مجالات الإنفاق ومبررات القلق من الديون

  • 1/16/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بلغ الدَيْن العالمي 217 تريليون دولار نهاية عام 2016، وارتفع إلى 233 تريليوناً في الربع الثالث من عام 2017 وفقاً لبيانات من معهد التمويل الدولي. ما يعني أنه زاد نحو 16 تريليون دولار على إجمالي الدَيْن العالمي بنهاية عام 2016، ويعادل ما يقرب من 311 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي المقدر بنحو 75 تريليون دولار عام 2017. في ضوء الكم الهائل من الديون العالمية، لا بد من طرح سؤال مفاده: هل هذه المديونية العالمية مقلقة، ولمن؟ تفيد بيانات معهد التمويل الدولي بأن المديونية العالمية موزعة على القطاعات الأربعة الرئيسة، أي الشركات غير المالية وتبلغ مديونيتها 68 تريليون دولار (29 في المئة من إجمالي المديونية العالمية)، والحكومات في جميع أنحاء العالم وتبلغ مديونيتها 63 تريليون دولار (27 في المئة من إجمالي المديونية العالمية)، والمؤسسات المالية وتبلغ مديونيتها 58 تريليون دولار (23 في المئة من إجمالي المديونية العالمية)، والأسر وتبلغ مديونيتها 44 تريليون دولار (19 في المئة من إجمالي المديونية العالمية). في ضوء توزيع المديونية العالمية يبرز سؤال عن كيفية حدوثها. مثلاً، كيف نشأت مديونية حكومات العالم البالغة 63 تريليون دولار؟ عندما تكون نفقات الحكومة أكبر من ايراداتها، ينشأ عجز في موازنتها. وهذا العجز يمول عادة بالاقتراض. ويكون الاقتراض من الخارج أو من داخل الاقتصاد المحلي، أو من الاثنين معاً. فالاقتراض الخارجي يخلق أعباء على الاقتصاد المحلي يتجسد في دفع فوائد واقساط بالعملات الأجنبية التي يجب أن يوفرها الاقتصاد المحلي من خلال صادراته. ففي عام 2017 قدر الدَين الخارجي للدول الصاعدة والنامية بمبلغ 9.1 تريليون دولار ، منها نحو 1.2 تريليون ( 13.2 في المئة من الدَين الخارجي للدول الصاعدة والنامية) لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (منطقة «مينا»). وقدرت خدمة الدَين الخارجي للدول الصاعدة والنامية بنحو 3.1 تريليون دولار عام 2017، منها نحو 324 بليون دولار خدمة الدَين الخارجي لدول منطقة «مينا» بحسب بيانات صندوق النقد الدولي. أما الاقتراض المحلي فلا يضع أعباء على الاقتصاد، لأن الدائن والمدين هما من الاقتصاد المحلي. وفي هذا المجال، لا شك في أن اقتراض الحكومة من الاقتصاد المحلي سواء من القطاع الخاص او من البنك المركزي لتمويل استثمارات محلية، سياسة اقتصادية مفيدة وناجعة في ظل انخفاض نشاط القطاع الخاص وتراجع التضخم وارتفاع البطالة، لأن مفعولها على الاقتصاد يتجسد في تنويعه باعتماد توسيع القاعدة الإنتاجية، أي خلق أصول جديدة تزيد ثروة الدولة، يومكنها من خلق فرص عمل وبالتالي تقليص البطالة. الخوف والقلق من ارتفاع المديونية مبرر، إذا كانت الديون استخدمت لأغراض الاستهلاك أو لمشاريع لا تعطي عائداً يغطي تكاليف القروض المتمثلة في فوائد على المال المقترض، والأقساط المتوجب سدادها في تواريخ محددة. أما مديونية الحكومات التي تستخدم لتمويل مشاريع مجدية مالياً واقتصادياً، فمرحب بها بل مطلوبة لأنها تخلق ثروة جديدة للاقتصاد. لذلك من المستحسن أن نشجع تمويل المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية من البنوك المركزية، إذا اتسم الاقتصاد بتضخم ضئيل وبطالة عالية وقطاع خاص غير نشط اقتصادياً.   *كاتب متخصص بالشؤون الاقتصادية.

مشاركة :