أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مشاركة فصائل من المعارضة السورية، في العملية العسكرية المرتقبة ضد المقاتلين الأكراد في منطقة عفرين في محافظة حلب السورية. وقال أردوغان في خطاب أمام نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في أنقرة أمس، إن قوات من المعارضة السورية «ستشارك طبعاً» في عملية عفرين، مضيفاً: «هذا الصراع يُدار من أجلهم وليس من أجلنا»، مشيراً إلى أن النظام السوري أيضاً يعارض مشروع الولايات المتحدة إنشاء «قوة أمنية حدودية» بقيادة الأكراد، ويعتبره تهديداً له. وشدّد على أن قوات بلاده بالتعاون مع فصائل معارضة تدعمها أنقرة، «ستقوم خلال مدة قصيرة بالقضاء على أوكار الإرهاب واحداً تلو الآخر بدءاً من عفرين ومنبج». وأكّد أنّ «ما من أحد سيتمكن من عرقلة» تركيا في مساعيها الرامية إلى «مكافحة التنظيمات الإرهابية» في سورية، مضيفاً: «أولئك الذين يتظاهرون بالتحالف معنا ويحاولون في الوقت نفسه طعننا من الخلف، لن يستطيعوا عرقلة مكافحتنا التنظيمات الإرهابية». وقال الرئيس التركي متوجّهاً إلى أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو): «أنتم ملزمون بالوقوف في صف أي شريك لكم في حال تعرضه لاعتداء حدودي. لكن حتى الساعة، أي سلوك اعتمدتم؟». وأوضح أنه «لن يبادر» بالاتصال بالرئيس الأميركي دونالد ترامب للتباحث في الشأن السوري، وأضاف: «تحدثنا سابقاً حول هذه الأمور وكان من المفترض أن يتصل بي، وطالما لم يتصل، لن أبادر بذلك». وأشار، في المقابل، إلى مواصلة «الاتصالات الديبلوماسية» مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وشدّد قائد الجيش التركي خلوصي آكار على أن بلاده «لن تسمح» لـ «وحدات حماية الشعب» الكردية بتلقي الدعم، مضيفاً أنه يجب على الـ «ناتو» ألا يفرق بين الجماعات «الإرهابية». وقال خلال اجتماع للحلف في بروكسيل أمس إن أنقرة «لا يمكنها ولن تسمح بوصول الدعم والتسليح لجماعة وحدات حماية الشعب الإرهابية باعتبارها شريكاً في العمليات»، مضيفاً: «نأمل بأن يصحح هذا الخطأ في أقرب وقت». وكان مقرراً أن يلتقي آكار نظيره الأميركي جوزيف دنفورد، على هامش اجتماع اللجنة العسكرية لـ «ناتو» في بروكسيل، لمناقشة آخر المستجدات على الساحة السورية، ومسائل أمنية إقليمية أخرى. ولفتت وكالة «الأناضول» التركية إلى أن أهمية اللقاء تكمن في تزامنه مع إمكان شن القوات التركية العملية ضد عفرين. في غضون ذلك، دعت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) الأطراف كافة إلى «التهدئة» على الحدود التركية- السورية، وأكدت في الوقت ذاته الأخذ في الاعتبار قلق أنقرة إزاء المقاتلين الأكراد، الذين تعتبرهم امتداداً لـ «حزب العمال الكردستاني» المُصنّف إرهابياً على أراضيها. وقال الناطق باسم الـ «بنتاغون» أدريان رانكين-غالواي في تصريحات أول من أمس، أن الولايات المتحدة تتعاون بصورة وثيقة مع حلفائها في حلف «ناتو» بما فيها تركيا، في ما يتعلق بدعم واشنطن «الوحدات» الكردية التي تمثل هيكلاً أساسياً في «قسد»، باعتبارها «شريكاً لا غنى عنه في الحرب ضد داعش في سورية». وأضاف: «نفهم قلق تركيا من ناحية أمنية من نشاط حزب العمال الكردستاني ولا نقدم أي دعم له». وصعّدت تركيا أخيراً تهديداتها بشنّ الهجوم على عفرين في أي لحظة، إثر إعلان التحالف الدولي العمل مع «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) وفصائل أخرى على تشكيل «قوة حدودية» يصل قوامها إلى 30 ألف فرد في سورية. وترجمت أنقرة هذا التصعيد ميدانياً في سورية، إذ دفع الجيش التركي بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى وحداته المتمركزة على الحدود مع سورية. وأفادت وكالة «الأناضول» بأن قافلة التعزيزات ضمّت 24 مركبة مدرعّة لنقل الجنود وعربات التشويش العسكرية. ولفتت إلى قيام حرس الحدود، بدوريات متواصلة عند الشريط الحدودي المحاذي لمدينة عفرين، إضافة إلى إقامة تحصينات على بعض النقاط القريبة من الحدود. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن القوات التركية واصلت خلال الأيام الماضية تصعيدها العسكري على عفرين، من خلال استهدافها بالمدفعية والقذائف الصاروخية. منظومة دفاع جوي أميركية إلى ذلك كشفت صحيفة «خبر تورك»، نقلاً عن مصادر عسكرية، تفاصيل خطة الهجوم على عفرين. وأوضحت أن قصفاً مكثفاً على 150 هدفاً لـ «الوحدات» سيمهّد للهجوم البري على المدينة. وأضافت أن المرحلة الأولى من هذه العملية ستستغرق نحو 6 أيام وستشارك فيها القوات الجوية، إضافة إلى المدفعية التركية المنتشرة على الحدود. أما في المرحلة الثانية التي تعقب القصف الجوي، فستستقدم القوات التركية دبابات مصفحة على مواقع «الوحدات». وأشارت الصحيفة إلى أن الدبابات ستزود بأجهزة التشويش لتعطيل شبكة الاتصالات والرادارات والذخائر الموجهة بأنواعها وغيرها. ولفتت إلى أن القوات التركية قد تستقدم وحدات القوات الخاصة لتنفيذ «عملية التطهير النهائي» في عفرين «إذا دعت الحاجة»، لافتة إلى أن المقاتلين الأكراد حصّنوا مواقعهم وحفروا خنادق في تسع مناطق قد يستخدمونها لإجبار القوات التركية على خوض حرب استنزاف. في غضون ذلك، أفادت صحيفة «يني شفق» التركية بأن الوحدات الكردية تسلّمت من الجيش الأميركي صاروخاً للدفاع الجوي يدعى «منظومات الدفاع الجوي المحمولة»، لصدّ الهجوم المرتقب على عفرين. وأضافت أن المقاتلين الأكراد نشروا صواريخ «كونكورس» و «تاو» الأميركي المضادة للدبابات على طول الحدود مع تركيا، إضافة إلى أسلحة قناصة حديثة يبلغ مداها 4 كيلومترات.
مشاركة :