أكد سعادة الشيخ عبد الله بن سعود آل ثاني -محافظ مصرف قطر المركزي- أن «المركزي» يدرس بحذر موضوع العملات الإلكترونية التي انتشر استخدامها بشكل واسع خلال الفترة الأخيرة، وقال المحافظ: «نحن نفكر في إصدار عملات افتراضية رقمية، إذا كانت الفرصة متاحة لذلك، وأن تتوافر مقومات طرحها في السوق». موضحاً أن العملات الرقمية تسهل المدفوعات والتجارة الإلكترونية. جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقاها محافظ مصرف قطر المركزي في جامعة كارنيجي ميلون في قطر.أضاف الشيخ عبد الله بن سعود: «لم نتخذ أية مبادرة من خلال وضع تشريعات حول البتكوين، ولم نستهدف عملة بعينها، ولن نركز على عملة افتراضية واحدة، بل إرساء أفضل الممارسات لمثل هذا النوع من العملات». تسهيل المعاملات وقال المحافظ: نحن ننظر للعملة الرقمية باعتبارها ستكون إحدى العملات المهمة المستقبلية التي يتم تداولها عالمياً بهدف تسهيل المعاملات الإلكترونية. وليس لدينا مانع في أن تكون هناك عملة رقمية من خلال النظم والتشريعات التي تنظم تداولها بشكل قانوني، وهو أحد أهدافنا في استراتيجية المستقبل، وذلك لأهمية العملة الرقمية. وأكد المحافظ أهمية التكنولوجيا المالية في الاستراتيجية المالية الجديدة للدولة؛ حيث تحقق التكنولوجيا المالية المساعدة في تنفيذ الأهداف التي حددها مصرف قطر المركزي لاستراتيجية القطاع المالي، مشيراً إلى دور بنك قطر للتنمية وذلك بإنشاء حاضنة خاصة للتكنولوجيا المالية. كما أن مصرف قطر المركزي يعمل في الوقت الراهن على إعداد التوجيهات الرقابية ومتطلبات الترخيص لمثل هذا النوع من الاستثمارات، مؤكداً توافر الفرص في مجالات المدفوعات الرقمية، وإدارة الأموال، والإقراض، ومكافآت الولاء، والتحويلات، والاستثمارات، والخدمات الاستشارية. وأشار المحافظ إلى زيادة تمويل التكنولوجيا المالية خلال السنوات الماضية على المستوى العالمي؛ حيث بلغت قيمتها 5 مليارات دولار عام 2013، وارتفعت إلى 13 مليار ريال عام 2014، وواصلت ارتفاعها إلى 22 ملياراً في 2015. موضحاً نمو التكنولوجيا المالية عالمياً بنحو 66 % سنوياً خلال الفترة من 2010 -2015. التكنولوجيا المالية وأكد محافظ قطر المركزي أن قطر استطاعت أن تنافس في التكنولوجيا المالية بالمنطقة المنطقة من خلال قطاع التجزئة بالبنوك، ودراسة ما يحتاجه المستهلك وتوفير الخدمات المالية. وقال المحافظ: بدأنا عدة استراتيجيات منفصلة من أجل إنشاء منافذ التكنولوجيا المالية والالتزام بتمويلها من خلال مشاريع بنك قطر للتنمية وحاضنة قطر للأعمال. مشيراً إلى أن البنوك والجهات التنظيمية يتعين عليها التعاون مع شركات التكنولوجيا المالية لتوفير أفضل الخدمات الممكنة للعملاء. وأوضح المحافظ محدودية الاستثمار في التكنولوجيا المالية في المنطقة؛ حيث تصل إلى 0.1 % من استثمارات التكنولوجيا المالية في العالم، وأن البنوك وشركات التأمين في المنطقة لديها نمو صغير في هذا المجال. وقال إن البنك الدولي أشار إلى أن العجز في تمويل المشاريع بالمنطقة يصل إلى نحو 260 مليار دولار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأن تكلفة التكنولوجيا المالية ستكون عالية في حال أنها عملت منفصلة عن البنوك. وأضاف أن شركات التكنولوجيا من المتوقع أن تهدد البنوك، كما أن البنوك تحتاج للاستحواذ على المشاريع الناشئة، مما يجعل التعاون ضرورياً بين شركات التكنولوجيا والبنوك. المنافسة وأكد الشيخ عبد الله أن البنوك في المنطقة يجب أن تكون أكثر نشاطاً في مختلف الأشكال، مبيناً أن أهم عوامل النمو في البنوك في