلطة» تتجه في المرحلة المقبلة إلى تبني موقف دفاعي من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام، لكنها لن تذهب إلى مواجهة مفتوحة مع إسرائيل. وقال مسؤولون فلسطينيون إن ما يقلق الرئيس محمود عباس في شأن المرحلة المقبلة، توقعاته بأن تحاول الإدارة الأميركية فرض ما تسميه «صفقة القرن» على الفلسطينيين، وليس فقط اعتراف هذه الإدارة بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، ونقل السفارة إلى المدينة. ولفتوا إلى أن لديهم معلومات من مسؤولين أوروبيين تشير إلى أن ترامب وفريقه سيحاولون، في المرحلة المقبلة، فرض الحل على أرض الواقع، مستغلين في ذلك ضعف الوضع الفلسطيني وانشغال الدول العربية بأوضاعها الداخلية، وضعف تأثير القوى الدولية الأخرى في الموضوع الفلسطيني. وأشارت مصادر مقربة من عباس إلى أن مصادر أوروبية أبلغته أن فريق ترامب أعد خطة للحل السياسي تنص على حصر الدولة الفلسطينية في قطاع غزة وفي نصف مساحة الضفة الغربية، وبقاء السيطرة الإسرائيلية على النصف الآخر من الضفة، بما فيها القدس الشرقية والأغوار والمستوطنات والمناطق المحيطة بها. وأضافت: «يقول الأميركيون في اللقاءات الخاصة إن خطتهم ليست للتفاوض وإنما للتطبيق»، في إشارة إلى أنها ستحاول فرضها على الفلسطينيين بالقوة. وأكد أحد مساعدي عباس: «نعرف ما يعدون لنا، ونعرف مواطن ضعفنا، وهي كثيرة، لكن لدينا عنصر قوة كبير، وهو القلم الذي توقع فيه الاتفاقات». وأضاف: «عباس لن يوقع شيئاً، وبالتالي لن ينجحوا في تمرير خططهم». وقال الدكتور أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير: «نعرف أنهم يعدّون لفرض حلول تصفوية علينا، لكنهم لن ينجحوا». وأضاف: «لن يجدوا فلسطينياً واحداً يقبل بما يعرضون، وسنقاوم أي محاولة لفرض أي حل علينا». وأكد مسؤولون أن عباس سيعود مجدداً إلى الحلبة الدولية لحشد دعم دولي في مواجهة ترامب وخطته المزعومة. وأوضح عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» الدكتور محمد أشتية أن الرئيس سيقوم بجولة أوروبية الأسبوع المقبل يطرح خلالها على الدول الأوروبية تبني عقد مؤتمر دولي للسلام. لكن مراقبين يرون أن عباس لن يذهب إلى خيار مواجهة مفتوحة مع إسرائيل خشية أن يؤدي ذلك إلى انهيار السلطة. وقال مسؤول بارز: «الرئيس أراد أن يعلن في خطابة أمام المجلس المركزي عن إنهاء مرحلة أوسلو، وعن بداية البحث عن مسار آخر، لكنه لن يغامر بالدم الفلسطيني... بل يبحث عن مسار سياسي يترافق مع مقاومة شعبية سلمية، لكنه لن يكرر تجربة غزة التي وصلت إلى مرحلة لم تعد قادرة على توفير الكهرباء والمياه للمواطنين». وعرض مسؤولون فلسطينيون أثناء اجتماعات المجلس المركزي، إلغاء اتفاق أوسلو، وإلغاء الاعتراف بإسرائيل، والاتفاقات الموقعة معها. لكن مقربين من عباس قالوا لـ «الحياة» إن الرئيس سيعمل على التحرر من القيود التي فرضتها الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل من دون الدخول في مواجهة معها. وأوضح مسؤول بارز: «سنعمل على تغيير منظومة العلاقات القائمة مع إسرائيل حيثما كان ذلك ممكناً، لكننا لن ندخل في مغامرات غير محسوبة». وأضاف: «اقترح البعض إلغاء اتفاق باريس الاقتصادي، ولكن إذا وجدنا أن إلغاءه سيتسبب في وقف تدفق التحويلات الجمركية من إسرائيل إلى خزينة السلطة، فإننا لن نفعل»، علماً أن هذه التحويلات، بموجب الاتفاق، تشكل أكثر من ثلثي موازنة السلطة. وأضاف: «كما أننا لن نستطيع تغيير جوازات السفر، والانفصال عن مركز المعلومات الإسرائيلي للسكان لأن إسرائيل تسيطر على المعابر والطرق الخارجية... لا نريد أن نجعل حياة شعبنا مستحيلة على أرضه، لكننا سنعزز عوامل القوة الداخلية والخارجية في مواجهة الاحتلال ومخططاته». وكشف الرئيس عباس في خطابه بعض ملامح العرض الأميركي المقبل، منها إقامة عاصمة للدولة الفلسطينية في بلدة أبو ديس الواقعة شرقي مدينة القدس. وقال: «هذا ما يعرضوه علينا هذه الأيام». وأكد أن إسرائيل «أنهت أوسلو»، مضيفاً: «أننا سلطة من دون سلطة وتحت احتلال من دون كلفة، ولن نقبل أن نبقى كذلك». وزاد: «قلنا لا لترامب ولن نقبل مشروعه»، مشدداً على «أننا لا نقبل أن تكون أميركا وسيطاً بيننا وبين إسرائيل». وأكد أن الفلسطينيين يرغبون في عملية سلام تقودها لجنة دولية أو مؤتمر دولي من أربعة- خمسة (دول أو أطراف)... أميركا بمفردها لا».
مشاركة :