الفترة المقبلة حسب ما وضحت الدراسة هو الرقمنة. وأشار سعادته إلى نمو التكنولوجيا المالية عالمياً بنحو 66 %، وذلك في أعلى معدل نمو سنوي خلال الفترة من 2010 -2015، مشيراً إلى دور قطر البارز في قدرتها على المنافسة في هذا القطاع بين دول المنطقة عبر قطاع بنوك التجزئة، التي تأخذ بعين الاعتبار تطورات الوضع التكنولوجي العالمي وما يحتاج إليه العملاء والمستهلكون. ولفت إلى أن شركات التكنولوجيا المالية ترى أن أكثر الإمكانيات المتاحة قد تكون في قطاعات الاستثمار وإدارة الأصول، وذلك بنسبة 55 %، بينما في نظام المدفوعات بنسبة 54 %، ونسبة 52 % للتمويل الجماعي والإقراض، ونسبة 48 % للعملات الافتراضية وتقنية «البلوك تشين»، وإدارة البيانات بنسبة 48 %، والتأمين بنسبة 32 %. ابتكارات مالية وأوضح الشيخ عبد الله أن التكنولوجيا المالية «الفينتك» تُعرف على أنها ابتكارات مالية تستخدم التكنولوجيا لاستحداث نماذج أعمال، أو تطبيقات، أو عمليات، أو منتجات جديدة لها أثر ملموس على الأسواق والمؤسسات المالية، وتعمل على توفير الخدمات المالية. وبما أن التكنولوجيا المالية تعتمد على التقاء أكثر قطاعات الأعمال حيوية، وهما قطاعي المال والتكنولوجيا، فقد أعادت تحديد ورسم وتوجيه دائرة الأعمال في أنحاء العالم كافة. وبالاستناد إلى تقرير صادر عن «وامدا»؛ فإن العالم العربي كان، مع نهاية عام 2015، يضم أكثر من 105 شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في 12 دولة. وأشار إلى أنه بحسب ما أصدرت منظمة التجارة العالمية تقريراً يفيد بأن إجمالي الاستثمار في التكنولوجيا المالية على مدى خمسة أعوام، خلال الفترة الممتدة من عام 2010 إلى عام 2014، في الشرق الأوسط هو 0.9 مليار دولار، وهي تفوق مثيلتها المسجلة في كل من أميركا اللاتينية وإفريقيا. ومع الطفرة المتوقعة في التجارة الإلكترونية وازدياد التركيز على المنتج المناسب من حيث التكلفة، فمن المتوقع أن تؤدي التكنولوجيا المالية دوراً مهماً في قيادة الخدمات المالية في المستقبل القريب. مقوّمات الثقة ومع ازدياد أهمية التكنولوجيا المالية، تأتي ضرورة تعزيز الآليات القوية للأمن السيبراني؛ كي لا تضيع فوائد التكنولوجيا المالية. ويتطلب هذا الأمر مستوى معيناً من الاستعدادات في العديد من المجالات، ومنها الحوكمة السيبرانية مثل فهم وتحليل التقنيات السيبرانية والوقائع الأمنية بشكل أفضل، والشراكات الأمنية مثل ضمان الشراكات الأمنية الموثوقة بين مختلف مكوّنات النظام المالي. وكذلك ترسيخ مقوّمات الثقة مثل استخدام المعاملات الموثوقة الكاملة، كتقنيات «البلوك تشين» وهي تقنية رقمية لتسجيل المعاملات والتحقق منها و»تقنيات الأمن المتقدّمة»، مثل القياسات الحيوية الفيزيائية والسلوكية؛ وعليه يجب طرح مسألة تطوير وتنمية قدرات الأمن السيبراني بشكل واضح. ولطالما كانت قطر السباقة إلى تطوير آليات الدفاع السيبراني؛ حيث قام مصرف قطر المركزي في يونيو 2017 بإطلاق ونشر الاستراتيجية الخاصة بأمن المعلومات في القطاع المالي بالدولة، وهي تتألف من خمس وظائف متزامنة ومستمرة. دور فاعل من جانبه علّق البروفيسور مايكل تريك، عميد جامعة كارنيجي ميلون في قطر، على المحاضرة بقوله: «أثار سعادة الشيخ عبدالله مفهوم العمل الجماعي المهم مع تبنّي قطر والعالم للتكنولوجيا المالية بوصفها طريقة مواتية لأداء الأعمال. ويتعين على علماء الحاسوب والخبراء الماليين والقيادات المهنية والحكومية أداء دور فاعل بهذا الصدد، ومن الملهم بالنسبة لطلابنا أن يتخيلوا كيف يمكنهم المساهمة في هذا الأمر».;
مشاركة :